عبأت "دايوو"، الشركة الصناعية الكورية العملاقة، السبت المنصرم، ما يزيد عن 30 من رعاياها المستخدمين لدى فرعها بالجرف الأصفر، والذين تطوعوا بحيوية ومعنوية عالية، لتنظيف أزقة الحي البرتغالي في الجديدة، وأسواره ومآثره التاريخية، من أزبال ونفايات. كوريون ينظفون أزقة الحي البرتغالي في الجديدة كان اللباس ذاته يوحد الكوريين الذين كانوا يحملون أكياسا بلاستيكية سوداء، و"بالات"، ومكنسات، وقفازات بيضاء. وظلوا يجوبون طولا وعرضا أزقة "الملاح"، بغية جمع النفايات المتناثرة هنا وهناك في أزقة هذه المعلمة التاريخية، وتطهير أسوارها وأبراجها، من الأعشاب الطفيلية، ومن "الفضلات" البشرية، ومن قنينات الخمر و"لانكول"، التي مافتئ يلقي بها السكارى والمتسكعون والمتشردون، الذين أصبحوا يتخذون من هذه الأماكن المحصنة مرتعا آمنا للرذيلة، وممارسة تجليات الانحراف. وجاءت هذه المبادرة الإنسانية النبيلة، التي اختير لها شعار: "ما توسخش بلادك"، لتلقن الناشئة درسا في السلوكات المدنية والأخلاق الحسنة، وروح المبادرة. ورغم أن هؤلاء الكوريين لا يحملون الجنسية المغربية، لكنهم، يبدون من خلال تفانهيم في عملهم، متشبعين بالقيم الكونية، ويفتخرون بانتمائهم إلى وطنية الكرة الأرضية برمتها (cosmopolitisme). واستنفرت هذه المبادرة الفريدة من نوعها، المسؤولين على شركة النظافة بالجديدة، الذين أوفدوا لتوهم بعض عمال النظافة، بشاحنتهم، إلى الحي البرتغالي، حيث وضعوا 3 حاويات كبرى للنفايات. وكشفت هذه المبادرة، حسب عدد من المتتبعين، الوجه الحقيقي للإهمال واللامبالاة، اللذين أصبح يعانيهما الحي البرتغالي، في ظل صمت السلطات الوصية على التراث والمآثر التاريخية والحضارية، وكذا القائمين على الشأن العام. وهو وضع يمكن وصفه ب"المقلق"، خصوصا أن هذه التحفة التاريخية تم تصنيفها "تراثا حضاريا وإنسانيا"، في 30 يونيو 2004. من المفارقات العجيبة أن المستخدمين الكوريين تطوعوا، وهم تحدوهم عزيمة وعزم لا يقاومان، لتنظيف أزبالنا، خلال السبت، الذي يصادف يوم عطلة مستحقة. فيما كان بعض القائمين على تدبير الشأن العام، وممثلي السلطات المحلية، والجهات الوصية على التراث والمآثر التاريخية، يخلدون للراحة. وجاءت عملية تنظيف الحي البرتغالي من طرف الكوريين بعد يومين من حلول الرئيس البرتغالي الأسبق ماريو سواريس كضيف شرف على عاصمة دكالة، الذي ستمنحه جامعة شعيب الدكالي دكتوراه فخرية.