تؤكد المملكة المغربية، الوفية والمنخرطة، بشكل كامل، في خياراتها الاستراتيجية من أجل شراكة جنوب -جنوب، والانفتاح على جذورها الإفريقية، في كل مناسبة تحتم ذلك، استعدادها الكامل للمساهمة في كل جهد لإعادة البناء والاستقرار الاقتصادي والنهوض الاجتماعي في بلدان القارة. وقد تم تأكيد هذا الالتزام التام، وهذا التوجه الذي يؤسس لتحرك المغرب على الصعيد الدولي، أمس الخميس بباماكو من طرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، في خطابه خلال حفل تنصيب الرئيس المالي الجديد إبراهيم بوباكار كيتا. فقد أوضح جلالة الملك أن الشراكة التي تعتزم المملكة المغربية عرضها، من أجل إعادة بناء مالي، ماديا ومعنويا، تندرج تماما ضمن هذا التوجه، مؤكدا جلالته، أمام قادة الدول الحاضرين في هذا الحفل، أن المغرب، المتشبث بالتعاون جنوب-جنوب، لن يدخر أي جهد لمواكبة ودعم مالي، البلد الجار الشقيق، في المجالات الاجتماعية والاقتصادية التي تعتبر ذات أسبقية. وستقدم الشراكة بين المغرب ومالي، والتي ستشكل نموذجا لتعاون واعد جنوب-جنوب، دعما كبيرا لبرامج التنمية البشرية المالية وخصوصا في مجالات تكوين الأطر والبنيات التحتية الأساسية والصحة. فبتنصيب الرئيس الجديد إبراهيم بوباكار كيتا، أحد الوجوه البارزة في الحياة السياسية في مالي، والذي فتح انتخابه باب العودة للنظام الدستوري، تطوي مالي اليوم صفحة من تاريخها، وتخطو الخطوة الأولى على درب السلام والطمأنينة والمصالحة، طريق التنمية الاقتصادية والنهوض الاجتماعي. ويأمل الماليون في تجسيد هذه الآمال بعد أزمة عميقة كادت أن تقود البلاد إلى الهاوية، غير أن تحقيق هذه الأهداف المستقبلية وتجسيد مشاريع إعادة البناء المادي يتطلبان انخراط البلدان الصديقة والمجتمع الدولي. وقد أكد جلالة الملك، مخاطبا قادة الدول الأجنبية الحاضرين بباماكو، والذين جددوا، من جهتهم، التزام المجتمع الدولي بمواكبة مالي في مشروعها للتنمية والمصالحة، أن "كل البلدان الإفريقية الشقيقة يجب أن تلعب دورا جوهريا في عملية إعادة البناء الهامة". وقد أبرز جلالة الملك التقاليد المغربية العريقة والمشهود بها في مجال التعاون مع الدول الشقيقة جنوب الصحراء، مؤكدا جلالته حرصه الشخصي على تعزيز هذا المحور الرئيسي في العلاقات الخارجية للمغرب. وتحتاج دولة مالي، التي نجحت في تنظيم انتخابات رئاسية شفافة وذات مصداقية، إلى مواكبة ملتزمة وفعلية لجهودها من أجل إعادة البناء المادي وانخراط ومساهمة المجتمع الدولي سيكونان أفضل دعامة لعملية بناء مستقبل يقوم بها بلد يوجد في قلب القارة. وسيعزز دعم المجهود الجبار الذي تتطلبه إعادة بناء هذا البلد، الخيار الحكيم والناجع الذي تبناه الماليون الذين ينظرون في اتجاه المصالحة والسلام. ويعول المغرب، المنفتح دائما على التعاون جنوب-جنوب، على انخراط ديناميكي للمجتمع الدولي إلى جانب مالي والماليين في مسعاهم لبناء مستقبل مزدهر.