يعيش فريق المغرب الفاسي أزمة حقيقية، بدليل أن اللاعبين يتمردون، والمدرب غير مرتاح، والجمهور ساخط، ووحدهم بعض المسيرين يتفننون في طلاء المساحيق، أو كما يقول المثل الدارج " كيديروا العكر فوق الخنونة".وفي الوقت الذي يفضل فيه البعض لعب دور المتفرج، يرفض المنخرط والمسير السابق عبد الحق المراكشي أن يقتفي أثر الجميع، ويصر وحده على السباحة ضد التيار، من خلال رفع صوت المعارضة لما يقع داخل البيت الأصفر. في حوار مع "المغربية"، تحدث المراكشي بكل شفافية، ليس لأنه أعلن العصيان في وجه المكتب ورئيسه مروان بناني، ولكن فقط لأنه يعشق الماص حتى النخاع، ويرفض أن يكون شيطانا أخرس. ماذا يقع بالبيت الماصاوي؟ - ما يقع للماص معروف عند الجميع، المشكل الذي يعانيه فريق المغرب الفاسي يكمن في عشوائية التسيير، وانعدام التخطيط. المشرفون على الفريق يمدونه بمسكنات تنفعه ظرفيا، وتضره مباشرة بعد ذلك. إذن الأزمة ليست مادية، كما يعتقد البعض، وإنما هي أزمة تسيير، لذلك كنت شخصيا أطالب برئيس يمتلك التجربة الكافية للتسيير، ومن هذا المنطلق قلت إن تجربة الرئيس الحالي لم تختمر بعد، ولا يملك بعضا من أبجديات التسيير. ورغم ذلك، أقول إنه في حال انسحاب مروان بناني، ستتفاقم أزمة الفريق، خصوصا على الصعيد المالي، ولن يكون بالإمكان تجنب المشاكل، في ظل ارتفاع أجور بعض اللاعبين، وكراء 20 منزلا، ثم أخيرا الاستعانة بأرجنتيني، مديرا للفريق. ما يروج هو أن الفريق يعيش ضائقة مالية؟ - هنا أختلف معك، لأن الفريق، الذي يقال إنه صرف أزيد من 14 مليون درهم، لديه فائض، لكن طريقة التدبير لم تكن في المستوى، وكان هناك تبدير في مالية الفريق أكثر من اللازم. إذا قارننا الوضع مع بعض الفرق التي من مستوانا، نجد أنها لم تصرف نصف ما صرفناه، ومع ذلك تعيش استقرارا وتسير في خط مستقيم. هناك تبذير مالي من طرف عدد من الأشخاص، خاصة في ما يتعلق بعملية انتداب وتسريح اللاعبين. لنأخذ مثلا مقصف النادي، الذي يعتبر المورد القار، فمدخوله حوالي 160مليون سنتيم سنويا، لكن ذلك يكفي فقط لتغطية واجبات 3 لاعبين يعرفهم الجميع. ثم هل كان فريق الماص في حاجة لجلب مهاجم بمبلغ 200 مليون سنتيم؟ بينما حارس المرمى أو لاعب آخر يمده بالكرات لا يتقاضى شيئا، فمثل هذه الحالة تكرس التفرقة بين اللاعبين، ما يؤثر سلبا على مردوديتهم أثناء المباريات. أين يتجلى سوء التدبير؟ - يتجلى في طريقة الإنفاق، مع غياب تام لترشيد النفقات، مع العلم أن الرئيس الحالي ضخ أرقاما مهمة في ميزانية الماص، مع بداية الموسم. أنا أتحدث الآن عن مكتب مسير عمره أربع سنوات، مع تغيير طفيف لبعض العناصر، أبرزها رئيس الفريق، صادق على تقرير مالي لا يتعدى 150 مليون سنتيم، وفي شهر شتنبر انتعش حساب النادي بما يقارب 500 مليون سنتيم، متعلقة بصفقة انتقال نبيل الداودي. إذن الرئيس الحالي تسلم قيادة الفريق بفائض مالي، عكس ما يصرح به بعض أعضاء المكتب، على أن الأزمة موروثة من المكتب السابق، مع العلم أنهم كانوا ضمن التشكيلة السابقة ولم يتغير سوى الرئيس كما أشرت قبل ذلك. التقرير الذي جرى تقديمه خلال الجمع الأخير لم يسمح بتحديد العجز أو الفائض، وكان من بين أسباب إبعاد أمين المال؟ - للتوضيح كان هناك اتفاق على أن يظل كل من الرئيس السابق وأمين المال ضمن تشكيلة المكتب الحالي، ولا علم لي بما جرى بعد ذلك. صحيح كان هناك خلل في تقديم التقرير المالي، غير أن المجتمعون صادقوا عليه، بمن فيهم الرئيس بناني، الذي حضر بصفته منخرطا. إذن الجميع صادق على عجز لا يتعدى 150 مليون سنتيم. أعود لأتمم لك تجليات سوء التدبير، نتحدث عن صرف 14 مليون درهم، في حين نجد أن الفندق الذي نزل به الفريق خلال تربص إيفران لم تؤد واجباته، فضلا عن ديون المركب، ومستحقات العاملين بالمدرسة، ومركز التكوين، ثم أخيرا مستحقات اللاعبين، بالمقابل نجد أن رحلة عين الدراهم التونسية، التي تكلف بها أحد الوسطاء، سويت وضعيتها في الحين. الغريب في الأمر غياب باب الحوار والتواصل، في الوقت الذي نجد أن الوزير الأول يسأل من طرف نواب الأمة ويجيب عن أسئلة الصحافيين، نجد حصارا يضرب على رئيس الماص كي لا يتكلم مع المنخرطين واللاعبين ومع الصحافة، لغرض في نفس يعقوب، مع محاولتهم أن يظل الرئيس في "دار غفلون"، أظن أنه لو تحدث مع أي شخص سيكتشف واقع الأمر. إذن الرئيس لا يعلم ما يدور بمحيطه؟ - الرئيس ليست لديه التجربة الكافية، ولو كان على علم بما يروج بالبيت الماصوي لما عاش الفريق الأحداث الأخيرة. بناني ليست لديه التجربة الكافية لفتح باب الحوار مع المنخرطين. أعتقد أن الرئيس يأتمر بأوامر صادرة عن لوبي، خاصة في ما يتعلق بالحديث إلى وسائل الإعلام واللاعبين. أخيرا علمت أنه رفض الحديث مع عميد الفريق. ما يحز في النفس، أنه لما ارتأى البعض تغيير خالد بنوحود بمروان بناني، جرى عقد عدة لقاءات لإقناعنا بذلك، من بينها لقاء حضره بناني شخصيا، وفور انتخابه على رأس الماص ضرب عليه حصار، وظلت الرسالة المضمونة لتسوية الانخراط أول وآخر ما وصلنا من المكتب الحالي. ألم تكن لديك لقاءات مباشرة مع الرئيس لتوضيح الأمور؟ - سبق لي أن اجتمعت بمروان بناني مدة ساعة ونصف، بعد مباراة الفريق باتحاد الخمسيات، غير أن اللوبي لم يرقه ذلك. أنت تتحدث عن وجود لوبي، بالمقابل هناك من يرى أن خرجاتك الإعلامية تشوش على مسيرة الفريق؟ - أعتقد أن القانون حاضر في حال ما إذا كنت صرحت ببعض المغالطات، أود أن أشير إلى أن الفريق ليس ملكية خاصة، وكل الأخبار المتعلقة به يجب أن يعلمها الجميع. شخصيا لا أجد مانعا، بصفتي منخرطا بالماص، أن أدلي بتصريحات لوسائل الإعلام لفضح كل الخروقات التي ألاحظها. يقولون إنني أشوش على الفريق، وأنا أقول "الساكت عن الحق شيطان أخرس". لكن هناك من ينزعج لكلامك؟ - ذلك أمر يهمهم، لا أعتقد أن شخصا يشتغل بشفافية ووضوح سينزعج مما أقول. وضوحي وغيرتي على الفريق تدفعني لقول ما أشعر به، وسأستمر في الحديث عن الفئة التي لا دور لها، و"تأكل على حساب الفريق". أظن أن الماص، في ظل الأزمة المالية، بحاجة إلى مبلغ 1000 درهم، الذي يصرف على أناس دون مهمة واضحة. أستغرب لأناس لم يتعبوا من التسيير، ومنهم من يشرف على الانتدابات منذ 1994 إلى يومنا هذا. ماذا تحقق من "الورقة المشروع" التي قدمها الرئيس خلال الجمع العام؟ - هناك الكراسي الفخمة، ووقوف المضيفات بالمنصة الرسمية، فضلا عن تقديم حفل شاي بين الشوطين، غير ذلك لا أعرف ماذا أنجز من "الورقة المشروع". أين هي الحافلة التي جرى التعهد باقتنائها، رأينا فقط صورة منها لدى بعض المحبين؟ - شخصيا لم أشاهد حافلة ولا صورتها، وعلمت، عبر بعض الجرائد، أن فريق الماص سيصبح مثل فريق ريال مدريد. كنت من بين المعارضين خلال الجمع وتنبأت بما يحصل الآن، على ماذا ارتكزت لإصدار حكمك؟ - تنبأت بذلك انطلاقا من تجربتي ومتابعتي القريبة للمغرب الفاسي. ساهمت في عودة الفريق إلى القسم الأول، عبر مبادرتي بلم شمل جميع مكونات الفريق من جهة، وترشيد النفقات، من جهة أخرى. تطلب منا الصعود مبلغ 600 مليون سنتيم، حوالي نصف المبلغ أتى عن طريق صفقات أبناء المدرسة، كوحا، واشكيليط، والسقاط. صحيح أن الماص في حاجة إلى المال، وصرفه بعقلانية، وفي حاجة إلى رئيس لديه تجربة وعلاقات تسهل مأموريته. إذن أنت مع "مول الشكارة"؟ - أنا مع الفكر المقاولاتي، ومع الرئيس الذي يستثمر أمواله. نلاحظ اليوم أن الفرق الناجحة تستثمر في اللاعبين، بعد التعاقد مع عناصر شابة على غرار ما تقوم به بعض الأندية المغربية. في ظل ما نلاحظه حاليا كيف ترى مستقبل الفريق؟ - مستقبل الفريق يعلمه الله. وماذا عن الانتدابات؟ - أعتقد أن بعضا منها ترك عجزا في مالية الفريق. هل لديك حل للضائقة المالية الحالية؟ - الحل سهل للغاية، أولا كان على مكونات الفريق أن تجتمع وتحدد ما تريده، والإمكانيات المرصودة لتحقيق الهدف، وعلى ضوء ذلك نقوم بانتدابات موضوعية، لا أن ننخرط في الانتدابات التي تنتج عنها ضائقة مالية، ويصعب معها تسوية وضعية اللاعبين في حينها. أعتقد أن على الفريق تسريح بعض اللاعبين لتسديد مستحقات الباقين. أظن أنه يجب أن نضحي بثلاثة أو أربعة عناصر لكي يعيش الباقي، وتظل المدرسة، التي تعتبر القلب النابض، مفتوحة للجميع، لكن قبل ذلك علينا بتر العضو الفاسد من جسم الماص لكي تسير عجلة الفريق.