.. هم نجوم طبعوا الأغنية المغربية بإبداعاتهم الرائعة، وتميزوا بإسهاماتهم وبأفكارهم وعملهم الفني النير، منهم شعراء وزجالون، ومنهم ملحنون ومطربون وموسيقيون ومغنون .. هؤلاء الرواد تركوا علامات بارزة في التاريخ الفني الموسيقي المغربي منذ بداية انطلاقته في بداية الثلاتينات من القرن الماضي . لقد صنعوا المجد لوطنهم ورسخوا معالم الأغنية المغربية بصفة عامة والأغنية الأمازيغية والشعبية و العصرية بصفة خاصة ، ومزجها بعضهم بفن العيطة التي هي مكون أساسي من مكونات تراث غنائي شعبي أصيل . كما يوجد من بينهم نجوم في الموسيقي الأمازيغية التي لها مسار فني غني بتجربة متميزة. ومنهم من أسس لأغنية مغربية عصرية وارتقوا بها إلى مستوى عال .. ومنهم من حافظ على مكانة الموسيقى الأندلسية (طرب الآلة) بالمغرب التي هي متميزة بمدارسها الثلاثة الرئيسية : مدرسة عبد الكريم الرايس بفاس، مدرسة أحمد الوكيلي بالرباط، ومدرسة محمد العربي التمسماني بتطوان . ثم فن السماع والملحون والإيقاع ... هؤلاء النجوم قدموا للفن الموسيقي وللأغنية المغربية وللحن خدمات جليلة ، استطاعوا بأعمالهم الجميلة حمل مشعل التراث الفني الأصيل للأغنية واللحن والموسيقى بالمغرب، ومن ثمة إيصال هذا التراث الفني إلى الأجيال الصاعدة، وربطوا الجسور مع الأجيال المقبلة ، قبل أن يودعونا ، تاركين لنا أجمل الأعمال الخالدة. والتي من الصعب أن نجد رجالا بقيمة الرواد الأولون. عباس الخياطي 1920 - 2004 طرد من القصر بعد نفي محمد الخامس لرفضه التعامل مع بن عرفة ولد بمدينة فاس سنة 1920 ، من أسرة تهتم بالفن ، كان والده عبد السلام الخياطي الرفاعي أحد أبرز أعلام الموسيقى الأندلسية بالمغرب . حيث أنشأ أول معهد للموسيقى «بدار السي سعيد» وكان يدرس به قواعد الموسيقى الأندلسية والعزف على آلة الكمان والعود والإيقاع . التحق عباس الخياطي مع أسرته بمدينة الجديدة سنة 1927 ، وتابع دراسته بها ثم فيما بعد إلى مدينة مراكش سنة 1931 ، وأسس أول معهد للموسيقى . ثم انتقل مع أسرته مرة أخرى إلى مدينة الرباط حيث كلف والده من طرف المغفور له محمد الخامس سنة 1938 ، بترأس والاشراف على الفرقة الخمسة والخمسين الموسيقية . كان أول عمل لوالده إنتاج مشترك بينه وبين الفنان أحمد البيضاوي بتلحين أغنيتين ، واستمرعمل والده بالقصر الملكي إلى أن وافته المنية سنة 1942 . منذ بداية الثلاثينات من القرن الماضي بدأ عباس الخياطي يهتم بالموسيقى حتى تشبع بها ، بما فيها العصرية والأندلسية . تعلم العزف على كثير من الآلات مثل الكمان والعود وغيرها من الآلات الإيقاعية . كما تشبع أخوه الغالي بالموسيقى حيث أصبح الإثنان من أقطاب الأغنية المغربية العصرية التي جاءت متميزة عن الموسيقى التقليدية ، حيث شكل اللونان الشعبي والأندلسي رافدين كبيرين للأغنية العصرية . عمل عباس الخياطي كأستاذ للبراعم وعازف ومطرب بالجوق الملكي إلى حدود سنة 1953 حيث تم طرده من القصر بعد نفي محمد الخامس و رفضه التعامل مع صنيعة الإستعمار بنعرفة . انتقل الفنان عباس الخياطي إلى مدينة سلا وأبدع في الموسيقى الأندلسية ، كما لحن وغنى في الموسيقى الأمازيغية وأبدع في القصيدة وأصبح أحد رواد الأغنية العصرية و اشتهر ولقب بموسيقار سلا ، اشتغل في تدريس الموسيقى بالمعهد الموسيقي الوطني بالرباط من سنة 1958 إلى 1966 ، ثم استقر بالقنيطرة سنة 1966 وأسس المعهد البلدي للموسيقى والرقص والفن المسرحي بهذه المدينة وكان أول مديرله ، كما كان يدرس به الصولفيج والموسيقى النظرية وطرب الآلة الأندلسية ، إلى أن أحيل على المعاش سنة 1986 . ومن ألحانه : «منية الروح» و»رقصة غرناطة» و»منك وإليك» و»فجر الأندلس» و»ليالي اشبيلية» و قصيدة «عتاب» و»غزلان «و «نحلف لك نحلف لك» و»ليلتنا زاهية وزينة»و»البدلة الزرقاء» و»دعا القلب داع» و»الجمال الساحر» و»يالغادي مسافر» التي غناها عبد الوهاب الدكالي، ثم «ياموزع البريد» و»غير سيروسيرو» و»الوحدة العربية» و»القدس» . كما أسس الجوق الملكي للموسيقى العصرية الدي كان يجمع أحسن العازفين . كان نموذجا للفن الملتزم ، أثرى المكتبة الموسيقية للإذاعة المغربية بتسجيلات قيمة ما يفوق 250 إنتاج موسيقي، من بينها قصائد وأناشيد وطنية ودينية ، وقطع موسيقية أندلسية ، أغاني عصرية وأمازيغية ، قبل أن يغادرنا إلى الأبد بتاريخ 8 فبراير 2004 .