أصبح مجلس المنافسة مؤسسة دستورية بمقتضى الدستور الجديد٬ يتمتع بسلطات واسعة لضمان منافسة عادلة وشفافة والتصدي للممارسات التجارية غير المشروعة. ويستعرض رئيس مجلس المنافسة السيد عبد العالي بنعمور٬ في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء٬ بمناسبة الذكرى ال13 لعيد العرش المجيد٬ الصلاحيات الجديدة التي أصبح يتمتع بها المجلس والإجراءات التي يقوم بها لمواجهة الممارسات المنافية للمنافسة٬ ولحماية المستهلك. مرت سنة على تبني الدستور الجديد الذي منح مجلس المنافسة وضع مؤسسة دستورية٬ ماذا عن تفعيل بنود الدستور في هذا المجال؟ قبل تبني الدستور الجديد٬ جرى التوصل إلى مشروع نص للإصلاح باتفاق مشترك بين مجلس المنافسة والمصالح التابعة للوزير الأول السابق عبر وزارة الشؤون العامة والحكامة. بعد فاتح يوليوز ٬2011 أعيد إرسال هذا النص إلى رئيس الحكومة حتى يدلي برأيه فيه ويضيف إليه عناصر جديدة قبل أن يعمد إلى ملاءمته مع أحكام القانون الأسمى٬ وهذا بتشاور مع مجلس المنافسة من أجل المصادقة على التعديلات. وفي هذا الصدد٬ فالتفكير متقدم جدا وسيجري قريبا عرض المشروع الجديد على الأمانة العامة للحكومة من أجل الشروع في إجراءات اعتماده من طرف مجلس الحكومة قبل إرساله إلى البرلمان. تعد الشفافية في مجال تفويت الصفقات العمومية مقدمة أساسية من أجل تحقيق النمو الاقتصادي٬ لكن٬ دراسة أنجزت أخيرا من طرف المنظمة الدولية للافتحاص والاستشارات "مازارز" ذكرت أن التشريع المعمول به لا يتلاءم وواقع القطاع. ماهي الإجراءات المتخذة من طرف المجلس للتغلب على ضعف المراقبة في هذا المجال؟ هذه الدراسة٬ التي جاءت بطلب من المجلس٬ وتتضمن أيضا عناصر إيجابية إضافة إلى أوجه القصور المسجلة والمرتبطة بالأساس٬ بخصوصيات النظام الحالي. في ما يخص النتائج الإيجابية٬ أبرز مكتب الدراسات التقدم الملموس للنص القانوني الحالي في مجال تحصين المنافسة من طرف مانحي العروض وكذلك المقاولات. مع ذلك٬ فإن هناك مشروع نص يجري تحضيره حاليا سيمكن من سد ثغرات النظام الحالي وتصحيح أوجه القصور فيه. ويتعلق الأمر أولا٬ كما لاحظت دراسة "مازارز"٬ بسيادة المراقبة القبلية على حساب المتابعة البعدية٬ وثانيا درجة التركيز الكبيرة٬ الشيء الذي يخلق تقاربا كبيرا بين الآمر بالصرف والمقاولات، وثالثا٬ الظهير الحالي لا ينص على مجلس المنافسة كجهاز يمكن أن يحد من الممارسات المنافية للمنافسة في هذا المجال. في النهاية٬ مسألة أخيرة تطرح بخصوص الملاءمة بين فتح الصفقات العمومية أمام المنافسة الدولية وضرورة تشجيع المقاولات الوطنية الصغرى والمتوسطة. انطلاقا من الصلاحيات التي يتوفر عليها٬ ماهي الإجراءات المتخذة من طرف المجلس لمواجهة الممارسات المنافية للمنافسة٬ أو في حالة رصد مخالفات؟ القانون الأساسي للمجلس يمنحه اختصاصات استشارية. وقد توصل المجلس في هذا الإطار بثلاثين إحالة وطلبا للرأي٬ عالجنا حوالي عشرين منها وكانت النتائج مهمة وموضع تقدير من طرف كل من المتقدمين بطلبات الرأي والقطاعات التي جرى فحصها والرأي العام. في المقابل٬ بما أنه ليس للمجلس إمكانية الإحالة الذاتية٬ فقد أجرى (المجلس) عشرين دراسة قطاعية تم الانتهاء من إنجاز عشرة منها. ويتعلق الأمر بدراسات حول الهاتف المحمول٬ والأسواق الممتازة الكبرى٬ وقروض الاستهلاك٬ والمنتوجات الصيدلية٬ والصفقات العمومية٬ والمنتوجات المدعمة في إطار صندوق المقاصة. صلاحيات المجلس هي تنشيط تكافؤ الفرص ووضع أسس اقتصاد يتمتع بتنافسية عادلة. ما هي مساهمة المجلس في مسلسل محاربة اقتصاد الريع؟ العائدات التي يكون مصدرها الممارسات المنافية للتنافسية هي دون شك نوع من الريع الذي لا مبرر له٬ وهي عرضة للعقوبات عندما تقوم بها مقاولات٬ ومشروع الإصلاح واعد في هذا المجال. ولكن يمكن للحكومة أن تكون كذلك مصدرا للريع غير الشرعي في ما يخص الصفقات العمومية٬ ومن خلال بعض الإعانات التي تمنحها الدولة أو تراخيص ممارسة بعض الأنشطة. لهذا حظي الحق في التقاضي٬ بأهمية كبيرة في مشروع الإصلاح٬ بشكل يضمن مبدأ تكافؤ الفرص. - تعد حماية حقوق المستهلك مسؤولية على عاتق عدد من الفاعلين. ما هي الإجراءات المتخذة من طرف مجلس المنافسة من أجل انخراط المتدخلين الآخرين في هذا الورش٬ لاسيما المجتمع المدني وجمعيات حماية المستهلك. إن من شأن السماح بتعدد العروض بأقل ثمن ممكن مع المحافظة على الجودة إذكاء منافسة تكون في صالح تنافسية النسيج الاقتصادي الوطني وفي صالح المستهلك على الخصوص. وبالتالي٬ فالأمر يتعلق بإجراءات لها طبيعة غير مباشرة٬ في حين أن العمليات المباشرة الموجهة للنهوض بالدفاع عن المستهلك٬ يدخل في إطار قانون آخر. لكن٬ الدستور الجديد يخول لمجلس المنافسة مسؤولية٬ لا تقتصر فقط على مستوى الممارسات المخلة بالتنافسية٬ ولكن تشمل أيضا الممارسات التنافسية غير العادلة مثل الممارسات التجارية التي تضر بحقوق المستهلك. هنا أيضا من الضروري الفصل في مسائل المعالجة المستقلة لحق المنافسة وكذلك حماية المستهلك٬ أو الجمع بين البعدين كما تفعل عدد من الدول وكما ينص على ذلك دستورنا. يشوب التنافس البنكي عدد من التجاوزات يمكن أن تضر بمصالح وسطاء التأمين. ما هي الخطوات المتبعة من طرف المجلس لحل هذه المسألة؟ في ما يخص القطاع البنكي٬ كل ما يمكن أن نقوله هو أن المجلس بصدد إجراء دراسة في هذا المجال. وسنتوصل بخلاصاتها قريبا. (و م ع)