ونلحظ بشده قوله عن مدى جواز أن تقوم (لجنة)، دون تعريف بالألف واللام، قاصدا مفهوم اللجان نفسه وتعميمه على كل اللجان والتى تتخذ فيها القرارات بمشاركة ومناقشة ودرس، فليس هؤلاء هم المخولون بمنح الأوسمة التقديرية لأنهم لا يعملون وفق الحلال والحرام، لذلك فالفتوى تحتوى ضمنا تحريم عمل اللجان عامة وإحلال الفتوى محلها . المخفيات المسكوت عنها تفصح عن نفسها فالسؤال يتحدث عن هجوم على الإسلام فى كتب (بدون تعريف) مطبوعة ومنشورة ومتداولة، ليوعز بالخطر الكامن فى الكتب عموما، والذى يقتضى مرورها أولا على المشايخ ليتم التصريح بطبعها ونشرها من عدمه . إن أى تأمل بسيط فى كل هذه الهجمة الشرسة سيكتشف أن الأمر لا علاقة له ببحث علمى أصاب أو أخطأ، أو جاءت استنتاجاته وأداؤه وأدواته غير مرضية للبعض ومنهم السائل والمجيب، أو على أسوأ الظروف غير صائبة وهو حال العلم البشرى الذى يحتمل الصواب والخطأ دوماً، القضية هى انتهاز الفرصة بهذه الجائز، وتجريمها لإسكات العقول المفكرة والراغبة فى تفعيل وعى الأمة ونحرها إن أمكن، الهدف الأكبر والأبرز هو حظر البحث العلمى بكل أشكاله وألوانه ومناهجة. والسائل من بدء رسالتة المستفتية، يرجو المفتى أن يكون رقيباً على أعمال اللجان العلمية وأن يكون رقيباً على ميزانية الدولة وأوجه صرف الدخل القومى، وهو حشد للسلطات بيد رجل الدين لم يسبق أن فى حدث فى تاريخنا من قبل ولا حتى زمن الراشدين، حدث فقط مع النبى (ص) وحده، أتراهم يرون أنفسهم أكفاء له وأنداداً ؟! تنجلى الأهداف متسلسلة، فالواضح أن المستفتى لا يطلب بسؤاله المعرفة، هو يعلم أن هناك من سب النبى والإسلام فى حياة النبى شعراً ونثراً بل تغنوا بهجائة فى ليالى سمرهم تعزف عليهم القيان، هو لا يطلب علماً فالإجابة واضحة للأعمى، لكنه يطلب هياجا شعبويا بتصوير دين الإسلام ضعيفاً مهزولاً يتطاول عليه سيد القمنى وغيره ليهب له المسلمون غيره ونصره. واتباع السائل والمسؤول تكتيك عدم ذكر اسم المتهم، إنما يهدف إلى التعميم على هذه الحالة وعلى كل الحالات المشابهة، من أفكار أو طرائق تفكير جديدة أو مختلفة عما أعتادوه، لأنه لو تم التشخيص والتسمية لكان الجرم أهون، أما عدم التعميم المقصود يجعل الفتوى عامة تخويفاً وإنذاراً له ولغيره ولمن صوت لجائزته ولمن يفكر فى ذلك مستقبلا. وكي تتم إحالة أي شأن لرجل الدين تتم إدانه نظم التصويت باللجان وورش البحث، من يلجأ يجب أن يلجأ للمفتي، لرجل الدين، أي أن المسألة ليست قاصرة على سيد القمني، إنما انطلاقا منه لقيام سلطة رجال الدين التامة وإسكات أى صوت مخالف، ومن ثم إلغاء البحث العلمى بالتمام، لجعل رجل الدين المرجعية العليا للأمة المصرية. السائل والمجيب يرسمان خطة ما يجب أن يكون. إذا كان حكم من يسب الدين معلوماً بدقة فإنه لا يكون للاستفتاء هدفاً معرفياً، إنما أهداف ضمنية فى تمثيلية ساذجة هزلية لتعويد العقل المسلم وتدريبه على العودة إلى رجل الدين، وعدم استخدام هذا العقل حتى فى البسائط الهيئات المتوافيه، وتكريس التبعية واستجلاب التحريض والسب والتكفير من جهة رسمية حكومية، وليس جهة سماوية، فالختم ختم النسر وليس ختم السماء ، ختم يعبر عن سلطة دنيوية تلبس زيا سماوياً، فتكون هى الدكتاتورية المثلى والنموذج التمامى للفاشية، فلا حكومة دولة مدنية تحكم ولا الرب بنفسة هو من سيحكم، إنما شخص من لون السائل والمسؤل. يبقى هدف أخير ضمن الأهداف المتضمن بين السائل والمسؤول، ألا وهو الضغط مقدماً وسلفاً على قرار القضاء فيما هو مرفوع من قضايا بشأني، إحراجاً للقاضى وسد المنافذ أمامه، لأنه إذا كان رأي ربنا موجود فى القضية فماذا سيقول القاضى أمام حكم الشرع ؟ هنا سأحيل القاضى إلى القرآن ليرى كيف أن المنصب الفتوى والورع والخشوع ليس علامة الطهارة والصدق المطلق، أحيلة الى قوله : « وجوه يومئذ خاشعة عاملة ناصبه تصلى ناراً حامية»، وأنه قال : «وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الاثم والعدوان» ،وربما إن استزاد أحلته إلى أحاديث النبى (ص) :« من مشى مع ظالم ليعينه وهو يعلم أنه ظالم فقد خرج من الإسلام»، لذلك كان تساؤل المسلمين حول حديث النبى : « أنصر أخاك ظالما أو مظلوما» عن كيفية نصرته ظالما ، قال ( ص ) : «تحجزه وتمنعه من الظلم فذاك نصره» وهى كلها نصوص مقدسة يعلمها المفتى والمستفتى، ورغم ذلك لم يحجز المفتى أخاه الظالم عن ظلمة، بل مشى معة ليعينة وهو يعلم !! ليتعاونا على الإثم والعدوان !!. القانون المدنى فى هذه الحال يمكن أن يدين ما فعل المستفتى والمفتى معا فى خرقهما لكل قوانين العدل فى الدنيا كلها، لذلك أقترح على السائل والمسؤول ألا ينتظرا إدانه المحكمة المدنية لكليهما، خاصة أني لن أءلوا جهداً فى السعي لحبس معظم أطراف الهبة التكفيرية، وقد تطوعت بمال هذة الجائزة جميعة فى سبيل هذا المُنى ومن أجل تلك البهجة وذلك السرور والحبور، ليذوقوا نتائج بعض عبثهم الطائش، وإن لم تنصفني محاكم بلادي فأمامي محاكم الأرضين السبع ولا أُبالي، لذلك أقدم لهما النصح مخلصا أن يقدما نفسيهما للمسلمين كمسلمين صادقين قولا وفعلاً، ويظهرا أنهما أفضل أيمانا من (سيد القمني) ومن لجنة وزارة الثقافة وأي لجان أخرى، تعاليا أدلكُما على الطريق الإسلامي القويم للنجاة، فأُذكركما أن الغامدية أصرت على الاعتراف بمخالفتها للشرع وطلبت القصاص حتى رُجمت، وحتى قال النبي ص عنها «لقد تابت توبه لو وزعت على الناس لوسعتهم جميعا» فهل السائل والمسؤول من الملائكة ؟ ألم يرتكبا أي جرم ناهيك عن جرم هذه الفتوى الكارثية، لماذا لا يتقدم السائل (الذى سخر موقعه لسب سيد القمني وتكفيره وتدعيرة وتصغيرة لمدة تزيد عن الثلاثة أشهر) إلى الحاكم ليكسب نيشان الغامدية ويعترف إنه سب مسلما حسن الإسلام هو (القمني) ظلما وزورا، وأنه يطلب توقيع العقوبة على نفسه، أو ليستخرج من حياتة مأثمة واحدة ليكون كالغامدية، لنروي بعدها رواية جمال سلطان الغامدى إلى جوار رواية الغامدية المُؤسسة، وحتى يكون فى تاريخنا أكثر من غامدية واحدة مفردة ، ليشرف الإسلام بغامدى جديد بعد أن غاب الغامديون من تاريخنا الإسلامى أربعة عشر قرنا، وكذلك أن يذهب فضيلة المفتى لرئيس الجمهورية ليعترف ببعض آثامة البشرية ويطلب التشهير به ومعاقبته وتجريمه على ملأ كما فعل ماعز ليكون لدينا أكثر من ماعز واحد، أم أن كل رجال الدين من الأطهار ليس فيهم غامدي أو ماعز واحد بطول القرون السوالف ؟ هل رأينا غامدياً واحداً بين الجماعة الإسلامية التى قتلت الأبرياء بالرسوخ فى الدين وعادت للمراجعات بالرسوخ فى الدين ؟ معترفين بخطئهم فى الفهم الأول الدموى ودون أن يعيدوا للقتلى حياتهم بالفهم الثانى، لماذا لم يفعل أحدهم فعل ماعز أو الغامدية ؟ أم أن الأحكام عند المشايخ تجب فقط على غيرهم من الرعية ولا تنطبق عليهم لأنهم السادة المسلمون وحدهم ؟ إن العدل هو أن يبدأ السائل والمسؤول بنفسيهما، لنتأكد أن إيمانهما ليس إيمان مستوى معيشى رفيع أو نفع دنيوى او كرسى منصب وطنافس مصفوفة ملحوقة بثريد الكافيار ومُضيرة معاوية، وإنما إيمان يؤمن به القلب ويصدقه العمل والفعل وليس الخطابة الرنانة والكراسى الفخيمة ودنانير الفضائيات وبيزنس كل ألوان الإسلام السياسى. فهلا سمعنا قريباً من رجل دين مخلص لإيمانه يطلب من الحاكم أن يقطع يده، أو يجلده أو يرجمه ؟! أم أن جميع رجال الدين هم من المعصومين من الخطأ والذنوب وبقية المسلمين هم من الخطائين، لذلك يملكون حق الدوس على رقاب الناس يسبون هذا ويلعنون ذاك ويطردون آخر من رحمه الله، وكأن جنات عدن قد أصبحت عزية خاصة بهم يملكون وحدهم مفاتحها، أبداً والله لا نصدقكم، ولا تقبل أحكامكم على عباد الله، ولا نصدق غيرتكم على إسلامنا، حتى نرى من بينكم غامدياً جديداً، أو لتكتفوا بمغانمكم، وتصمتوا وتخرسوا وتخرجوا من دماغ الأُمة، حتى تصح وتتعافى وتلحق بأشقائها فى الإنسانية، حيث نور العلم والحقوق وإشعاع الحضارة القاتل لجراثيم التخلف .... وعفن المقبورين.