أصدرت وزارة الاقتصاد والمالية مشروع "ميزانية المواطن"، وهو عبارة عن تقديم مبسط لمشروع قانون المالية لسنة 2014، وذلك للمرة الثالثة على التوالي لتكريس نهج الشفافية، الذي جعلته الحكومة في صدارة أولوياتها، باعتبار الولوج إلى المعلومة حقا دستوريا. وجاء في مشروع "ميزانية المواطن"، الذي نشرته الوزارة على موقعها الإلكتروني، أن هذه الوثيقة التي جرى العمل على إغنائها بناء على استطلاع رأي المواطنين والحوار مع فعاليات المجتمع المدني، تهدف إلى تمكين المواطن العادي والمتخصص على حد سواء، من التفاعل مع مقترحات مشروع قانون المالية على مستوى الإعداد والفرضيات التي بني عليها، والتوجهات المؤطرة له، وكذا معطياته المرقمة وتوزيعها على مختلف البرامج والمشاريع، بالإضافة إلى التدابير المزمع اتخاذها، خاصة على المستويين الجمركي والجبائي. وتشكل هذه الوثيقة صورة مبسطة لمشروع قانون المالية لسنة 2014، تمكن المواطنين، بمختلف فئاتهم وتطلعاتهم، من التعرف على تنزيل البرنامج الحكومي على المستويات المؤسساتية والاقتصادية والاجتماعية، خصوصا أنه يتضمن مؤشرات تخص ما أنجز وما هو متوقع بالنسبة لسنة 2014 وما يلي من السنوات، مع التركيز على التدابير الموجهة لتلبية الاحتياجات الضرورية للمواطنين، وفقا للأولويات والمتطلبات المطروحة، خاصة بالنسبة للفئات المعوزة، وسكان العالم القروي والمناطق النائية، بما يحقق مبدأ العدالة الاجتماعية وتكافؤ الفرص. وبنت الحكومة مشروع المالية لسنة 2014 على فرضيات من أبرزها تحقيق معدل نمو بنسبة 4.2 في المائة، وعجز في الميزانية بقيمة 46.6 مليار درهم، وكذا متوسط سعر للبترول في حدود 105 دولارات لبرميل النفط، وسعر صرف للدولار يصل إلى 8.5 دراهم، ومعدل تضخم في حدود 2 في المائة. وأشارت الوثيقة ذاتها إلى أن التوجهات الأربع الكبرى لمشروع قانون المالية للسنة المقبلة تتمثل في مواصلة البناء المؤسساتي، وتسريع الإصلاحات الكبرى الهيكلية، وتحفيز النمو، ودعم الاستثمار والمقاولة وتطوير آليات إنعاش التشغيل، وتعزيز آليات التضامن والتماسك الاجتماعي والمجالي، وإعادة التوازن للمالية العمومية وضمان استقرار الموجودات الخارجية. وفي ما يتعلق بالميزانية العامة، توقعت الوثيقة، بخصوص ميزانية التسيير، أن تبلغ كتلة الأجور برسم 2014 ما مجموعه 103.7 ملايير درهم، فيما قد تصل نفقات المعدات والنفقات المختلفة إلى 30.96 مليار درهم. وأشار المصدر ذاته إلى أن هذه النفقات حافظت على المستوى المسجل برسم 2013، عملا بالتوجهات الحكومية الرامية إلى مواصلة ضبط هذا النوع من النفقات وربطها بالحاجيات الضرورية والملحة للإدارات، دون التأثير على مستوى الخدمات العمومية المقدمة للمواطنين. وعلى مستوى النفقات المشتركة، توقعت الوثيقة أن تبلغ المساهمة في أنظمة التقاعد 13.53 مليار درهم، ودعم أسعار المواد الاستهلاكية 41.65 مليار درهم و2 مليار درهم مساهمة في صناديق الاحتياط الاجتماعي و4.8 ملايير درهم تهم عمليات أخرى. وأفادت ميزانية المواطن أن نفقات الاستثمار تقدر ب49.5 مليار درهم برسم 2014، مع الأخذ بعين الاعتبار وقف تنفيذ 15 مليار درهم. وأشارت الوثيقة إلى استكمال البناء المؤسساتي عبر مواصلة التنزيل التشاركي للدستور، خاصة عبر تسريع إعداد وتقديم مشاريع القوانين التنظيمية، وتحسين حكامة وشفافية تدبير السياسات العمومية، وتسريع وتيرة الإصلاحات الهيكلية. كما أشارت إلى مواصلة السياسة الإدارية للاستثمار العمومي وفق منظور ينبني على الشراكة مع القطاع الخاص. وفي هذا الصدد، أفادت الوثيقة، في ما يتعلق بالبنية التحتية، أن قيمة برنامج السكك الحديدية، سواء بالنسبة لإنجازات سنة 2013 أو المشاريع المبرمجة برسم سنة 2014، تقدر ب7.5 ملايير درهم، وبالنسبة لتهيئة الموانئ في الفترة ذاتها 838 مليون درهم، وبرنامج الطرق السيارة 8 ملايير درهم، وبرنامج بناء السدود 1.2 مليار درهم، فضلا عن تطوير الاستراتيجيات القطاعية ذات القيمة المضافة العالية ممثلة في عصرنة قطاع الصيد البحري ومواصلة إنجاز برنامج الدعامتين الأولى والثانية (المغرب الأخضر)، وتطوير الطاقات المتجددة، والحفاظ على البيئة، وتسريع وتيرة إنجاز مخطط الانبثاق الصناعي، والمغرب الرقمي 2013، وتثمين منتوجات الصناعة التقليدية. وأشارت ميزانية المواطن إلى إيلاء أهمية خاصة لدعم المقاولات، خاصة منها الصغرى والمتوسطة، عبر وضع إجراءات لتعزيز الثقة تتمثل في تبسيط المساطر وتقوية المنافسة وتفعيل الإجراء المتعلق بتخصيص 20 في المائة من الصفقات المبرمجة برسم السنة المالية 2014 للمقاولات الصغرى والمتوسطة، والتطبيق الفعلي والمعمم للأفضلية الوطنية، ومواصلة إعطاء الأولوية لتسريع آجال الأداء واسترجاع الضريبة على القيمة المضافة، فضلا عن وضع إجراءات لدعم التمويل ووضع الآليات الضرورية لتسهيل ولوج المقاولات الصغرى والمتوسطة للتمويل، ومواكبة المقاولات في وضعية صعبة، وتفعيل التحفيزات الضريبية الكفيلة بتشجيع المقاولات على ولوج البورصة، إلى جانب وضع إجراءات لتحديث وعصرنة المقاولة، وإجراءات لتبسيط الالتزامات الجبائية للمقاولة. وأفادت الوثيقة أنه سيتم تطوير آليات التشغيل عبر برنامج عمل 2014 الذي يتوقع إدماج حوالي 55 ألفا من الباحثين عن شغل وتحسين تشغيل 18 ألف من الباحثين عن شغل في إطار برنامج تأهيل، ومواكبة حاملي المشاريع في إطار برنامج مقاولتي، كما توقعت الوثيقة إحداث 500 مقاولة وإحداث 1500 منصب شغل في إطار هذا البرنامج. وأشارت الوثيقة إلى بعض التدابير الإضافية في ما يتعلق بالتشغيل، تتمثل في إحداث 17 ألفا و975 منصبا ماليا، توجه بالأساس إلى قطاعات التعليم والصحة والدفاع الوطني، ومن بين التدابير أيضا، تفعيل نظام التعويض عن فقدان الشغل، وتعديل مقتضيات القانون 93/16 من أجل استهداف وتحسين جاذبية الباحثين عن العمل عبر تجويد برامج التكوين والإدماج ووضع الآليات الضرورية لإحداث المرصد الوطني للتشغيل، الذي يأتي في إطار التزام المغرب بتنفيذ الوضع المتقدم مع الاتحاد الأوروبي. وأكدت ميزانية المواطن على تعزيز آليات التضامن والتماسك الاجتماعي والمجالي من خلال النهوض بالمنظومة التربوية وتطوير التعليم العالي، وتحسين الخدمات الصحية، وتيسير الولوج إلى السكن اللائق، ومحاربة الفقر والهشاشة الاجتماعية، ودعم العالم القروي والمناطق الجبلية.