رغم إعلان عزمها على محاربة الفساد، يرى البعض أن الحكومة كرست "التمييز" بين الشباب العاطلين باعتزامها فتح باب التوظيف دون إجراء مباراة، أمام مجموعات العاطلين من حملة الشهادات العليا، كانوا يعتصمون بشكل شبه يومي أمام مجلس النواب وبأهم شوارع الرباط، دون غيرهم من الشباب الحاملين للشهادات الجامعية نفسها. واعتبر قيادي في حزب الاتحاد الاشتراكي، فضل عدم ذكر اسمه، في تصريح ل"المغربية"، أن مبادرة الحكومة في تشغيل حاملي الشهادات العليا، رغم أنها محمودة، لكنها "تخلق نوعا من التمييز بين المتخرجين من الجامعات، الذين اختاروا أن يعتصموا بشوارع الرباط، وبين زملائهم، الذين فضلوا انتظار فرصة التشغيل في مدنهم دون إحداث أي احتجاج"، مبرزا أن الحكومة معنية بتوفير الشغل لكل المغاربة، وليس فقط لمن يحتج في الشارع. وأضاف القيادي الاتحادي أن عمل الحكومة يطبعه التناقض بين القول والفعل، مستدلا على ذلك بما قاله عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة، في تصريح سابق، بكون الحكومة ستعمل على تشغيل الشباب وفق مقاربة شمولية لا تأخذ بالاعتبار من يحتج دون غيره. واعتبر المصدر أن الحكومة تهتم بتشغيل من يزعجها من الشباب حاملي الشهادات العليا، دون غيرهم. وبعيدا عن المزايدات بين الأغلبية والمعارضة، شكّل انتظام الشباب حاملي الشهادات العليا في مجموعات تعتصم بشكل شبه دائم أمام البرلمان ضغوطا على الحكومة، ونجحت مجموعات العاطلين من حاملي الشهادات العليا في الضغط على الحكومة ما جعلها تسارع إلى توظيفهم بشكل مباشر دون مباراة، وخصصت لهم هذه السنة حوالي 7 آلاف منصب شغل في الوظيفة العمومية في السلم 11، منها ما تبقى من 5 آلاف و70 منصب شغل، التي كان منصوصا عليها في عهد الحكومة السابقة. وقال نزار البركة، وزير الاقتصاد والمالية، في تصريح ل"المغربية"، إن ملف تشغيل حاملي الشهادات العليا سيدبر وفق مقاربة شفافة ونزيهة، وأعلن أن الحكومة ستلتزم بالتوظيف المباشر للأطر العليا، التي وقعت معها الحكومة السابقة محضرا للتوظيف المباشر دون مباراة، في حين، ستعلن عن إجراء مباريات للتوظيف في السلم 11 ستخصص لحاملي الشهادات العليا لشغل المناصب المتبقية، مؤكدا أن مشروع قانون المالية برمج 26 ألفا و204 مناصب شغل في الوظيفة العمومية، ستجرى فيها مباراة مفتوحة في وجه كل الشباب المتوفرة فيهم الشروط المنصوص عليها. وأوضح أن الحكومة ستحترم كل الالتزامات، ومنها تخصيص 13,2 مليار درهم لتنفيذ التزامات الحوار الاجتماعي مع النقابات العمالية الأكثر تمثيلية، مبرزا أن المشروع يرتكز على توجهات كبرى، تتمثل في تعزيز دولة القانون ومبادئ الحكامة الجيدة، وإرساء أسس نمو اقتصادي قوي ومستدام، يحصل فيه تكثيف الاستثمار العمومي، ومواصلة مجهود الاستثمار في البنيات التحتية واستعادة التوازنات الماكرو اقتصادية، وضمان الولوج العادل للخدمات الأساسية، وترسيخ مبادئ التضامن وتكافؤ الفرص. وجدد تأكيده أن مشروع قانون المالية يسعى إلى تحقيق معدل نمو بنسبة 4,2 في المائة، ومحاولة تخفيض عجز الميزانية من 6,1 في المائة إلى 5 في المائة من الناتج الداخلي الخام، وتعبئة ملياري درهم لتمويل البرامج الاجتماعية المتعلقة بالمساعدة الطبية، ومكافحة الهدر المدرسي، ودعم خدمات الأشخاص في وضعية إعاقة، وتخصيص 2,6 مليار درهم لفك العزلة عن العالم القروي.