أظهرت الأبحاث الحديثة أن أدمغة الذكور تختلف تماما عن الإناث، ما يجعل حاجتهم إلى الرعاية هي الأخرى تختلف. ويساهم التكوين البيولوجي في جعل التربية هي الأخرى تختلف بين الجنسين، ليصدر البعض حكما بكون الأولاد يكبرون بشكل أبطأ، ويميلون إلى الأنشطة الجسدية، والمخاطرة أكثر من الفتيات.هذا الاختلاف يشغل بال الآباء، الذين يجدون أنفسهم في بحث دائم، وتساؤل عن أفضل الطرق لتربية ولد محب وجريء وناجح. ويقال إن تربية الأولاد أسهل من تربية الفتيات لأنهم أقل حساسية وعاطفية، فهل هذا صحيح؟ قد يكون الأمر كذلك، في الماضي، لكن، يرى المختصون في التربية، أنه أصبح من الصعب، اليوم، أن يمارس الولد طفولته في مجتمع يفرض عليه أن يكون صلبا وشجاعا في مختلف الظروف. فالأهل، خصوصا الآباء، غالبا ما يركزون على جعل من الولد رجلا في سن مبكرة. وأظهرت إحدى الدراسات أننا غالبا ما نترك الولد يبكي لفترة أطول، قبل أن نحمله، كما أننا نقوم بتدليله لفترة أقصر من تلك التي نخصصها للفتيات، ونتناسى حقيقة أن الصبيان الصغار يحتاجون إلى الحب والعناق بقدر ما تحتاجه الفتيات. وتظهر الدراسات أن الصبيان لن يبدعوا في حياتهم ما لم يحصلوا على الحب. لذا يجب اللعب معهم والاهتمام بهم وحضنهم حتى يشعروا بالأمان، لأن طفولتهم لن تجعل منهم رجالا ما لم يستمتعوا بها كما يجب. وعلى الآباء تقبل حقيقة أن الأولاد يكبرون بشكل مختلف. فعلى سبيل المثال، هناك دليل على أن الأطفال الإناث يستطعن السماع أفضل من الأطفال الذكور، وربما يكون هذا هو سبب عدم تعلم الذكور اللغة أفضل من الإناث. كما تبدأ الإناث التحدث أسرع من الذكور، ما يجعل فهم ما يفكرن به أسهل. كما إنهن الأفضل في التهجئة والقراءة. ويلاحظ الأخصائيون أن الآباء أصبحوا يعتمدون كثيرا على مرحلة الروض في تربية وتعليم أبنائهم، بعد أن كانت الفكرة من خلقها هي اللعب والتطور الاجتماعي. أما الآن، وبسبب التركيز الكبير على نتائج الامتحان في المراحل الدراسية الأولى، أصبحنا نتوقع من الأطفال أن يقرأوا بطلاقة، وأن يكتبوا بوضوح، وأن ينصتوا بانتباه. إلا أننا نجد الأولاد أقل قدرة من الفتيات في كل هذه المجالات، كما أنهم يفتقرون إلى الانضباط مقارنة بالفتيات، لذا هم أكثر عرضة للعقاب بسبب سوء السلوك. وبما أن الفرص وأوقات اللعب أصبحت أقل، فليس من الغريب أن يشعر الأولاد بالتوتر نتيجة الضغط الدائم، فيعانون، بالتالي، صعوبة الاستيعاب. وتثير الخشونة والنشاط الزائد عند الذكور انشغالات الآباء أيضا، ما يشعرهم بأن هناك مشكلا معينا في تربيتهم، لكن الأخصائيين يطمئنونهم من هذا الجانب، إذ أن الأولاد أكثر حركة ونشاطا من الفتيات. فهم يحبون الألعاب الخشنة، والقفز بين ذراعي والديهم والعراك معهم، وهم أقل طاعة وأسرع غضبا، وأقل ليونة في التأقلم مع الظروف المحيطة بهم. وغالبا ما ينظر الآباء إلى أولادهم على أنهم يتعمدون عدم الطاعة والتخريب، إلا أن الأطفال الذكور حينما يلقون بالأشياء، أو لا يبدون الطاعة لوالديهم، فإن ذلك بسبب مقدرتهم على مقاومة ردود فعلهم العفوية. فالأطفال الذكور يميلون بالغريزة إلى العنف والألعاب الجسدية. وهذا التصرف طبيعي جدا. فيما تميل الفتيات إلى احتضان دب مثلا، فهذا يشعرهن بالأمان، وبأنهن قادرات على التحكم في شيء ما. لذا، يرى الآباء أن سلوك الأولاد في حملهم، أيضا، دبا أو لعبة، والتمسك بها، عنوان لليونة مفرطة لن تجعل منهم أقوياء مستقبلا، في الوقت الذي تعني ذلك، بالنسبة إلى الأولاد، أنها "سند" قادرعلى امتصاص شحنة الغضب والإهمال، التي يشعرون بها، كما أنها تشجعهم على الاستقلالية، وتمنحهم الأمان والحماية.