منذ أن ظهرت أولى الإصابات بفيروس أنفلونزا الخنازير في المكسيك، وتوالي سقوط ضحاياه عبر باقي بلدان المعمور، اهتم عدد من الأشخاص بالحديث عن المرض، إلا أن غير المختصين منهم، يخلطون ما بين الفيروس والبكتيريا، رغم وجود فرق شاسع بينهما.وتعتبر الفيروسات، كائنا صغيرا ودقيقا، لا يمكن مشاهدتها إلا بالمجهر الضوئي، لأنها عبارة عن جزيئات بسيطة، ما يجعلها أهم المعضلات، التي تواجه التصنيف الحيوي، وبالتالي فإنها لا تمثل كائنات حية، لذلك توصف غالبا بالجسيمات المعدية. ومن خصائص الفيروسات أنها لا تتكاثر إلا داخل خلايا كائن حي آخر، ولا يجري ذلك إلا بالاستعانة بخلايا المضيف، التي جرى السيطرة عليها من قبل الفيروس، لكنها بالمقابل تبدي بعض خصائص الحياة مثل القدرة على التضاعف. والفيروس كائن دقيق يغزو الخلية الحية ليحصل على الغذاء من هنا، فهو يزداد في العدد ليخترق غشاء الخلية، مفرغا المزيد من الجسيمات الفيروسية في مجرى الدم، لتنتشر في خلايا أخرى. وتصيب الفيروسات جميع أنواع الكائنات الحية، من الحيوانات والنباتات، وهي تتكون من جزأين أو ثلاثة، وهي جميعها لها مورثات مكونة من جزيئات طويلة تحمل المعلومات الجينية، كما لها غلاف بروتيني يحمي هذه الجينات، وبعضها محاطة بغلاف دهني يحيط بها عندما تكون خارج الخلية المضيفة، بينما أشباه الفيروسات فلا تملك غلافا بروتينيا. وتتميز معظم الفيروسات، حسب ما تناقلته عدد من المواقع الطبية، بكونها أصغر من البكتيريا المتوسطة بحوالي مائة مرة، وهي تنتشر في العديد من الطرق، إذ تنتقل فيروسات النبات من نبات إلى آخر، غالبا عن طريق الحشرات، في حين تنتقل فيروسات الحيوان عن طريق دم الحشرات الماصة. وتعد المضادات الحيوية غير ذات تأثير على الفيروسات، لأن الفيروس يعيد برمجة خليته المضيفة لإنتاج فيروسات جديدة، وجعل تقريبا كل البروتينات المستعملة في هذه العملية جزءا طبيعيا من الجسم، مع عدد قليل فقط من البروتينات الفيروسية. إلا أن الباحثين في المجال البحث العلمي والطبي، تمكنوا من تطوير بعض الأدوية المضادة للفيروسات. ويمكن مقاومة الفيروسات بعدة طرق، من أبرزها اتخاذ إجراءات وقائية، تهدف لإكساب الإنسان مناعة صناعية لمقاومة الأمراض، وذلك بالتطعيم، أو عن طريق إجراءات علاجية تهدف لإخماد فعل أو تدمير الفيروس داخل الأجساد باستخدام الكيماويات أو بواسطة المضادات الحيوية. كما يمكن تجنبها بتتبع الإجراءات التي تمنع انتقال الفيروس الممرض للإنسان، وباستخدام مطهرات مبيدة للفيروسات، وهي عبارة عن بعض الكيماويات التي تستخدم للتخلص من الفيروسات أو تخميدها عند تحضير اللقاحات، مثل اليود والكلور والفورمالين والجلوتارالدهيد، وكذلك استخدام بعض الميبدات العضوية كالكلوروفورم والإثير. ويعود اكتشاف الفيروسات، حسب عدد من الكتابات العلمية، إلى العالم الروسي "ديمتري ايفانوفسكي" سنة 1892ميلادية، الذي تمكن من تصفية عصارة أوراق التبغ، المصابة باستخدام مرشحات خاصة لا تسمح للبكتيريا بالمرور، ومسح بها أوراقا غير مصابة، فلاحظ إصابتها. وهو أول من أطلق عليها اسم "فايرس"، الذي يعني باللاتينية السم. وللفيروسات آليات مختلفة لتسبب المرض لكائن ما، ويعتمد ذلك بشكل كبير على نوع الفيروس. ويمكن للفيروسات أن توجد داخل الجسم دون أن تكون مؤذية مع أنها في الأصل تسبب اضطرابات الاستتباب الصحي، المؤدي إلى الأمراض. إلا أنه كلما توفيت مزيد من خلايا الجسم، فإن الحامل للفيروس يبدأ يشعر بآثار ذلك. أما البكتيريا، فهي كائنات حية دقيقة وحيدة الخلية، منها المكورات والعصيات. وعادة ما يوجد حوالي عشرة مليارات خلية بكتيريّة في الغرام الواحد من التربة، ومئات الآلاف من الخلايا في الملمتر المكعب من ماء البحر. وتلعب البكتيريا دورا أساسيا وحيويا في تدوير المغذيات البيئية، فالعديد من الخطوات المهمة في دورة التغذية تجري بوساطة البكتيريا، أهم هذه الخطوات تثبيت النتروجين في الغلاف الجوي. وتعتبر البكتيريا، أيضا، مكونا طبيعيا من مكونات الجسم البشري، إذ هناك من الخلايا البكتيرية على الجسم البشري، ما يفوق عدد خلاياه نفسها، فعليا مجمل الجلد عند الإنسان والفم والجهاز الهضمي مليء بالبكتيريا، وهي بمقدار ما يشاع عن ضررها وتسببها بالأمراض. وتتميز بكونها مفيدة للصحة، إذ تساعد على الهضم، لكنها أيضا تسبب أمراضا خطيرة. تاريخيا تسببت البكتيريا في أمراض خطيرة مثل الطاعون والجذام، لكن اكتشاف المضادات الحيوية خفف كثيرا من هذه الأخطار، وقلص أعداد الوفيات الناتجة عنها. وتتمتع البكتيريا بأهمية صناعية، إذ يستفاد من عملياتها البيولوجية لإجراء ما يصعب إجراؤه صناعيا، مثل معالجة المياه القذرة، وإنتاج المضادات الحيوية وغيرها من الكيماويات.