أكد الاتحاد الأوروبي٬ أول أمس الاثنين٬ في البيان الختامي الذي توج أشغال الدورة العاشرة لمجلس الشراكة المغربية الأوروبية في لوكسمبورغ٬ أن الإصلاحات التي أطلقها المغرب تعبير عن تجذر مساره الديمقراطي الذي بدأه منذ عدة سنوات. وأشاد الاتحاد الأوروبي٬ في البيان الختامي٬ بمصادقة المغرب في يوليوز الماضي على دستور جديد يتضمن إصلاحا عميقا لمؤسساته٬ وإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها "شفافة وديمقراطية" في نوفمبر 2011، وتشكيل حكومة جديدة في يناير 2012. وأضاف الاتحاد أن الدستور الجديد "يعزز التزامات المغرب ذات الصلة بمبادئ الديمقراطية وحقوق الإنسان٬ وينص على ضمانات للمؤسسات المستقلة المكلفة بفرض احترامها"٬ معربا عن تشجيعه للمغرب على مواصلة جهوده لتنفيذ مسلسل الجهوية المتقدمة. وجدد الاتحاد الأوروبي التأكيد على إرادته مواصلة دعم الخيار الاستراتيجي للمغرب لترسيخ إصلاحاته ومسلسل تحديثه٬ مبرزا أن المملكة ستستفيد من برنامج "سبرينغ" المعتمد في 2011، من أجل دعم الإصلاحات الديمقراطية والسوسيو- اقتصادية لجيرانه المتوسطيين. ونوه الاتحاد الأوروبي، أيضا، بإقدام المغرب على إصلاح منظومة العدالة، بهدف تسهيل الولوج إلى القضاء، وتنفيذ سياسة وقائية وزجرية للاختلالات القضائية٬ داعيا المغرب إلى بلورة مخطط استراتيجي لإصلاح قطاع القضاء من أجل تقوية استقلاليته وتحسين طريقة عمله. من جهته٬ جدد المغرب التأكيد على عزمه مواصلة تنفيذ الإصلاحات الرامية إلى ترسيخ الديمقراطية ودولة الحق والقانون والحكامة الجيدة٬ والتماسك الاجتماعي٬ مبرزا أن المسلسل الإصلاحي، الذي ينفذه المغرب، يدعم موقعه كشريك ذي مصداقية، ويحظى بالاحترام لدى منظومة الأمم، سواء على المستوى الثنائي أو الإقليمي أو الدولي. وأكد الاتحاد الأوروبي في البيان الختامي، أن الشراكة القائمة مع المغرب "تكتسي قيمة أساسية بالنسبة للاتحاد الأوروبي"٬ نظرا للدور الذي تضطلع به المملكة ليس فقط في المغرب العربي وفي القارة الإفريقية٬ ولكن أيضا، في المنطقة المتوسطية. وأبرز الاتحاد الأوروبي أن اعتماد وثيقة مشتركة في شهر أكتوبر 2008، تهدف إلى منح الوضع المتقدم للمغرب شكل مرحلة مهمة في تطوير العلاقات بين الطرفين٬ مشيرا إلى أن الجهود الجبارة المبذولة منذ هذا التاريخ لتفعيل الوضع المتقدم مكنت من تعزيز العلاقات السياسية والاقتصادية والإنسانية. وأضاف الاتحاد أن عقد أول قمة المغرب-الاتحاد الأوروبي في مارس 2010 بغرناطة٬ أكد هذا الطموح من خلال إبراز الطابع الخاص للشراكة القائمة بين الجانبين٬ معتبرا أن الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي تندرج اليوم في إطار الدستور الجديد لفاتح يوليوز 2011، وفي سياق الاستراتيجية التي طورها الاتحاد في إطار الشراكة من أجل الديمقراطية وازدهار متقاسم مع بلدان جنوب المتوسط. وأشاد الاتحاد الأوروبي٬ في هذا الإطار٬ بإبرام الاتفاق المتعلق بتدابير التحرير المتبادل للمنتوجات الفلاحية والمنتجات الفلاحية المحولة والسمك ومنتجات الصيد البحري في مارس 2012 (الذي سيدخل حيز التنفيذ في فاتح يوليوز المقبل)٬ وأيضا، برتوكول اتفاق الشراكة المتعلق بمساهمة المغرب في برامج ووكالات الاتحاد الأوروبي. كما يسجل التقدم، الذي جرى إحرازه بفضل تنفيذ المغرب لمخطط عمل الجوار المغرب- الاتحاد الأوروبي٬ منوها بكون الطرفين على وشك الاتفاق بشأن نص مخطط عمل جديد للجوار للفترة ما بين 2012-2016. من جانبه٬ أشاد المغرب بحصيلة الإنجازات التي جرى تحقيقها منذ انعقاد آخر مجلس الشراكة في دجنبر 2010 ببروكسيل٬ كما جدد التأكيد على عزمه العمل داخل هذه الهيئة والتشاور مع مختلف مؤسسات الاتحاد الأوروبي، بهدف تعزيز هذه العلاقات وآفاق هذه الشراكة. كما نوه بالتطور الإيجابي للعلاقات المتميزة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، والتي تؤكد الالتزام المستمر للطرفين ببلوغ تقارب أكثر قوة ومفيد للجانبين٬ إضافة إلى المبادلات البناءة والطابع العملي المتزايد للهيئات المكلفة بتنفيذ اتفاق الشراكة ومخطط عمل الجوار والوثيقة المشتركة بشأن الوضع المتقدم. وسجلت المملكة بارتياح جودة المشاورات السياسية على مختلف المستويات والمبادلات البناءة بين الطرفين٬ منوهة بتميز علاقات التعاون والتشاور مع الاتحاد الأوروبي في هيئات متعددة الأطراف٬ خاصة بشأن أولويات نظام الأممالمتحدة المبني على الدفاع وعلى النهوض بالتعددية والحوار والتضامن. وأكد البيان الختامي أن الأخيرين اتفقا٬ أول أمس الاثنين، بلوكسمبورغ٬ على مواصلة التفكير في الوضع المتقدم، من أجل وضع آفاق جديدة لهذه الشراكة، وتحديد مضمونها وآلياتها وأهدافها. وفي هذا السياق٬ دعا المغرب الاتحاد الأوروبي إلى العمل بشكل وثيق على تطوير العلاقات الثنائية نحو آفاق جديدة تكون في الوقت نفسه طموحة وبراغماتية وقادرة على الاستجابة للتحديات الراهنة والمستقبلية في سياق إقليمي يعرف عدة تحولات. كما دعا الاتحاد الأوروبي إلى القيام بتفكير مشترك من أجل إطلاق رؤية مستقبلية شمولية بغية تعزيز مستوى التعاون في كل المجالات بشكل أكبر٬ واستثمار كل فرص التعاون والتكامل في المنطقة بشكل أفضل. وأشاد المغرب٬ في هذا الصدد٬ بالوضع المتقدم جدا للنقاشات مع الاتحاد الأوروبي من أجل المصادقة الوشيكة على "مخطط العمل من أجل تفعيل الوضع المتقدم" الذي سيشكل خارطة طريق للتعاون بين الطرفين خلال السنوات الخمس المقبلة٬ وكذا مرحلة مهمة من أجل إرساء "شراكة متميزة" ذات منفعة متبادلة. وأكد المغرب٬ من جهة أخرى٬ على أهمية دعم التعاون جنوب- جنوب الذي يمكن له أن يشكل رافعة للإدماج الإقليمي٬ وجدد تأكيده على أهمية القيام بقفزة نوعية في مسلسل الشراكة شمال-جنوب، عبر إنجاز ميثاق للتقدم والازدهار المتقاسم ولتضامن يربط ما بين الاتحاد الأوروبي وجاره في الضفة الجنوبية. من جهة أخرى، أعرب الاتحاد الأوروبي عن الأمل في الشروع بشكل مستعجل٬ بمجرد الانتهاء من وضع اللمسات الأخيرة على المسلسل التحضيري٬ في مفاوضات بغية التوقيع على اتفاق للتبادل الحر مع المغرب يكون شاملا وعميقا. وسيتوخى هذا الاتفاق٬ يضيف الاتحاد الأوروبي٬ تسهيل اندماج تدريجي للمغرب في السوق الداخلية الأوروبية٬ وتعميق مختلف المفاوضات القطاعية، سواء الموقعة سلفا أو تلك التي توجد في طور التوقيع٬ سيما تلك المرتبطة بتحرير تجارة الخدمات. وأعرب الاتحاد الأوروبي٬ أيضا٬ عن عزمه الشروع في مفاوضات تروم التوقيع في أقرب الآجال على برتوكول اتفاق جديد للشراكة في مجال الصيد البحري يكون مفيدا للاتحاد والمغرب على حد سواء. ونوه الاتحاد الأوربي٬ من جهة أخرى٬ بكون منطقة التبادل الحر للمنتوجات الصناعية جرى استكمالها في فاتح مارس الماضي طبقا لاتفاقية الشراكة بين المغرب والاتحاد الأوروبي٬ مسجلا أن المبادلات بين الاتحاد والمغرب شهدت تزايدا مطردا منذ عام 2000. وأشاد المغرب٬ من جانبه٬ بقرار الاتحاد الأوروبي الشروع في مفاوضات لتوقيع اتفاق للتبادل الحر شامل وعميق٬ سيساهم في اندماج أكبر لاقتصاده في الاقتصاد الأوروبي. واعتبر أن إقامة فضاء اقتصادي مشترك في الأمد المنظور يعد الامتداد المنطقي والطبيعي لتطور هذه الشراكة المتميزة. وسجلت المبادلات التجارية بين المغرب والاتحاد الأوروبي سنة 2011 نموا قدر ب 12،37 في المائة مقارنة مع سنة 2010، إذ بلغت قيمتها 23،69 مليار أورو٬ مقابل 21 مليار سنة 2010. وقدرت حصة الاتحاد الأوروبي في التجارة الخارجية للمغرب برسم سنة 2011 ب 50،41 في المائة (47،2 في المائة على مستوى الواردات و57،2 في المائة على مستوى الصادرات). وفي عام 2011، تفاقم العجز التجاري مع الاتحاد الأوروبي على حساب المغرب بما يقدر ب6 ملايير أورو، مقابل 5 ملايير برسم سنة 2010.