أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس، مرفوقا بصاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد، أمس الأربعاء، بمنطقة سهب الغار بالجماعة القروية عين بني مطهر (إقليم جرادة)، على تدشين المحطة الحرارية الشمسية ذات الدارة المركبة المندمجة، التي تعد تجربة رائدة على الصعيد الدولي، والتي بلغت كلفتها الإجمالية 4 ملايير و600 مليون درهم. (ح م) وتندرج هذه المحطة الحرارية الشمسية، التي تبلغ قدرتها الإجمالية 472 ميغاواط، منها 20 ميغاواط بفضل الطاقة الشمسية، في إطار الاستراتيجية الوطنية لتطوير الطاقات المتجددة، التي تحترم البيئة، وتثمين الموارد الطاقية الوطنية لإنتاج الطاقة الكهربائية. كما يتلاءم المشروع الجديد مع التوجه الدولي، الذي يضع ضمن أولوياته تطوير الطاقات المتجددة، خاصة منها الطاقة الشمسية، لمواجهة تحديات الطلب المتزايد على الطاقة والانحباس الحراري. وتتميز المحطة، التي تمتد على مساحة إجمالية تبلغ 160 هكتارا، يغطي منها الحقل الشمسي مساحة 88 هكتارا، بقدرتها على ضمان إنتاج سنوي متوسط يقدر ب 3538 جيغاواط /ساعة، أي ما يعادل 13 في المائة تقريبا من الطلب الوطني لسنة 2010 . وتتكون المحطة، التي تقوم على اعتماد وتوظيف التكنولوجيا الدقيقة، من عنفتين غازيتين تشتغلان بالغاز الطبيعي، وعنفة بخارية، ومرجلين للاسترجاع، وكذا مجال ومبدل شمسيين. وبذلك ستمكن هذه المحطة من تعزيز وسائل الإنتاج الوطنية بشكل كبير، وتقوية شبكة الربط الكهربائي بالجهة الشرقية للمملكة. وسيجري تشغيل المحطة، التي أسندت مهمة إنجازها إلى الشركة الإسبانية "أبينكوا"، في إطار طلب عروض دولي، بواسطة الغاز الطبيعي، الذي تتزود به عبر قناة يبلغ طولها 12.6 كلم موصولة بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي. وجرى تشييد المحطة الجديدة، التي كان جلالة الملك أعطى انطلاقة أشغال إنجازها في 28 مارس 2008، في مراعاة تامة لضوابط ومعايير احترام البيئة، حيث أن دخولها حيز التشغيل سيمكن من اقتصاد كمية الفيول المستهلكة سنويا بنحو 12000 طن، مما سيساهم في تجنب انبعاث 33500 طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون في الجو سنويا. كما أن اعتماد المحطة لتقنية التبريد بواسطة النظام الجاف (المبردات الريحية)، سيمكن من خفض كمية المياه المستهلكة من 5.4 ملايين متر مكعب، إلى 850 ألف متر مكعب سنويا، أي ما يمثل اقتصادا في استهلاك الماء بنسبة 80 في المائة. من جهة أخرى، جرى وضع نظام خاص باسترجاع النفايات السائلة للمحطة، ومعالجتها وتخزينها داخل حوض سميك للتبخير، تبلغ مساحته 6 هكتارات، بشكل يمكن من عدم طرح أي نفايات سائلة. ويتجلى احترام المشروع للشأن البيئي أساسا في استعماله للتكنولوجيا النظيفة، المتمثلة في نظام الدارة المركبة المشغلة بالغاز الطبيعي، واحترام المقتضيات الوطنية والدولية في مجال البيئة الخاصة بالنفايات الغازية والسائلة، وكذا الضجيج، إلى جانب غرس ما يقارب 4500 شجرة، و20000 من النباتات المختلفة. ويشكل المشروع الضخم الخاص بالمحطة الحرارية الشمسية ذات الدارة المركبة المندمجة، جزءا من برنامج التنمية المندمجة بالجهة الشرقية للمملكة، من خلال مساهمته في فك العزلة عن منطقة عين بني مطهر، بإنجاز طريق للولوج إلى المحطة وإلى المناطق المجاورة، وخلق مناصب شغل خلال مرحلتي البناء والاستغلال (360000 يوم عمل)، وكذا في إحداث مقاولات صغيرة ومتوسطة على الصعيد المحلي. كما يتمثل جانب المواطنة في المشروع من خلال حرص القائمين على إنجازه على المساهمة في تقوية البنيات الأساسية لجماعة بني مطهر، من خلال تشييد قنطرتين على "واد الشارف" و"واد تبودة"، وتهيئة المناطق المجاورة وتزويدها بالبنيات التحتية، والتجهيزات الخاصة بالتنقيب عن المياه، ومجموعة من العمليات الرامية إلى دعم التمدرس ومحاربة الهدر المدرسي (المساهمة في عملية مليون محفظة وشراء حافلتين للنقل المدرسي وتوزيع دراجات هوائية على التلاميذ). وجرى تمويل المشروع، الذي تقدر تكلفته الإجمالية ب 4.6 ملايير درهم من طرف البنك الإفريقي للتنمية، والمؤسسة الإسبانية للقروض والصندوق الدولي للبيئة عن طريق هبة تبلغ 43.2 مليون دولار أمريكي، بالإضافة إلى تمويل من طرف المكتب الوطني للكهرباء . وكانت الاستراتيجية الطاقية الجديدة، التي جرى وضعها بتوجيهات سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس، والتي تولي أهمية خاصة لتنمية الطاقات المتجددة والتنمية المستدامة، تعززت في نونبر الماضي، بتقديم "المشروع المغربي للطاقة الشمسية"، الذي يتطلب إنجازه استثمارات مالية بقيمة تسعة ملايير دولار. ويسعى هذا المشروع الوطني الطموح والواقعي، الذي سيجعل المغرب فاعلا مرجعيا على مستوى الطاقة الشمسية، إلى إنشاء قدرة إنتاجية للكهرباء، انطلاقا من الطاقة الشمسية، قدرتها 2000 ميغاواط في أفق 2020 .