تحتضن قاعة سينما وليلي بمدينة سيدي قاسم ، ابتداء من السادسة من مساء اليوم ، السبت 25 أبريل 2009 ، حفلا تكريميا للممثلة القديرة فاطمة هرندي يتضمن إلقاء شهادات في حقها وعرض نماذج من أفلامها وتقديم هدايا رمزية بالمناسبة ، فيما يلي ورقة تعرف بمسارها.. تعتبر فاطمة هرندي ، المشهورة بلقب " راوية " ، إحدى الممثلات المغربيات القديرات اللواتي لم تتح لهن الفرص الكافية في السينما للتعبير عن قدراتهن الهائلة في التشخيص وتقمص الأدوار المركبة المختلفة. تجربتها السينمائية تجاوزت بالكاد عشر سنوات إذ كان أول وقوف لها أمام الكاميرا في الفيلم الروائي الطويل " كنوز الأطلس " (1997 ) لمحمد العبازي ، الذي تم به وفيه الإحتفاء بجانب من الموروث الثقافي الأمازيغي عبر تصوير جميل وتشخيص تميزت فيه راوية إلى جانب ثلة من الممثلين والممثلات أمثال محمد بسطاوي والسعدية لاديب ومحمد خيي وغيرهم . وبعد هذا الفيلم اقترحت عليها أدوار نمطية في غالبيتها لم تضف إليها الشيء الكثير نذكر منها مشاركتها في أفلام " قصة وردة " ( 2000 ) لمجيد الرشيش و" عطش " ( 2000 ) لسعد الشرايبي و" من الجنة إلى الجحيم " ( 2000 ) للراحل سعيد سودة و" شفاه الصمت " ( 2001 ) لحسن بنجلون و" جارات أبي موسى " ( 2003) لمحمد عبد الرحمان التازي و" الجرة " ( 2004 ) لمحمد عهد بنسودة ... كان علينا أن ننتظر مشاركتها في فيلم " العيون الجافة " ( 2003 ) ، من إخراج الشابة نرجس النجار ، لنكتشف وجها آخر لراوية الممثلة . ففي هذا الفيلم استطاعت هذه الفنانة العفوية أن تفجر جزء من طاقتها الإبداعية بشكل مضبوط لا زيادة فيه ولا نقصان ، وأن تبرهن على أن مؤهلاتها النادرة في حاجة إلى من يكتشفها . وهكذا قادها حضورها القوي في " العيون الجافة " ( دور الأم أمينة ) إلى الحصول على جائزة أفضل تشخيص نسائي بالمهرجان الوطني للفيلم بوجدة وإلى الذهاب ( لأول مرة ) إلى مهرجان " كان " سنة 2003 للمشاركة " أسبوعي المخرجين" . مع طاقم هذا الفيلم المتميز في تظاهرة شاهدناها بشكل مشرف أيضا في فيلم " إنهض يا مغرب " ( 2006 ) لنفس المخرجة ، كما شاهدناها مؤخرا في الفيلم القصير " إزوران " ( 2008 ) لعز العرب العلوي لمحارزي ، الحاصل على العديد من الجوائز داخل المغرب وخارجه ، وفي دور صغير و قوي في الفيلم الطويل الثاني لنور الدين لخماري " كزانيكرا" ( 2008 ) الذي تجاوز عدد مشاهديه لحد الآن ثلاث مائة ألف ( 300000 ) . بالإضافة إلى الأفلام السابقة شاركت راوية في أفلام أخرى نذكر منها بالخصوص " والآن سيداتي سادتي " للمخرج الفرنسي كلود لولوش و "الرحلة الكبرى " لإسماعيل فروخي و " ذاكرة معتقلة " للجيلالي فرحاتي و " القدس نداء الملك " ( لم يعرض بعد ) لعبد الله المصباحي 0كما شاركت في أعمال تلفزيونية منها فيلم " منديل صفية " لمحمد لعليوي و مسلسل " جبروت " لليلى التريكي والمسلسل التاريخي " عبد علي ... الرحمان الداخل " للمخرج السوري حاتم. تجدر الإشارة إلى أن الممثلة فاطمة هرندي ، المزدادة سنة 1951 بالجديدة ، خطت أولى خطواتها على درب التشخيص في المسرح الهاوي ثم المحترف مع فرق المنصور والقناع الصغير والمعمورة ابتداء من أواخر الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي . فمنذ السن 13 أظهرت ميلا ملحوظا لفن التمثيل ولم تكتشف المسرح لأول مرة إلا وهي تلميذة بثانوية شوقي بالدار البيضاء حيث دفعها عشقها لأب الفنون إلى الإستفادة من تدريب وطني نظمته وزارة الشبيبة والرياضة آنذاك اطلعت من خلاله على أهم المهن المسرحية بما في ذلك الإنارة والسينوغرافيا واستفادت من خبرة أساتذة كبار من عيار الطيبين الصديقي ولعلج وغيرهما . بعد ذلك قادها تعلقها بالمسرح إلى الإنفتاح على فرقه التي كانت تعيش عصرها الذهبي في السبعينات من القرن الماضي ، ومن مسرحية لأخرى بدأت فاطمة تطور تشخيصها وتتمكن من أدوات التعبير الجسدي ، إلا أن سنة 1980 شكلت لحظة اختيارصعب اضطرت فيها راوية إلى ترك المسرح جانبا وقبول وظيفة في قطاع الصحة العمومي وذلك لأن ممارسة الفن لا توفر للممثل أو الممثلة حياة كريمة . لم تكن الوظيفة عائقا أمام فاطمة هرندي بل ساعدها مدخولها الشهري على دراسة الموسيقى ، عشقها الثاني بعد المسرح ، حيث تعلمت السولفيج والعزف على بعض الآلات وتمكنت من تلبية حاجيات أسرتها والمشاركة من حين لآخر في بعض الأعمال الفنية . لم تعد إلى عوالم التشخيص تدريجيا إلا سنة 1997 لتتقمص أول دور لها في السينما كنوز الأطلس ) استطاع مخرجه أن يظهر من خلاله قوة نظراتها وحضورها على الشاشة ) ، وشيئا فشيئا استأنست بعوالم الفن السابع وأصبحت تعرف بالضبط أين توجد الكاميرا أثناء التصوير وتتخيل حركاتها. من المسرحيات التي شاركت فيها فاطمة قبل وبعد انفتاحها على السينما نذكر " الحكيم قنقون " (1971) مع فرقة القناع الصغير و " الثري النبيل " (1972) مع فرقة المعمورة و " الأحجار الناطقة " (1982) لفرقة المنصور وملحمة "نحن" للطيب الصديقي (1986) ومجموعة مسرحيات لسعيد الوردي ( اللقاء سبع صنايع لعب الحماق سوق الضحك) من 1990 إلى 1994 و " سالم المخفي " ( 2003 ) لمسعود بوحسين ... تتميز الممثلة راوية بتمكنها من أدوات التعبير وقدرتها على التحكم في صوتها ونظراتها وقسمات وجهها وحركات جسدها ، كما تتميز بثقتها في نفسها وقدراتها . زد على ذلك عشقها الصوفي لعملها كممثلة وانخراطها فيه بكل جوارحها ، ولعل هذا كله هو الذي يعطي لتشخيصها قوة ملحوظة ويجعلها تحس بأدوارها وتبدع من خلال هذا الإحساس . يقول عنها المخرج الشاب نور الدين لخماري " راوية تثير إعجابك في بلاتو التصوير ، فهي ليست في حاجة إلى الإعادة ، يكفي أن تقرأ السيناريو لتتملك الدور إلى درجة لا تكتفي فيها بالإنصياع إلى رؤية المخرج بل تذهب بعيدا و تقترح عليه بعض الاقتراحات التي غالبا ما تكون في صالح الفيلم من خلال الدور الذي تلعبه " . ابتداء من سنة 2005 استفادت راوية من تقاعد نسبي عبر المغادرة الطوعية من الوظيفة العمومية ، الشيء الذي مكنها من العودة مجددا وبشكل قوي إلى خشبات المسرح وشاشتي السينما والتلفزيون لتمارس عشقها الصوفي للتشخيص بدون إكراهات إدارية .