كشفت بعض التجارب العلمية الحديثة أن الدوافع البيولوجية ليس لها أي دخل في تحديد ميولات الأشخاص، ودحضت الرأي الشائع بأن حب الأطفال البنات للعب بالدمية سببه دوافع أنثوية طبيعية، وعدم اهتمام الأطفال الذكور بهذا النوع من اللعب سببه اختلاف بيولوجي أساسي في استجابتهم الوجدانية.وتناول علماء الأنتروبولوجيا، والمتخصصون في دراسة المظاهر السلوكية لدى الإنسان، بالتحليل، الهرمونات الجنسية، التي تفرزها الغدد الصماء لدى الإنسان (الغدد التناسلية)، بحيث يعتبر دورها أساسي في تمييز سلوك الرجل عن المرأة، والتي لا تظهر إلا في بداية مرحلة البلوغ، إذ لا وجود لأي اختلافات بيولوجية بين الذكر والأنثى، قبل هذه المرحلة، باستثناء شكل الأعضاء التناسلية، وبالتالي، فإن ما يحدد سلوك الطفل، قبل البلوغ هو العوامل المحيطة به، وتعامل الأهل والأقارب، بالتحديد، على اعتبارهم أكثر من يحتك بالطفل في تلك المرحلة. ففي أغلب المجتمعات الإنسانية، يعامل الطفل الذكر، منذ نعومة أظفاره، معاملة الرجل، و الطفلة معاملة المرأة، وتتضح أوجه هذا التمييز في معاملة الأهل، و مشرفات رياض الأطفال ثم معلمات المدرسة، وأيضا ما يفرض على كليهما (الطفل و الطفلة) من ألعاب، فنجد أن الطفل يتعود على اقتناء الألعاب، التي يطغى عليها طابع القسوة والعنف، مثل السيوف البلاستيكية، المسدسات، ألعاب فيديو، مفرقعات... أما الأنثى، فعادة ما تجلب لها ألعاب الدمى، وما يتعلق بها من اكسسورات، ماكياج الدمية وأثوابها، ومطبخها... وهكذا، تتشكل السلوكيات النفسية للطفل، وفق المجتمع الذي نشأ فيه. أما الهرمونات الجنسية، التي يفرزها الجسم ابتداء من سن البلوغ، فالدراسات أكدت على أن دورها يقتصر على تحديد الصفات البيولوجية للذكر والأنثى فقط، وأن لا علاقة بتحديد سلوك أي من الجنسين. وهناك هرمون "البرولاكتين" يرى الباحثون أن له، ربما، صلة بعواطف الأمومة لدى الأم، لكنها صلة غير مباشرة، إذ يزداد نشاطه، في فترة الحمل والولادة، تأهبا لإرضاع المولود، و يتعلق نشاطه أيضا، بنشاط هرمون آخر "الاوكسيتوسين"، الذي يزداد إفراز جسم الأم أثناء رضاعة الطفل لثديها، وله دور معين في تعزيز علاقة الأم بطفلها، وزيادة تعلقها به، و حبها له، لذا يطلق عليه الأطباء اسم (هرمون الحب). أما بالنسبة إلى عدم وجود فوارق عاطفية كبيرة، بين امرأة وطفلها البيولوجي، وبين أم و طفلها بالتبني، فالأمر يثبت، مرة أخرى، أن أداء دور الأمومة لا يتعلق بالغريزة أو الهرمونات بل بتهيئة المجتمع والبيئة المحيطة، ولهذا، لن تحتاج الأم لزيادة في نشاط هرمون "الاوكسيتوسين" كي تحب طفلها المتبنى، كحبها لطفلها الحقيقي.