مع حلول شهر رمضان الكريم، يجدد المغاربة موعدهم مع عدد من الطقوس الروحية العريقة، ومن أبرزها أمسيات الإنشاد، والسماع الصوفي، والمديح النبوي، التي يتم إحياؤها عبر ربوع المملكة في إطار مهرجانات وحفلات خاصة. ويتميز فن الإنشاد في المغرب بتنوع أساليبه ومواضيعه، فهناك من ينشد هذا المديح بالطريقة الشرقية، وهناك من ينشده بالطريقة المغربية الأصيلة، إما في قالب يطبعه الملحون، أو الأندلسي، أو السماع الصوفي، أو في إطار المزج بين كل هذه الفنون. للتعريف أكثر بفن الإنشاد في بلدنا، تجري "الصحراء المغربية"، طيلة شهر رمضان، حوارات مع العديد من المنشدين المغاربة، لتسليط الضوء على مساراتهم الفنية وإبراز مشاركاتهم القيمة في المحافل والمسابقات الدولية التي تخص الإنشاد، والتي بوأت العديد منهم أعلى المراتب وأسماها.
أتحمل حاليا مسؤولية الأمانة العامة داخل الرابطة الوطنية الكبرى للمديح والسماع بالمغرب - كيف كانت بداية إسماعيل بوجيا مع فن الإنشاد؟ بدايتي كانت في المرحلة الابتدائية من خلال حفلات المدارس، التي تدرجت بها والأندية، والجمعيات، التي كانت تنظم مباريات تحفيظ القرآن الكريم، وإنشاد قصائد في مدح الرسول صلى الله عليه وسلم، فكنت من المحظوظين لانتمائي لعائلة محافظة، وابن جيل وحقبة زمنية تربوية رائدة أعتز بهما، ما ساعداني كثيرا على بناء شخصيتي وقوتا ميولي نحو ذكر الله ومدح رسوله الكريم. وقد كانت لي مشاركات في العديد من المناسبات الدينية والحفلات والأنشطة الموازية المتنوعة، التي يكون لي فيها دائما نصيب مهم في الأداء، الشئ الذي كان مثار إعجاب المهتمين، وتشجيع كبير من طرف المتتبعين، ما فتح لي باب الإنشاد والسماع على مصراعيه، ومنح لي بالتالي، الفرصة للتعمق، ودراسة كل مناحيه، فأسست رفقة ثلة من الإخوة المنشدين "جمعية الشمائل المحمدية المباركة للمديح والسماع"، وأتحمل حاليا مسؤولية الأمانة العامة داخل الرابطة الوطنية الكبرى للمديح والسماع بالمغرب.
- مشاركاتك في المهرجانات الخاصة بالإنشاد تبدو قليلة مقارنة مع المؤهلات التي تتوفر عليها؟
بالعكس، شاركت وأشارك في العديد من المهرجانات الإنشادية داخل الوطن وخارجه، لكن عدم ظهور هذه الأنشطة على شاشة التلفزيون جعل الكثير من الجمهور لا يعرفها، كما ساهمت في مجموعة من المناسبات والمهرجانات بكل من مدن أكادير، والحسيمة، ووجدة، والناظور، وقمت بإحياء العديد من المناسبات الأخرى خارج أرض الوطن تلبية لدعوات هيئات وجمعيات بكل من جمهورية تونس الشقيقة، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمملكة العربية السعودية، وفرنسا.
- هل أنتم ممن يؤيدون الإنشاد بمرافقة الآلات الموسيقية؟ لست ممن يصدرون الأحكام الشرعية المنافية لمثل هذه المسائل وإن كانت لدي قناعة كبيرة بقول المجيزين له، لكنني لا أرى مانعا من مرافقة بعض الآلات الإيقاعية والموسيقية أثناء الأداء، لما تعكسه من إضافات تخدم الأنشودة بدرجات كبيرة، بل تجعلها أكثر متعة لدى المتلقي، شريطة الحفاظ على الأشعار والأوزان الأصلية، واحترام مبادئ فن الإنشاد الملتزم، على اعتبار الخصوصية التي يتمتع بها الفنان المنشد والمتشبعة بأخلاق تميزه عن غيره.
- هل الفيديو كليب يخدم فن الإنشاد؟ وهل تفكر في استعمله في أناشيدك؟
بالتأكيد الفيديو كليب يخدم كثيرا النشيد من جوانب عديدة، أهمها التعريف بهذا الفن الجميل والهادف، وأيضا التعريف بالمنشدين أنفسهم ومحيطهم المستهدف بالتصوير، مثل تسويق الصورة المشرقة للفضاءات أو المدينة المراد تسويق معالمها. وفي هذا السياق، أقول للجمهور الكريم انتظروا جديد أعمالي في الأيام القليلة المقبلة، وسيكون عمل مشترك عبر فيديو كليب بمدينة مكناس مع الفنان العالمي سامي يوسف، تحت عنوان "مولانا، انأ الفقير إليك".