نسيم السعيدي جلت في ذاكرة بعض ساكنة مدينة سيدي سليمان وقد بلغوا من العمر عتيا فأجمعوا على أنها مدينة نشأت في زمن الحماية الفرنسية ,على ضفاف وادي بهت, تميزت بناياتها وقصورها القديمة على شاكلة المدن الفرنسية وكذلك شساعة شوارعها ومصارف مياهها التي لم تعرف إلى حد اليوم احتقانا ,كما أن هذه الشوارع حملت أسماء الأشجار التي زينت بها , أما حدائقها ذات الأشكال الهندسية العجيبة تجعلك لا تبارحها من فرط أزهارها والعبق الذي يفوح منها, تتوسط المدينة كنيسة تقشعر لها الأبدان كلما أقرع جرسها وبالجانب الأخر تسمع أذان المسجد الذي يرجع الفضل بنائه للمعمر الفرنسي "سولير" وكانت حينها المعلمة الدينية الوحيدة, وفي نهاية كل أسبوع كنا نقصد نادي الكرة الحديدية وكرة المضرب نستمتع باللعبة وقد استوعبنا قواعدها ولازال هذا النادي قائما إلى يومنا هذا وكان الآخرون يقصدون قاعات السينمائية التي تحمل إسم ,"ريكس"و سينما "النصر" أما الخمارات كانت في كل مكان تفوح منها رائحة الجعة والنبيذ الأحمر "روج" من نوع "شود سوليل" وهو إنتاج محلي لمعملين لصنع الخمور لصاحبها ‘كازا نيور' وكانت تشتغل بها يد عاملة جد مهمة ناهيك عن وحدات تلفيف البرتقال بكل أشكاله وأنواعه , كما أن مدينة سيدي سليمان لم تخلوا من مدارس تعليمية عصرية ,البعثة الفرنسية المخصصة لأبناء المعمرين و الوجهاء لمدرسة التي أصبح إسمها لأن مدرسة القدس حاليا . وأما مدرسة"مسيو فورني " هي النيابة التعليم التي تحمل إسم محمد السادس حاليا وأما مدرسة التعليم الأصيل هي التي تحمل إسم مدرسة الحسنية .وقد أطلق عليها هذا إسم المغفور له الحسن الثاني أيام كان وليا للعهد عندما زار مدينة سيدي سليمان في سنة 1947 وقد أطلق هذا الإسم كذلك على فريق حسنية سيدي سليمان فرع كرة القدم وعند منتصف كل سنة دراسية كانت تنظم أنشطة رياضية وترفيهية تسمى "كيرميس" يشرف عليها .أساتذة فرنسيون ومغاربة بمشاركة التلاميذ كما كانت تنظم ندوات ثقافية وعروض مسرحية فقد وصدق من أطلق على مدينة سيدي سليمان إسم " باريس الصغيرة " فأمجاد هذه المدينة وذكرياتها الجميلة جمة قد يتطلب وقتا كبيرا لسير في أغوارها ومع فجر الاستقلال أنشئت معلمة جديدة عززت مكانة المدينة اقتصاديا واجتماعيا ويتعلق الأمر بمعمل السكر واد بهت "سوناب" وقد جاء على لسان الفنان المغربي عبد الوهاب الدكالي في احدى أغانيه " ومعمل سكر سيدي سليمان حقق نهضة إقتصادية" .كما عرفت المدينة حزاما أخضرا تغطيه مساحة كبيرة من أشجار الكاليبتوس وهي غابة تعتبر متعتة المدينة و متنفسها الوحيد ,أما اليوم فأين نحن من ذلك الماضي الجميل لهذه المدينة التي اعتز بها الحسنا ويون نسبة إلى بني احسن وهي قبيلة تمتد حدودها الى الشراردة وكروان وزمور ومتاخمة لوادي سبو وكل معالم مدنية سيدي سليمان لم يبق منها الإ الكنيسة الذي تصدأ جرسها وخرس صوته ,فاعتلى اللقلاق فوق صمعتها لينعم بالهدوء وعدم الازعاج