يقدم الشاعر فاروق شوشة في ديوانه الأخير "وجوه في الذاكرة"، الذي صدر عن الدار المصرية اللبنانية للنشر، لونا مختلفا من الشعر، هو أشبه بالقصيدة النثرية، أو القصة الشعرية. يقع الديوان في 270 صفحة من القطع المتوسط، ويضم 28 قصيدة سماها الشاعر ب "اللوحات الشعرية" وتتسم جميعها بالقصائد المطولة. في ديوانه الجديد جمع شوشة، حسب الشاعر أحمد عبدالمعطي حجازي، الشعر والنثر، اللذين لا بد أن يجتمعا في كل نص أدبي، لأن مادتهما واحدة، وهي اللغة، التي لا يخلو فيها الشعر من بعض العناصر النثرية كالإشارة والتقرير، ولا يخلو فيها النثر من بعض العناصر الشعرية كالاستعارات والصور. يتذكر شوشة في هذه النصوص وجوها، ويصور مشاهد، ويقص علينا سيرا يعرف أبطالها ويرافقهم في حياتهم المنظورة، التي يعيشونها في الواقع، وحياتهم المستورة، التي يعيشونها مع أنفسهم، يفكرون، ويحلمون فيصرحون حينا ويكتمون أحيانا. يتشكل ديوان "وجوه في الذاكرة" من 28 قصيدة نذكر منها (كان السابق دوما، الفاتك الليلى، رجل الأعمال اللامع، واحدة من سوق الجوارى، ملكة الليل، فتاة الشرفة البيضاء، ظلت تشاكسنا، يوم لا سيده يبقى، أكبرهم إمَّعة، صار حديثا للصباح والمساء، غريزة مغايرة، كان أستاذنا، بينهما جدار الشعر، قطرة من صفائك، نخلة لا تشيخ، سم العقرب، الفارس النبيل، وارتضينا القليل، سيدة الكمال والبهاء، حين لان الحديد، المهاجر، يا حبيبى إنك السبب، المعلم الأول، الفتى الرومي، لغتان لي، اسم من ذهب، الزعيم، ومثلما ينعقد الضياء) . في قصيدته "كان السابق دوما" يقول فاروق شوشة: لا نعرف من منا كان السابق فى طلب العلم كنا غصني شجرة نبتت في غفلة حراس الأرض فلم يلتفتوا إلا حين اكتمل النبت وأزهر كان الغصن إذا هبت ريح أو جنت عاصفة يلقى في حضن أخيه الغصن أمان المسكن والمأوى وكثيرا ما كان الغصنان معاً يقفان على حرف وكأن المهوى من تحتهما ينتظر تقصّف عود أو سقطة أوراق أو رجة ساقٍ مرتجفة شبَ الغصنان معا.