أسفر انهيار جزء من فندق شعبي يؤوي مجموعة من الصناع التقليديين بطوالة أمصفح بحي أسول بالمدينة العتيقة لمراكش، يوم الثلاثاء الماضي، يدعى "فندق "الحاج الطاهر.تصوير : محمد السفيني عن إصابة أحد الصناع التقليديين، 67 سنة، بجروح متفاوتة الخطورة في أنحاء مختلفة من جسمه، نقل على إثرها في حالة مستعجلة إلى مستشفى ابن طفيل لتلقي العلاجات الضرورية. واصطدم الضحية، الذي يمتهن حرفة "الخرازة" أمام قلة ذات اليد وافتقاره إلى الإمكانيات المادية الضرورية، بالمسؤولين بالمستشفى المذكور يطالبونه بتأدية واجب السكانير لفحص الإصابة، التي تعرض لها في الرأس. وخلف انهيار سقف "فندق" الحاج الطاهر، الذي خضعت مرافقه لعمليات ترميم وإصلاح، في إطار شراكة بين المستفيدين والمبادرة الوطنية للتنمية البشرية وبرنامج تأهيل "الفنادق" المخصصة للصناعة التقليدية بالمدينة العتيقة لمراكش، حالة من الهلع والخوف في أوساط أصحاب الدكاكين المحاذية للفندق وسكان الحي المذكور. وتضمنت أشغال ترميم الفندق المذكور، التي أثارت علامات استفهام كبيرة، ترميم الجدران وإعادة بناء الأسقف الآيلة للسقوط، وحماية الأسطح من تسرب المياه، وترميم الواجهة وإعادة تبليط الأرضية. وأرجع مصدر من عين المكان أسباب الانهيار إلى الإهمال المتمثل في الطريقة، التي جرى بها ترميم "الفندق"، والتي غالبا ما يعهد بها إلى مقاولات غير مختصة، تعتمد في عمليات الترميم على مواد لا تتلائم مع طبيعة المواد، التي بنيت بها الفنادق الشعبية العتيقة بمراكش، ولا تتناسب مع معايير المعمار المعمول به مع هذا النوع من التراث المعماري. وتعتبر الفنادق الشعبية، التي يقع معظمها بمحيط ساحة جامع الفنا وبالأحياء القديمة، والتي تختزل حضارة تاريخية مرت عليها حوالي 400 سنة، إرثا تاريخيا مهما والنواة القديمة للأنشطة التجارية وكنزا لمنتوجات الصناعة التقليدية المغربية. وتتوزع الأنشطة التجارية، التي يجري مزاولتها بهذه "الفنادق"، والتي تؤدي وظيفة تجارية بامتياز على مدى العصور، حسب الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي عاشتها مدينة مراكش، ما بين المصنوعات الجلدية والزرابي والملابس التقليدية والأغطية والمصنوعات النحاسية والخشبية والأحذية التقليدية والأواني الفخارية والحلي والحديد المطروق والنسيج وصناعة الفوانيس والنجارة والصياغة وصباغة الصوف والأثواب والتطعيم، فضلا عن توفرها على عدد من المخازن والمستودعات. وأخذت هذه "الفنادق" المتخصصة في احتضان الصناع التقليديين أسماء الأشخاص، الذين كانوا يتوافدون عليها كفندق "مولاي المختار"، الموجود بحي الموقف، بالإضافة إلى تسميات مختلفة كفندق، "العمري" و"الميزان" الخاص بالحرفيين والصناع التقليديين، بحي سيدي عبد العزيز، وأخرى تحمل اسم "أهل فاس" و"أهل الجنوب"، وغيره من التسميات المرتبطة بالأشخاص الوافدين عليها، وتتناسب مع المنتوجات التي يجري إنجازها بهذه الفضاءات التقليدية.