شهد صباح الأحد 17 ماي 2009 حركة غير عادية بمخيم المكتب الشريف للفوسفاط سيدي صالح التابع لمدينة الجديدة ، الذي غالبا ما يطبعه الهدوء، لكن الرتوشات الأخيرة لانطلاق المباراة النهائية في تغريد طائري الحسون الحر وهجينه، جعلت الاحتفالية تأخذ طابعها الخاص في ملامح يوم مشمس، من إنتاج جمعيتي أم الربيع لهواة الطيور، ومزكان لهواة الطيور المنضويتين تحت جناح الجامعة المغربية لعلم الطيور. التحضيرات وإرهاصات الترقب ارتفع صوت موسيقى اسبانية خفيفة إيذانا بالاحتفال الذي ارتأى المسؤولون أن تقام جل تفاصيله في الهواء الطلق. وقف خالد تويليلة الذي قدم من البيضاء وهو يراقب التحضيرات الجارية، تفحص المكان ثم نظربقلق إلى الساحة التي برمجت لاحتضان مسابقة الطيور المغردة، سرعة الرياح جعلته يتردد قليلا وهو يتخوف على طائره من هذه الرياح التي قد تؤثر على صحته، لكن تخوفات خالد تويليلة سرعان ما بددتها سطوة الشمس على تفاصيل السماء فضعفت سرعة الرياح وأصبح الجو مغريا أكثر بإقامة مسابقة نهائية راهن الكل على إنجاحها. بدأ مقر المخيم يمتلئ بالوفود المشاركة، أصوات الطيور بدأت بدورها ترتفع احتفالا بهذا الجو الدافئ المنتعش بالرطوبة الصادرة عن شاطئ البحر الذي لا يبعد سوى بأمتار قليلة. جمعية للأشخاص المعاقين حضرت بدورها للمشاركة في الاحتفال، مجموعة من الصقارين بحمولتهم التاريخية والتقليدية قدموا بدورهم، حتى بعض الفنانات في الرسم أبين إلا أن يوزعن لوحاتهن في فضاء المسابقة التي شهدت تنظيما جيدا. «كوريدا» الصقور بسيدي صالح انطلقت المسابقة في تغريد طائر الحسون الحر أولا تحت تحكيم يوسف الحجوي كحكم للمباراة، وأنطوان رودريغيز الاسباني كحكم طاولة، وذلك بعد أن أجريت القرعة بين 28 طائرا مشاركا، لتنطلق الاحتفالية والنقاشات الجانبية حول هذا الطائر أو ذاك، حيث كان الاتفاق على وضع مشاركة ثلاثة متسابقين من الطيور دفعة واحدة. بعد انتهاء مسابقة تغريد طائر الحسون الأنيق اقترح المنظمون استراحة خاصة على الحضور، لم تكن تلك الاستراحة سوى الغوص في تاريخ المغرب الغابر والسفر بالحضور إلى إحدى أهم طرق الصيد التي ميزت النبلاء في العصور الوسطى والأمراء وفي حكايات شهرزاد بألف متعة و متعة. تقدم الصقارون وسط حشد الحضور، مشيتهم المتبخترة تدل على رعايتهم وافتخارهم بطيورهم الكاسرة، ابتعد أحدهم لمسافة بعيدة نسبيا، وذهب آخر في اتجاه معاكس، كانت بداية استعراض «الكوريدا» بطريقة مغربية، تأهب الصقار بجلبابه الأبيض وشمر عن ساعديه وهو يمسك بطرف خيط ربطت حمامة على الطرف الآخر منه، اطلقها وصار يحرك الخيط لترفرف الحمامة بجناحيها، وهو ما أثار انتباه الصقر الرابض فوق قفاز جلدي على ذراع الصقار الذي رفع ذراعه بحركة استعراضية كأنها إيماءة للصقر ببداية الإحتفال بعد أن نزع عنه غطاء الرأس الجلدي. انطلق الكاسر في الفضاء وحام حول الحضور يتأمل نظرات الدهشة على وجوه الأطفال، ونظرات الخوف الممزوج بالفرح في سحنات النساء والفتيات الحاضرة، فجأة انقض كالسهم باتجاه الحمامة، ارتفعت الصيحات، لكن الصقار الممسك بزمام الحمامة سحبها في آخر لحظة، مما اضطر الجارح إلى التحليق مرة أخرى ومعاودة الكرة بنفس الخطة في إصرار كبير، لينال جائزته في الأخير بعد أن تفرج الحاضرون. نتائج المسابقة النهائية وبعد فاصل شيق توبعت المسابقة في تغريد طائر هجين الحسون أو «الميستو» الذي عرف مشاركة مكثفة تمثلت في 41 طائرا. ليتم إعلان نتائج المباراة الوطنية في تغريد الحسون والهجين لسنة 2009 بحضور أزيد من 20 جمعية تنتمي لجميع العصب المنضوية تحت لواء الجامعة المغربية لعلم الطيور، حيث عرفت نتائج المباراة في صنف الحسون الحر فوزالعربي بلحمر من عصبة البيضاء لعلم الطيور بالرتبة الأولى، ثم نزارالزغل من نفس الجمعية تحصل على الرتبة الثانية، بينما آلت الرتبة الثالثة لمحمد بن سعيد من عصبة الشمال لعلم الطيور، فيما عادت عصبة البيضاء وفازت بالرتبة الرابعة في شخص محمد يونس مجاطي علمي. أما بالنسبة لنتائج المباراة في هجين الحسون أو «الميستو» فقد تمكن نزار لزغل عن عصبة البيضاء من الحصول على الرتبة الأولى، بينما فاز بالرتبة الثانية حسن شدري من نفس الجمعية، لتؤول الرتبة الثالثة إلى زهير حدوش عن عصبة الشمال، وتحط الرتبة الرابعة الرحال عند عبد الرحيم دبالي المنتمي لعصبة البيضاء.