افتتحت، مساء أول أمس الأربعاء، بالرباط المناظرة الوطنية حول المناصرة من أجل المصادقة على الاتفاقية الإطار لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ في المغرب. ويهدف هذا اللقاء الذي نظمته وزارة الصحة بمشاركة مؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان ودعم منظمة الصحة العالمية إلى تحسيس وتعبئة كل الفعاليات الوطنية من أجل المصادقة على الاتفاقية الإطار لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ، باعتبارها إجراء مهما للصحة العالمية يتوخى الوقاية من الأمراض والوفيات الناجمة عن استهلاك التبغ. وتفيد معطيات لوزارة الصحة قدمتها خلال هذه المناظرة، انطلاقا من نتائج بعض الدراسات، أن المغاربة يستهلكون حوالي 15 مليار سيجارة سنويا بقيمة مالية تقدر في المتوسط ب15 مليار درهم سنويا، وأن الكمية المتوسطة من السجائر المصنعة، التي يتم تدخينها من قبل الذكور يوميا تقدر ب16 سجارة و8 سجائر بالنسبة للإناث. وتمثل نفقات التدخين لدى المدخنين على الأقل 1000 درهم في الشهر. وانطلاقا من معطيات وزارة الصحة، يمثل الشباب الذين تفوق أعمارهم 15 سنة ممن يدخنون السجائر بصفة يومية أو مؤقتة 31.6 في المائة بين الذكور و3.3 في المائة بين الإناث، فيما يتعاطى حوالي 41 في المائة من السكان السجائر من النوع الرديء. وفي المدارس، حسب وزارة الصحة، انتقلت نسبة التدخين بين التلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة من 9.6 في المائة سنة 2001 إلى 7.8 في المائة سنة 2010، والإناث أقل إقبالا من الذكور على التدخين، فيما يُقبل حوالي 5 في المائة من التلاميذ على الشيشة. وأشارت معطيات وزارة الصحة، في ما يتعلق بالتدخين غير المباشر، أن 60 في المائة يتم داخل الأماكن العمومية و32 في المائة في البيئة الأسرية و17 في المائة داخل المحيط المهني. وتمثل الوفيات الناتجة عن التدخين71 في المائة ناتجة عن أمراض سرطانية و43 في المائة عن أمراض تنفسية و35 في المائة عن أمراض القلب والشرايين. وفي المغرب يتم سنويا اكتشاف 30 ألفا و500 حالة سرطان جديدة، يمثل فيها سرطان الرئة 23.8 في المائة في صفوف الرجال. وتعد الاتفاقية الإطار لمنظمة الصحة العالمية بشأن مكافحة التبغ أول معاهدة دولية تم التفاوض حولها تحت رعاية منظمة الصحة العالمية وسيكون للمصادقة عليها أثر إيجابي في مكافحة ظاهرة التدخين والتقليص من الآثار الصحية والاجتماعية والبيئية والاقتصادية لتعاطي والتعرض لدخان التبغ. كما أن تفعيل هذه الاتفاقية سيوفر منظورا جديدا حول التعاون الصحي الدولي، حيث يحدد الإطار القانوني للحماية ضد التعرض لدخان التبغ وتوعية المواطنين بأخطار التبغ وأخطار الترويج له وكذا التدابير الرامية إلى الحد من الطلب على منتوجات التبغ وطرق الإقلاع عن التدخين. وأكد عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، في كلمة تلاها بالنيابة عنه عبد الله باها، وزير الدولة، خلال افتتاح المناظرة الوطنية، أن هذا اللقاء يأتي في ظرفية دقيقة تتطلب تضافر جهود مختلف مكونات المجتمع لمكافحة ظاهرة انتشار آفة التدخين التي تشكل السبب الرئيسي الثاني للوفيات في العالم، مشيرا في هذا الصدد إلى المعطيات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية والتي تؤكد أن ظاهرة استهلاك التبغ تحصد سنويا أرواح حوالي 6 ملايين من الناس نحو 600 ألف منهم من غير المدخنين الذين يتعرضون للتدخين السلبي. وأضاف أن المغرب اعتمد برنامجا وطنيا لمكافحة التدخين في إطار الخطة الوطنية لمنع ومكافحة السرطان التي أعدت بشراكة بين وزارة الصحة ومؤسسة للا سلمى للوقاية وعلاج السرطان، مشيرا إلى أن هذه الخطة تتضمن 78 إجراء، ثمانية منها تخص مكافحة التدخين. من جهته، قال مولاي الطاهر العلوي، رئيس اللجنة العلمية لمؤسسة للاسلمى للوقاية وعلاج السرطان، في كلمة مقتضبة خلال تسييره للمناظرة الوطنية، إن هذه المناظرة تتوخى تسريع مسلسل مصادقة المغرب على الاتفاقية الإطار لمكافحة التبغ على مستوى مختلف هيئاته التشريعية، مضيفا أن المغرب شارك في صياغة هذه الاتفاقية وكان إلى جانب أعضاء منظمة الصحة العالمية الذين وقعوا في 16 أبريل 2004 على الاتفاقية التي تخص مكافحة التبغ والتي بلغت إلى حدود اليوم 177 دولة، لكنه لا يزال من بين الدول القلائل، التي لم يصادق جهازها التشريعي بعد على هذه الاتفاقية. وفي مداخلة له بالمناسبة، أكد كريم غلاب، رئيس مجلس النواب، أن البرلمان المغربي سبق له أن ناقش وصادق على مقترح قانون يمنع تدخين التبغ في الأماكن العمومية، مضيفا أنه حتى وإن لم يطبق هذا القانون فهو يبقى مرجعا لانخراط البرلمان في هذا الكفاح للقضاء على آفة التدخين. وشدد غلاب على أن هذه الظاهرة ينبغي أن تعالج على جميع المستويات، ووفق مختلف المساطر، مؤكدا أن القانون ليس كل شيء، وإنما تفعيل وأجرأة وتنزيل هذه القوانين على أرض الواقع. من جهته أشاد علاء علوان، المدير الجهوي لمنظمة الصحة العالمية-الشرق المتوسط، بالجهود التي يبذلها المغرب في مجال مكافحة التدخين، مبرزا أن المصادقة على هذه الاتفاقية التي تسمح بتعزيز التعاون الدولي من شأنها أن تنقذ حياة العديد من الأشخاص. للإشارة فإنه إلى حدود اليوم صادقت على هذه الاتفاقية الإطار بشأن محاربة التدخين 177 دولة عبر العالم. ويبقى المغرب ثاني بلد إلى جانب الصومال بمنطقة الشرق المتوسط الذي لم يصادق عليها، رغم أنه ساهم بشكل كبير في بلورتها. ويصنف التبغ من قبل منظمة الصحة العالمية من أهم مخاطر الصحة العامة وقد يتسبب هذا الوباء في أزيد من ثمانية ملايين وفاة سنويا بحلول عام 2030 أكثر من 80 في المائة منهم يتحدرون من البلدان المنخفضة والمتوسطة الدخل.