قرر المكفوفان، محمد العفيري ومحمد الحداني خوض غمار الانتخابات البرلمانية بدائرة عين الشق بالدارالبيضاء. ويتجلى أملهما في الوصول إلى قبة البرلمان للدفاع عمن يشاركهما معاناة الإعاقة، ولن تكون مهمة العفيري والحداني سهلة في دائرة تعتبر من دوائر الموت في العاصمة الاقتصادية. لم تمنع الإعاقة البصرية المواطنيين محمد العفيري ومحمد الحداني من خوض مغامرة سياسية محفوفة بالكثير من المفاجآت، فقد قررا الدخول إلى عالم السياسية عبر بوابة مجلس النواب، ولأن الأمر يحتاج بالضرورة إلى المرور عبر قاطرة الانتخابات، فإنهما اختارا حزبا وطنيا لبداية مسار سياسي يعتقدان أنه سيؤهلهما للدفاع عن من يشاركهما معاناة الإعاقة في قبة البرلمان. المأمورية الصعبة يدرك محمد العفيري ومحمد الحداني جيدا صعوبة المأمورية، إلا أن ذلك لم يمنعهما من القول إنهما يدخلان هذه المغامرة وكلهما أمل في تحقيق الحلم الذي يراوده وهو الوصول إلى قبة البرلمان حتى يتسنى لهما طرح جميع المشاكل المتعلقة بالإعاقة على المستوى الوطني. وقال محمد العفيري إن الدافع الوحيد الذي جعلني أفكر في تقديم ترشيحي للانتخابات البرلمانية هو اعتقادي الشديد بأهمية هذه الخطوة، خاصة بعد إلحاح العديد من المواطنين بدائرة عين الشق لخوض هذه المغامرة". وأضاف المتحدث ذاته، أن حضوره على مستوى العمل الجمعوي بالمنطقة يساعده على ربح هذا الرهان، وزاد قائلا "لقد سبق أن خضت تجربة انتخابات 2007، ولم تكلل للأسف بالنجاح، وهذا لم يمنعني من خوض التجربة من جديد، فرصيدي الجمعوي سيعينني على أداء هذه المهمة بكل يسر، خاصة أن مواطنين كثيرين وعدوا بالوقوف إلى جانبي، نظرا للمجهود الكبير الذي أقوم به من أجل محاربة الهشاشة في هذه المنطقة". الميساج القوي يعتبر محمد العفيري واحدا من مرشحين كثر للاستحقاقات البرلمانية، لكن اختلافه معهم يكمن في أنهم يحمل في ذاته رسالة الدفاع عن حقوق المئات من المكفوفين على الصعيد الوطني، ويقول "هدفنها في الحقيقة هو أن يكون لنا صوت داخل قبة البرلمان، من أجل الدفاع عن قضايا المكفوفين على المستوى الوطني. الحق المفقود بالنسبة إلى زميله في الحزب، محمد الحداني، فإنه يعتبر أن الوقت حان من أجل أن يكون المكفوفون ممثلين بقوة داخل قبة البرلمان، لأنهم المؤهلون لطرح كل الصعوبات والمشاكل التي تعترض هذه الفئة، وقال في هذا السياق "من الضروري أن يكون مجلس النواب المقبل يضم بعض المكفوفين، أو ذوي الاحتياجات الخاصة على وجه العموم، الذي يصل عددهم إلى حوالي خمسة ملايين مغربي، فلابد أن يكون هناك ممثل لهذه الفئة في قبة البرلمان، إننا اخترنا ولوج عالم السياسية عبر بوابة الانتخابات البرلمانية لإيماننا بأنه من حقنا كمكفوفين أن نكون ممثلين في البرلمان بأناس يشاركوننا المشاكل والمعاناة نفسها". القضايا المشتركة وأضاف محمد الحداني أن سعيهم للدفاع عن حقوق ذوي الاحتياجات الخاصة في البرلمان لن يكون بمعزل عن طرح جميع المشاكل المتعلقة بالسكن والصحة والتشغيل والتعليم، وقال "إلى جانب كوننا نهتم كثيرا بهموم ومشاكل ذوي الاحتياجات الخاصة، فإننا نشارك باقي الأحزاب الأخرى القضايا التي يدافعون عنها كالتعليم والصحة والتشغيل، وهي قضايا تشكل القاسم المشترك بين جميع الأحزاب المشاركة في استحقاقات 25 نونبر المقبل". الولوجيات المغيبة إذا كان محمد العفيري وزميله محمد الحداني اختارا الترشح إلى البرلمان ومنافسة باقي المترشحين في دائرة عين الشق، فإن أقصى ما يطالب به مجموعة من ذوي الاحتياجات الخاصة هو توفير الشروط السليمة للمشاركة في الاستحقاقات المقبلة، حيث سبق أن حذرت عددا من الجمعيات المهتمة بقضايا المكفوفين من عدم توفر مكاتب التصويت على الولوجيات، وبعد المسافة بين مدخل المؤسسة ومكاتب التصويت ووجود العديد من مكاتب التصويت بالطابق الأول والثاني، ما يصعب من مهمة المشاركة في عملية التصويت، وهو ما ينعكس بالضرورة على ضعف المشاركة، خاصة أن عدد ذوي الاحتياجات الخاصة في تزايد مستمر. المهمة الصعبة ينتظر العفيري والحداني في الأيام المقبلة امتحان عسير، خاصة أن دائرة عين الشق تعتبر من دوائر الموت في مدينة الدارالبيضاء، وهي المسألة التي لا تغيب عن أنظارهما، إلا أن إرادتهما الشديدة في تحقيق حلم الفوز أكبر من كل الإرهاصات الأخرى، فالشيء الوحيد الذي يفكران فيه حاليا هي الكيفية التي سيقنعان بها ناخبي عين الشق ببرنامج حزبهما، فهما يعرفان أن الطريق إلى مجلس النواب لن يكون مفروشا بالورود وأن هناك متاعب كثيرة تنتظرهما في الأيام المقبلة، فهل سينجح محمد العفيري ومحمد الحداني في هذه المهمة، أم أنهما سيجدان أنفسهما خارج المنافسة، وآنذاك يكفيهما محاولة المشاركة في لعبة سياسية لا تعترف بالعواطف.