يحتفل الشعب المغربي, وعلى غرار العديد من البلدان الإسلامية, غدا السبت, بذكرى المولد النبوي الشريف, تعظيما وإجلالا لخير خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم, وتمسكا منهم بدينهم الحنيف وتشبثا وتعلقا بالرسول الكريم وتفانيهم في حبه وحب آل بيته . واحتفال المغاربة, وسائر المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها, بمولد نبيهم عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام, مظهر من مظاهر حب الرسول وإجلال لشخصيته العظيمة في نفوسهم, له مظاهره وتقاليده الأصيلة التي درجت عليها الشعوب الإسلامية حتى أصبحت من تراثها الشعبي, كما أنه مناسبة من أجل التذكير بالمثل العليا للإسلام ومعانيه السامية, والحث على مراجعة الأمة الإسلامية لسيرتها الذاتية, وسلوكها في التربية الروحية والهداية الأخلاقية. ويكتسي الاحتفال بهذه الذكرى في المغرب, المعروف بعاداته وتقاليده, طابعا رسميا وشعبيا, يتميز بصبغة دينية بحتة واحتفالية زاهرة, إذ تتنوع مظاهره بين المواكب الدينية ومجالس العلم وتدارس القرآن وترديد الأمداح النبوية وسرد السيرة النبوية العطرة, فتقام لذلك المولديات في المساجد وتنظم المواسم الدينية في الزوايا ومجالس الذكر بالبيوت والمنازل. ويحرص أمير المؤمنين صاحب الجلالة الملك محمد السادس سبط الرسول الأمين كل سنة على إحياء هذه الليلة المباركة احتفاء بجده المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام. ويأتي إحياء جلالة الملك لهذه الليلة المباركة اقتداء بسنة أجداده المنعمين الذين دأبوا على الاحتفاء بذكرى مولد جدهم المصطفى عليه الصلاة والسلام, والذي شكل ميلاده مولد أمة كانت وستظل خير أمة أخرجت للناس تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر, إنه الرسول الأمين خاتم الأنبياء والمرسلين الذي أشرقت بمولده الدنيا وامتلأت نورا وهداية بفضل ما تضمنته الرسالة المحمدية من ترسيخ لقيم العدل والمساواة والاعتدال والدعوة إلى العمل الصالح والتسامح بين البشر والتعايش بين مختلف الأديان والثقافات حتى يعم الرخاء والسلم بين الناس أجمعين. كما أن العديد من الزوايا والطرق الصوفية بالمملكة, من شمالها إلى جنوبها, وجريا على العادة المتبعة في كافة أنحاء المغرب, تحرص على إحياء هذا المولد العظيم, ومن بينها الطريقة القادرية البودشيشية التي تنظم ابتداء من يوم أمس بمداغ (قرب مدينة بركان) اللقاء الدولي الرابع حول التصوف, والطريقة الكتانية التي تنظم موسمها السنوي ابتداء من6 ربيع الأول (21 فبراير الجاري) بمناسبة ذكرى المولد النبوي الشريف وذلك من خلال إقامة احتفالات بالعديد من المدن. ومن المواسم الدينية ذائعة الصيت التي تقام بهذه المناسبة, "موسم الشموع" لمولاي عبد الله بن حسون بمدينة سلا, التي دأبت على الاحتفاء بهذه الذكرى بتنظيم تقليد "الشموع" التي تعلق بضريح هذا الولي الصالح عشية ذكرى مولد الرسول الأكرم, ويعتبر هذا الموسم استمرارية لتقليد عريق يجسد حب وولع الحاضرة السلاوية بسيد الأنام محمد صلى الله عليه وسلم وبآل بيته الطاهرين.