مع اقتراب موعد الانتخابات التشريعية، المقررة في 25 نونبر المقبل، يطرح السؤال حول دور الأحزاب السياسية في تعبئة المواطنين، وتقديم مرشحين قادرين على تحقيق انتظاراتهم، دون الغلو في الوعود، كما كان الشأن في التجارب الانتخابية السابقة. الأحزاب تواجه رهان استحقاقات 25 نونبر (أيس بريس) بعد الإعلان عن موعد إجراء الانتخابات البرلمانية، أعيد فتح النقاش حول مدى قدرة هذه المحطة السياسية على الدفع بالتغير إلى الأمام، ويرى العديد من المراقبين أن هذه الحلقة من الانتخابات التشريعية تختلف كليا عن الحلقات السابقة، التي شهدها المغرب، لأنها تأتي في مخاض يتميز برفع مطلب الإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وقال عبد الغاني المرحاني، باحث في الحكامة والإعداد الترابي، إن هناك مجموعة من الانتظارات بخصوص انتخابات 25 نونبر، من بينها، تلك المتعلقة بضرورة التطبيق السليم لمقتضيات الدستور الجديد، الذي صادق عليه الشعب المغربي في فاتح يوليوز الماضي. وأضاف المرحاني، في تصريح ل"المغربية"، أن الانتخابات تعد فرصة من أجل تطبيق الدستور على أحسن وجه، وأوضح أن الانتخابات التشريعية تشكل مناسبة لتمكين المواطنين من اختيار سليم للمرشحين، دون توجيه من أي جهة. وقال إن"هذه الانتخابات ستمكن المواطنين من حقهم في اختيار المرشح، الذي يعتقدون أنه سيدافع عنهم في قبة البرلمان، لأنهم سئموا الوجوه القديمة والمعروفة في المجال السياسي المغربي، ويريدون تجديد الطاقات"، وأبرز المرحاني أنه لابد من القطع مع الوجوه القديمة، معتبرا أن "الكرة الآن توجد في مرمى الأحزاب السياسية، والسلطات العمومية، فالأحزاب مدعوة لتجديد نخبها، وتزكية مرشحين أكفاء، قادرين على تحمل المسؤولية، أما مسؤولية الدولة، فتكمن في التصدي للمفسدين، من أجل تنقية الأجواء". وينتظر أن تشكل انتخابات 25 نونبر المقبل مسارا جديدا في علاقة الأحزاب السياسية والمواطنين، لأن الحراك السياسي والاجتماعي المميز للحظة الحالية سيجعل الأعين مفتوحة حول أداء الحزب أو التحالف، الذي سيشكل حكومة ما بعد 25 نونبر. ويرى محمد إيراوي، رئيس جمعية المستقبل للتنمية الاجتماعية، أن "الأحزاب السياسية لم تبرهن، لحد الساعة، عن حسن نيتها، أمام أصداء تزكية الوجوه ذات التجربة في البرلمان". وأضاف إيراوي، في تصريح ل"المغربية"، أن "الأحزاب السياسية لم تساير التوجهات الملكية، وما زالت تحن إلى الأساليب القديمة، وهذا ما يجعلني لا أنتظر الشيء الكثير، وأتمنى أن أكون خاطئا في هذا الاعتقاد". وتشكل انتخابات 25 نونبر المقبل منعطفا جديدا في الحياة السياسية الوطنية، لأنها تأتي في ظل متغيرات عدة، أبرزها الدعوة إلى القطع مع كل الممارسات السياسية السابقة، التي تشوه العمليات الانتخابية، إضافة إلى ضرورة تجديد النخبة السياسية، إلى درجة أن هناك من طالب بمنع الوجوه القديمة من الترشح في الاستحقاقات المقبلة، كما يرى يوسف لمريني، عن جمعية مواهب، معتبرا أن انتظارات كثيرة يتطلع إليها المواطنون من الانتخابات، وعلى رأسها تجديد النخب، والتنافس حول برامج سياسية واقتصادية واجتماعية، تعود بالنفع على المواطنين. وتبقى انتظارات الشعب المغربي من محطة 25 نونبر كبيرة جدا، على اعتبار أنها تحمل الأمل في انطلاقة جديدة نحو المستقبل، وهو ما يراه عبد العزيز قراقي، أستاذ العلوم السياسية، في حوار مع "المغربية"، ضمن هذا الملف، قائلا إنه "ينتظر الشيء الكثير من هذه الانتخابات، سواء على المستوى السياسي أو الاجتماعي أو الاقتصادي". وأضاف أن "المغرب سيعيش ديناميكية جديدة في العلاقات بين السلط، إذ سيشعر رئيس الحكومة أنه مدين في وصوله إلى الرئاسة لصناديق الاقتراع، ما سيمكنه من سلطة حقيقية تستطيع أن تشد عضده في ممارسته لاختصاصاته المتعددة،". وعلى مستوى المؤسسة التشريعية، دعا الباحث إلى أن "يتحول البرلمان المغربي إلى ساحة حقيقية تتصارع فيها الأفكار، وتتنافس فيها الأغلبية مع المعارضة، بعدما أعطى الدستور لهذه الأخيرة صلاحيات جديدة"، وفي القضاء، توقع أن "تحدث داخله تغييرات عميقة، سيقودها رجاله أنفسهم، إذ سينتفضون من أجل إعطاء معنى للاستقلالية والنزاهة وحماية الحقوق، التي بات أمرها موكولا إليه".