تعرف الفضاءات الخضراء، التي تشكل المتنفس الحقيقي لمدينة مراكش، خلال الفترات المسائية، إقبالا كثيفا، بعد غروب الشمس، وإلى وقت متأخر من الليل، هربا من الحرارة المرتفعة، هذه الأيام. حديقة من حدائق مدينة النخيل (خاص) وتحولت مختلف الحدائق العمومية والفضاءات الخضراء إلى أماكن للالتقاء بين الأصدقاء والأقارب والأسر، التي لم يسعفها الحظ لقضاء العطلة الصيفية بإحدى المدن الساحلية، لعدم توفرها على الإمكانيات المادية. وشكلت الفضاءات الخضراء بمدينة مراكش، خاصة في شارع محمد السادس، وحدائق المنارة، وغابة الشباب بباب الجديد، وبشارع علال الفاسي وباب دكالة، بالإضافة إلى "واحة الحسن الثاني" بحي سيدي يوسف بن علي، أماكن مفضلة لسكان المدينة، من مختلف الفئات العمرية، باحثين عن جو منعش وجمال الطبيعة. ويتبادل زوار الحدائق الأحاديث والآراء حتى وقت متأخر من الليل، حول مواضيع آنية، أو سرد قصص ونكت وطرائف، أو المشاركة في لعب الأوراق أو الشطرنج، تتخللها فترات لاحتساء القهوة أو شرب كؤوس من الشاي، وتناول مأكولات خفيفة، تحضر لهذه النزهة الليلية. ويعود تهافت المراكشيين وولعهم بالحدائق في مدينة سبعة رجال إلى ممارسة متجدرة في تقاليدهم، إذ دأبوا على تنظيم خرجات لهذه الفضاءات، في إطار ما يعرف ب"النزاهة"، في الوقت الذي اختار البعض استعمال هذه الحدائق في ممارسة رياضة المشي والجري، أو استغلالها كفضاءات رحبة للقراءة والتفكير. وحسب مجموعة من مرتادي الفضاءات الخضراء، ممن يحتفظون بصور وذكرى جميلة عن مدينة مزهرة، خاصة من خلال واحاتها الشاسعة، وحدائقها الكبرى الغنية بزليجها ورخامها وجبصها المنحوت والمزخرف، وخرير مياهها العذب، ونافوراتها وصهاريجها، فإن الاهتمام بهذه الحدائق التاريخية أصبح ضروريا، لأنها تشكل هوية المدينة، وتقوم شاهدة على حقب من التاريخ المشرق للمدينة، معتبرين أن المحافظة على الفضاءات الخضراء، التي تعطي للمدينة الحمراء بعدها السياحي، تظل ضمن مسؤولية الجميع، من سلطات عمومية، وقطاع خاص، ومجتمع مدني.