واجهت فرنسا، أمس الخميس، يوما آخر من الإضرابات والمواجهات في الشوارع، في الوقت الذي تسعى الحكومة جاهدة لإعادة إمدادات الوقود مع تبقي أيام على إجراء اقتراع على مشروع قانون لإصلاح نظام التقاعد.مشروع إصلاح نظام التقاعد يثير معارضة متزايدة في الشارع الفرنسي (أ ف ب) وتريد النقابات العمالية المدعومة بتأييد شعبي أن يتراجع الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، وحكومته المحافظة عن مشروع القانون، الذي يهدف إلى رفع سن التقاعد من 60 عاما إلى 62 عاما. وبلغت واردات الوقود في فرنسا أعلى مستوى بينما تحاول الحكومة أن تتغلب على حصار لمرفأ مارسيليا وهو أكبر مرفأ للنفط في فرنسا حيث تعجز51 ناقلة نفط عن الرسو كما تسبب في النقص أيضا إضراب عمال المصافي وحصار مستودعات الوقود. وقطع مئات من عمال المصافي المضربين الطريق المؤدي إلى مطار مرسيليا في الجنوب الشرقي بحاجز للطريق. من جهة أخرى، أمر الرئيس الفرنسي، نيكولا ساركوزي، الشرطة بفك الطوق عن جميع مستودعات الوقود، التي يحاصرها المضربون في إطار الاحتجاجات المتواصلة على مشروع إصلاح يرفع سن التقاعد يتوقع أن يقره مجلس الشيوخ . وقال ساركوزي أثناء اجتماع مجلس الوزراء إنه أصدر أوامره "لفك الطوق عن كافة مستودعات المحروقات بهدف العودة في أسرع وقت ممكن إلى الوضع الطبيعي". وربط الرئيس الفرنسي بين ضرورة فك الطوق عن المستودعات وبين "حرية التنقل" المكرسة دستوريا، التي "تشكل بالنسبة للملايين من مواطنينا قضية حيوية"، مشيرا إلى أن "الكثير من الفرنسيين وجدوا في الأيام الأخيرة أن حياتهم اليومية اضطربت بسبب مشاكل في التزود مست قسما من محطات الوقود". وكانت السلطات الفرنسية استعانت الليلة الماضية بالشرطة لإعادة فتح ثلاثة مستودعات رئيسية للوقود غربي فرنسا لضمان إمدادات البنزين. وحذر وزير الداخلية بريس أورتيفيو من أن قوات الأمن ستواصل "فك الطوق عن المستودعات كلما كان ذلك ضروريا". وهدد بإرسال الشرطة شبه العسكرية لإيقاف من سماهم مثيري الشغب، وأشار إلى توقيف أكثر من 1400 ممن سماهم الرعاع وإحالتهم إلى القضاء. وكان عشرات الآلاف تظاهروا في العاصمة الفرنسية باريس، مطالبين بسحب مشروع إصلاح نظام التقاعد الذي يلقى معارضة متصاعدة في الشارع الفرنسي. وندد المشاركون في الاحتجاج، السادس من نوعه في ظرف شهرين، بما أسموه "تعنت السلطات" ورفضها الإنصات إلى صوت الفرنسيين، الذين تؤكد استطلاعات الرأي أن ثلثيهم يؤيدون الحركة الاحتجاجية. وانطلقت المسيرة من ساحة إيطاليا جنوب باريس وجابت شوارع رئيسية في المدينة، قبل أن تنفض من ميدان لوزينفاليد قرب مقر وزارة الخارجية الفرنسية. وتميزت المظاهرة التي تصدرها زعماء النقابات المحلية، بمشاركة كثيفة لطلاب الجامعة وتلاميذ المدارس الثانوية. وقال برنار تيبو الأمين العام للاتحاد العام للعمل -أكبر النقابات المحلية- إن "حجم المسيرة خيب آمال الحكومة، التي كانت تعتقد بأن التعبئة الشعبية ضد إصلاح نظام التقاعد ستنحسر مع مرور الوقت". وأضاف النقابي الفرنسي في حديث للجزيرة نت أن "على ساركوزي أن يكف عن التعنت وعدم الإنصات لمطالب الفرنسيين الرافضين لخطته"، التي تقضي برفع السن القانونية للتقاعد من 60 إلى 62 عاما. وأوضح تيبو أن إقرار مجلس الشيوخ للمشروع، الذي صوت عليه سلفا مجلس النواب لن يشكل نهاية المعركة، مؤكدا أن نقابته ستواصل الاحتجاج ضد مضامين ذلك النص "حتى إذا صار قانونا". من جانبه، ندد فرانسوا شيريك الأمين العام للاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمال -ثاني أهم النقابات في البلاد- بإصرار السلطات على فرض ما أسماها خطة جائرة وغير مقبولة.