سائرا على حافة الليل، أترقب الوقت يرتق آخر أيامه على ضفاف الزمن الضائع. من ذا يطفئ في القلب لوعته الأخيرة ويمسك بتلابيب ضوء تأخر موعده. أهو الوجع الدائم في نسغ العبور أم ذاك انتشاء في عز العمى؟ هل تذكر، عندما داهمنا الخوف من الآتي وانتشرنا شظايا في دروب الليل الطويل؟ كان الجو باردا، وموج الصمت يهذي وعندما آخ الضوء الظلام اندس في أحشاءه القمر وباغت السيف العدل في لحظة من عدم!! واليوم، وقد راق لك أن ترى ولا تبصر أنت الذي تعودت على شحذ رؤياك بما تشتهي صادفت الفجيعة وانصرفت إلى ما لا تعرف. وها قد استفاق الظل وانتصب قامة دون أن يرف جفن الليل، في كبد الغسق ولم تجد طريقا إلى متاهتك المفقودة غير وهج القلق وانكفاء الأمس على أمسه. ليس بالجناح وحده يطير الحمام يا صاحبي. أعرف، لم تطأطئ للعاصفة رأسا ولم تراود بيض النعام على الرمي من بعيد ولكنك اتخذت من الفجيعة معصما وانجذبت إلى ما قاله لك السراب ذات يوم انهض فإن لبعض الماء طعم الكذب ولا تلتفت إلى الوراء، كي لا تعيدك الأيام إلى نفسك. قد يكون ذلك حبا، وقد يكون حلما ولكن المركب لم يدن بعد. هو الانتظار إذن، فارحل إلى غدك معصوب العينين علك تصبح رجعا للصدى والتمس عذرا لكل الحالمين بيوم آخر ولا تكن وجودا في مهب الغياب لألا يفتقدك المرج الذاهب إلى البحر.... هكذا قالت الأم لولدها ذات يوم مطر ولكنها لم تكمل الوصية.... ولو قدر لها أن تحيى هنيهة، لكفت عن الكلام.