بتأثر بالغ وتواضع لا يصدر إلا عن الكبار، تسلمت المخرجة الفرنسية أنييس فاردا النجمة الذهبية للمهرجان الدولي للفيلم الذهبية، ضمن احتفالية كبرى احتضنها قصر المؤتمرات بمراكش أمس الأحد. وإذا كان روبير دي نيرو، غالب دموعه ليلة تكريمه يوم السبت الماضي ضمن فعاليات المهرجان، لم تستطع فاردا منع دموعها التي انهمرت مع تصفيقات نجوم السينما العالميين الذي أصروا على حضور حفل تكريمها، وعلى رأسهم المخرج الأمريكي مارتن سكورسيزي. فاجأت فاردا، التي تعد إحدى أكثر المخرجات دفاعا عن قضايا المرأة في أفلامها وواحدة من أهم صناع الموجة الجديدة الفرنسية، الحضور بكلمتها المؤثرة التي تحمل من العنفوان والتواضع الكثير فقالت، "أشكر كل الحضور ممن يشتغلون أمام الكاميرا أو خلفها، وأنا واحدة منهم، لكني أحسني صغيرة أمامهم، مقارنة مع مواهب كبيرة أعشقها وأحبها". وأضافت "الزعيمة" كما يلقبها أغلب من اشتغل معها، "نعمل نحن السينمائيون جميعا على إطلاق العنان لخيالنا ولفننا، رغم بعض الصعوبات التي يواجهها البعض". ولم يفت أنييس فاردا توجيه الشكر لجلالة الملك محمد السادس، ولصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، على الرعاية والإشراف الفعلي على المهرجان، وقالت، "لقد تمت استضافتي وأبنائي بحفاوة كبيرة من قبل إدارة المهرجان". سعادة أنييس فاردا بالنجمة المهرجان الدولي للفيلم ليلة أول أمس، لم تقل عن سعادتها بالعديد من الجوائز التي حصدتها على مدى مسارها الفني، ومنها جائزة الأسد الذهبي في مهرجان البندقية، والسعفة الذهبية الفخرية بمهرجان "كان"، والأوسكار الفخري وغيرها. أكدت فاردا المصورة، والسيناريست، والممثلة، والمخرجة، والفنانة التشكيلية التي لا يبدو أن هناك حدودا لفضولها الهائل، وموهبتها العالية، أنه مازال في جعبتها الكثير، علما أن آخر أفلامها "وجوه وأماكن" (Visages, Villages)، الذي أنجزته مع الفنان الشاب "JR" مرشح لجوائز الأوسكار 2018، وهو دليل آخر على حرية هذه الفنانة الاستثنائية، وقدراتها الإبداعية الهائلة. وقالت المخرجة الفرنسية في لقاء مع أهل الصحافة ليلة أول أمس الأحد على هامش المهرجان، "كنت أحب مراكش حتى قبل وجود المهرجان، ولكن إضافة السينما يجعلني أكثر سعادة بالعودة إليها ولقاء معشر السينمائيين ومحبي السينما المغاربة والدوليين". الجدير بالذكر أن أنييس فاردا درست تاريخ الفن والفوتوغرافيا، وعملت مصورة لدى المسرح الوطني الشعبي، ثم أنجزت أول فيلم لها Pointes courtes سنة 1955، وهو فيلم سبق الموجة الجديدة في ظهوره، حيث احتوى العديد من خصوصياتها، ما فسرته فاردا خلال أحد حواراتها بالقول، "أفضل أن أقوم بأفلام مطابقة لهذا العصر، على أن أركز على التقاليد الكلاسيكية للسينما".