يعتبر الإطار الفرنسي جون فرانسوا جودار من الاسماء التي راكمت تجربة تقنية لايستهان بها. فهو أمضى بالادارة التقنية الوطنية بفرنسا ما يقارب 16 سنة، ودرب العديد من الفرق والمنتخبات ليحط الرحال بأكادير، وبالحسنية التي يراهن مسيروها على بناء فريق تكون له كلمته في الساحة الكروية الوطنية قريبا. وللاقتراب من المدرب الجديد للفريق الاكاديري والكيفية التي يشخص بها وضعية فريقه الحسنية، وكذا وضعية الكرة الوطنية كان لنا معه هذا الحديث. { ماذا يمكن ان تقول لنا،عن بداية مسارك كلاعب، ثم كمدرب؟ > سأكتفي بإعطاء الخطوط العريضة حول مساري. فأنا عادة لايعجبني ان أعرج على الماضي. لقد مارست كلاعب محترف لمدة 16 سنة. وذلك ابتداء من سنة 1967 ، لعبت 421 مباراة بالقسم الاول، بالاضافة الى موسمين الى 3 بالقسم الثاني، مما يعطي حوالي 500 مباراة لعبتها بالقسمين الاول والثاني. أتيحت لي كذلك فرصة حمل قميص المنتخب الفرنسي ست مرات. مررت من ثلاثة اندية. فلست شخصا كثير الحركة والتنقل. فقد أمضيت ثماني سنوات بسطاد ريمس، وأربع سنوات بأولمبيك ليون، و4 سنوات بالراسينغ ستراسبورغ. كما مارست لموسمين كلاعب ومدرب بإحدى فرق القسم الثاني (موسوليمين)، ليتوقف مساري كلاعب، ويتواصل كمدرب لموسمين. بعد ذلك انتقلت لأعمل بالجامعة الفرنسية لكرة القدم التي أمضيت بها 16 سنة، وبدأت بالعمل كمدرب مساعد الى جانب هنري ميشيل بالمنتخب »أ« وبعد ذلك، ولحوالي 15 سنة تحملت مسؤولية تدريب منتخب الشبان (17 و18 سنة) وحصلت معهم على لقب بطولة العالم، ثم بطولة أوربا. لهذا اعتبر المدرب الفرنسي الاكثر تتويجا مع فئة الشبان. { يبدو من خلال هذا المسار، ان جانب التكوين يغلب على عملكم التقني. أليس كذلك؟ > ليس بالضرورة، صحيح انني اشتغلت كثيرا في هذا الاتجاه، ولكن بعد ذلك كانت لي تجربة بدولة الإمارات، وأشرفت على منتخب فئة عشرين سنة، والذي هو أقرب الى منتخب الكبار. وأشرفت بعد ذلك، ولحوالي ستة أشهر، على منتخب الكبار، ولعبنا ثلاثة مباريات في إطار الاقصائيات المؤهلة لكأس العالم، وحصلنا على سبعة نقاط، لكن حدث سوء تفاهم بيني وبين المسؤولين، لأنهم أرادوا ان اشتغل مع منتخب الكبار بنفس الشروط ونفس العقد الذي كنت اشتغل به مع الشبان. وهو مشكل مالي، فقد كنا نحتل الصف الاول في الاقصائيات، وكنت اعرف ماكان يتلقاه المدرب السابق للمنتخب الإماراتي الانجليزي روي اوكصون، وما كنت لأقبل لأن اشتغل بشروط أقل (يضحك). لهذا عدت الى فرنسا. واقترحني المدرب دومينيك لكي اشتغل الى جانبه كمساعد، لكن الجامعة رفضت لأنني في اعتبارها كنت سافرت الى الخارج للبحث عن المال، مما جعلني أعود مجددا الى الامارات لأشرف على اكاديمية احد الاندية بها، وأمضيت بها عشرة أشهر، ثم أشرفت على فريقها الاول لمدة ستة أشهر، لأشرف بعد ذلك على تدريب المنتخب المالي لمدة سنتين، ومررنا بالإقصائيات لنتأهل لكأس افريقيا للامم بغانا، حيث كانت مشاركتنا جيدة، لكن للاسف لم نتمكن من التأهل للدور الثاني بفعل النسبة العامة، حيث انتصرنا على البنين، وتعادلنا مع نيجيريا، وخسرنا لقائنا الحاسم امام الكوت ديفوار، والذي ليس بالفريق السهل. هنا انتهت تجربتي بمالي. وعدت الى فرنسا للبحث عن عمل، لكن مع التقدم في السن وتواجد جيل من المدربن الشباب، ثم مع التواجد بالخارج لمدة طويلة، كل هذا عقد عودتي الى فرنسا والعمل بها. وعندما أتيحت لي فرصة المجيء الى المغرب قبلتها بدون تردد. { كيف أتيحت لك هذه الفرصة؟ وعن طريق من؟ > اعتقد ان أحد الوكلاء او الاشخاص هو الذي اعطي اسمي لرئيس الحسنية. بالاضافة الى أن جمال الدين لحراش كان يعرفني وكذا تدخل المدير التقني الوطني جون بيير مورلان. وقد تفاوضت مع مسيري الحسنية، وزرت مدينة اكادير التي سبق لي ان جئتها سائحا منذ حوالي اربع او خمس سنوات. وخلال زيارتي الاخيرة حاولت الوقوف على الشروط التي سأشتغل ضمنها. { على ذكر الشروط، هل وجدت انها ملائمة لأداء مهمتك على أحسن وجه؟ > لم تكن الامور كذلك، لقد تفاجأت بالشروط والبنيات التي وجدتها، مما جعلني أفهم لماذا كرة القدم المغربية تجد صعوبة في تحقيق الاقلاع. فالبنيات التحتية والملاعب تبقى دون المستوى فباستثناء الملعب الرئيسي (الانبعاث)، الملاعب الاخرى تبقى دون المطلوب، وتوجد في وضعية رديئة ولا يتم الاعتناء بها، مما يطرح مشكلا بالنسبة لتداريب فئات الفريق الاخرى. فهذه الملاعب من حيث جودتها وعدم استجابتها حتى للمقاييس التي تكون عليها الملاعب العادية، لاتسمح بالقيام بعمل تقني يستجيب للقواعد والشروط التي ينبغي تحقيقها. واعرف ان هذا المشكل لايعاني منه نادي الحسنية لوحده، بل تعاني منه عدة اندية اخرى، فالامر يتعلق بوضعية عامة. وعلى كل فأنا قبل ان أوقع على العقد مع الحسنية، وقفت على الوضعية التي سأشتغل فيها، فلم يكن هناك عنصرالمفاجأة ولايمكنني بالتالي ان استسلم للشكوى، ونحن نحاول تجاوز مختلف العوائق والمشالك بأحسن كيفية ممكنة، ونحن نحاول تجاوز مختلف العوائق و المشاكل بأحسن كيفية ممكنة. ثم هناك مناخ المدينة، وهو مناخ جيد. ويبقى المشكل الاساس هو مشكل الملاعب. فاللاعبون عندما يمارسون في فضاءات ضيقة لاتستجيب للمعايير المتعارف عليها، لايمكن ان يتطوروا، بشكل جيد، تقنيا وتاكتيكيا. واعتقد ان هذا هو المشكل الاول الذي ينبغي حله وتجاوزه اذا أردنا ان تتطور كرة القدم المغربية. ثم هناك اشياء أخرى لاحظتها منذ قدومي الى المغرب، اي منذ شهر ونصف تقريبا، والتي فاتحت بشأنها اللاعبين. طبعا هذا امر يبقى بيني وبين اللاعبين (يضحك) لكن هذه اشياء لابد من اثارتها. فعندما اقارن بين البلد الذي انتمي اليه، ففرنسا ليست بالضرورة احسن بلد كرويا، لكني تصنف ضمن العشر الاوائل عالميا وبين المغرب، فاعتقد ان هناك طرقا لابد من المرور عبرها لتطوير كرة القدم، وهذا ما لم يتم بعد في المغرب. لا يكفي ان ندعي باننا الاقوى والاحسن كرويا، بل لابد من اعطاءا لدليل على ذلك بالانجازات والالقاب والارقام. كما من كأس افريقية ثم نيلها، وكم من مرة تمت المشاركة في نهائيات كأس العالم، وكم نالت الاندية الوطنية من القاب قارية او دولية. وانا اتابع كرة القدم المغربية واعرف ان الفرق المغربية، خلال السنوات الأخيرة، تجد صعوبة في فرض نفسها في بعض الاستحقاقات القارية والدولية. { مادمنا نتحدث عن كرة القدم المغربية والصعوبات التي تمر منها حاليا. ماهو تشخيصك لوضعيتها وكذا تقييمك لهذه الوضعية؟ > ينبغي اولا استحضار قيمة البلدان الاخرى. وعدم المبالغة في الادعاء او تضخيم الذات. وربما تكون هذه الكلمات قوية شيئا ما او مبالغها في استعمالها. لكن هذا المشكل اصطدمت به عندما كنت اعمل في مالي. الماليون يعتقدون انهم الاحسن كرويا في العالم. ولكن هذا الادعاء لا تتم دائما ترجمته الى القاب وانجازات . عندما تكون الاحسن فمعنى هذا اننا نحرز الالقاب والبطولات . في هذا الصدد، ثم عندما نريد ان تكون كرتنا قوية وقادرة على المنافسة، ينبغي ان نتوفر على اندية قوية تفرض نفسها. وانا اعرف كما اشرت، بان الاندية المغربية تجتاز حاليا مرحلة من الفراغ. س ولكن الا ترى ان الاعتماد في المنتخبات، على المحترفين، واهمال المحليين له تأثير على هذه الوضعية التي تجتازها الاندية؟ هذا مشكل مغلوط صادفته بمالي كذلك. وهو مشكل صنعته الصحافة. فانا عندما جئت لا ول مرة الى مالية، طالبت بان يتم تجنيب هذا التمييز بين المحليين والاجانب او المحترفين. انا ابحث عن 18 لا عبا من بين احسن اللاعبين، سواء كانوا كلهم محليين او محترفين او مختلطين. فنحن نختار احسن لاعبي البلد. ولا معنى في هذا الصدد للتمييز بين المحلي والمحترف. او اثارة موضوعا لتوترات التي قدم تقوم داخل النخبة بين هذه الفئة وتلك. و انا عندما كنت اشرف على منتخب مالي. كانت العلاقات داخله بين المحليين والمحترفين علاقة جيدة. ثم لا ننسى ان اللاعب المحلي لا يعبر عن وضع نهائي. فعندما نستدعي المحليين الى المنتخب، فهم ينتقلون الي اللعب في واجهة تؤهلهم لان يتحولوا بدورهم الى محترفين. فعندما اخذ معي تسعة لاعبين محليين للعب بالمنتخب، كأن يشاركوا في كأس افريقيا، فلن يبقوا محليين، بل سيتغير وضعهم باللعب لاندية اوربية مثله ولا اومن في هذا الصدد انه ينبغي الخضوع لنوع من الكوطا تكوين منتخب نصفه من المحليين، والنصف الاخر من المحترفين. فهذا لا معنى له، بل ينبغي المراهنة على الاحسن. لهذا ينبغي. بالنسبة لكم في المغرب، تجاوز هذا النقاش، والعمل على تكوين قاعدة من اللاعبين المحليين. واعتقد أنكم تتوفرون على مدير تقني وطني، في شخص جون بيير مورلان الذي كان في اساس تقدم وتطور كرة القدم الفرنسية خلال عقد السبعينات، بحيث يمكنكم الاستفادة من التجربة التي راكمها بفرنسا. فخلال بداية عقد السبعينات كنا في فرنسا نتكلم كثيرا ولا نحقق اي انجاز، وكان ينبغي العمل لفترة تزيد عن العشر سنوات لكي تحقق كرتنا بعض الانجازات. ومورلان يعرف هذا لانه عايشه واشتغل في خضمه. فلابد من بعض الصبر والعمل بنفس طويل للوصول الى نتيجة، بدل المراهنة على النتائج السريعة والفورية . { ماذا يمكن ان تقول لنا عن ا لوضع الحالي لفريق الحسنية وهل انت مرتاح لمجموعة اللاعبين التي تتوفر عليها حاليا. > رئيس الحسنية عندما تعاقد معي طلب مني تكوين فريق يمكن ان يكون جديرا باللعب في الملعب الكبير لاكادير الذي مازالت الاشغال جارية فيه. بداية لا اعرف ما اذا كان هذا الامر قابلا للتحقيق، لانه تربطني بالفريق عقد يمتد لسنة واحدة، لهذا على العمال الذين يشتغلون بورش هذا الملعب الكبير. ان يشتغلوا بسرعة (يضحك) ولكن بمعزل عن هذا، ينبغي القول بانه قد وقعنا على بداية موفقة، وينبغي انتظار اللقاء القادم الذي سنواجه فيه الفريق البطل، الرجاء البيضاوي. فعلى ضوء نتيجة هذا اللقاء يمكن ان نحدد افق طموحاتنا في هذا الموسم. ثم هناك الانتدابات التي قام بها فريقنا، علما انه عندما اتيت الى اكادير كنت لا اعرف الشيء الكثير عن اللاعبين الذين سأشتغل معهم و قيمة كل واحد منهم على حدة، وكذلك جوانب النقص لديهم. وعلى كل فقد قمت بعمل تحديد التشكيلة التي يمكن الاعتماد عليها، فانا اتوفر على 35 لاعبا لا يمكنهم بالضرورة ان يلعبوا كلهم، مما قد يجعل البعض غير راضيا. فقد حصرت حاليا العدد في 25 لاعبا يمكنهم اللعب والمشاركة، بدل خلق غاضبين سيجدون انفسهم لا يلعبون اية مباراة. فالهدف بالنسبة لي خلق مجموعة منسجمة تجد نفسها منخرطة ومعنية بالمنافسة.