سعيد المغربي اسم موصول بجغرافيا المكان، ومدموغ ضمنيا بمجموع الارواح التي تؤثت فضاء هذه الجغرافيا وتشد أزرها، والمؤتمنة قبل هذا وذاك على شموخ اطلس تليث مجراه منذور لايقاض الطعم كلما تداعت للنسيان،يكتب نسيانه، ولعل فسائل نخيل مباهج مراكش بوصلة طريق كامل تعلق الامر بخطوة الى الخلف، من هنا يتعين الانتباه قليلا الى بزوغ نجمة ، صرخته الاولى في البرية وهو يهل ضيفا على الدنيا، عاريا الا من قدر مدون في اللوح المحفوظ يصون تراتيل غنائه المشغول به وسيقف تطهر الروح من ادران دنست مهندسي وصيارفة سياسة ذلك الوقت، عندما كانت البلاد تختنق داخل ما يشبه نفقا مظلما متاهيا هكذا سوف يستوي سعيد المغربي وهو يلملم ذبيب أطراف ريش عمره البكر- طفلا لم يلتحق بعد لون اسمه المنصهر بطين الوطن - نازلا - طالعا من مدرسة بلبل خميس مخترقا ثانوية عبد المومن، لغاية صعود مدارج رحاب كلية ظهر المهرازة فاس على مراجعية الانخراط في شعبة الفلسفة 1977 - 1981 : لا يمكن ان نستوي هنا، حركة اختيار يقظة مادة الفلسفة بمنائ عن الانتماء الايديولوجي السياسي لفصائل اليسار الناهض، غير ان سعيد المغربي قبل هذا التاريخ بسنوات وعلي خلفية فوره مراهقة مشرعة على افاق زاهية، كان قد استدرج حمولة اوتار صوته الطري والبكر لغاية برنامج اصوات المدنية حيث غنى - متمرنا جرح اقديم 1972. ولادة سعيد المغربي الثانية، كمغني مشغول بالالتزام الكلمة هنا فقدت بريقها الان، وترهلت لحد الخنق من فعل صولة المتداول اليوم من اغاني عصرية وغيرها هابطة رديئه الحث على تقويم اعطاب سياسة النفاسين، سوف تتوضح ملامحها في اواسط السبعينات، فورة ازدهار المسرح المغربي سواء في مراكش عن طريق فرقة الكوميديا أو المسرح الباسم في الدارالبيضاء، عندما اعتلى اب الفون خشبته كواجهة للصراع السياسي - سوف تتوضح اكثر عن طريق خروج القصة القصيرة من قمقمها، عن طريق، الاستاذ عبد الجبار السحيمي، شفاه الله، و مصطفى المسناوي في رائعته «طارق الذي لم يفتح الاندلس»، ابو يوسف طه في مراكش، وسوف يستوي الوضوح عميقا ببروز مجلات ثقافية وسياسية لافتة تقطع بالمرة مع اشكال ثقافة الطبل، والمزمار المتفيقهة، ناهيك عن الاضرابات العمالية اللامتناهية وبداية فورة حشر العباد في غياهب السجون. هذه الاجواء المدموغة بلهيب الحرائق، على خلفية اغتيال القيادي الكبير وشهيد صحافة المحرر، الشهيد، عمر بن جلون، من طرف ازلام خفافيش الظلام، واستشهاد المناضلة: سعيدة لمنبهي، في اضراب صاعق عن الطعام وهي رهن الاعتقال، والبلاد حملة وتفصيلا تنادي روحها المواراة في سياسة تستهدف ازهاق هويتها، تاريخها ومجمل علاماتها الفارقة، هي التي بلورت وانضجت وعي سعيد المغربي وألحقته تاريخيا بركب العليين من اماجد اغنية المقاومة - حين لا مداومة غير الشيخ امام فؤاد نجم سمير عبد الباقي باكو ايبانيز فيكتور خارا.. حرب فوارق طبقية، مشغولة بسلم وحرب معلنة، وقودها فقراء مغرب ذلك الزمان المذموغ بالسواد، هذه الحرب، هي التي حبكت استراتيجية اختيار مواقعها - ميادينها كجبهة للنضال والمقاومة: المسرح - الشوارع العمومية، الكليات و المدارس العليا، حيث سنستفيق علي لعلعة رصاص اغاني سعيد المغربي - رفقة الشاعر، عبد الله زريقة، داخل المدرسة المحمدية للمهندسين، عندما كانت هذه الاخيرة جبهة نضال لا يأفل. وهكذا سوف نغتسل باغاني من عيار «ولدك الالة كيدير السياسة» وكلمات المرحوم ودان: «شيد للرجال» : للشاعر الكبير محمود درويش. «ارنب الجولان»، عن التدخل السوري في لبنان، «يا رفيقي اليوم عرفنا الطريق». «امرأة احبت الضوء» مهداة لروح سعيدة المنبهي. الى غاية حدود هذا الغناء الذبيح الذي يوقظ الهمم ويوقظ عظام الشهداء ، وهي رميم، سوف يضيق الحال بسعيد المغربي من فعل اقتفاء آثار صوته وعلاماته حد الخنق، حين لا حرية تعبير - سوف يشد الرحال مكرها الى بلد الأرز، لبنان، ويلتحق رمزيا كفنان يساري بالجبهة الشعبية لفلسطين. هناك سوف يغني من بيروت تحت الححصار قبل ان يعرج على فرنسا، دون ان تسيه مشاوير الدراسة والتحصيل، الانصهار ابداعيا في قيامة مجزرة الاحداث الاجتماعية لضحايا 20 يونيو الدارالبيضاء. سعيد المغربي، الحاصل على دكتوراه في علم الموسيقى سوف يعود الى بلاده سنة 94 بعد ان لفحته رياح عودة المنفيين والمغتربين وسوف تعترضه بشكل عابر مطبات ارضية وهو على اهبة الدخول الي بلاده،لن تنفرج بغير ارواح مستقبلية من أحبته وعشاقه، هؤلاء الذين سوف يحملونه لغاية مركب محمد زفزاف، حيث سيقيم عرسا بادخا لاغانيه المشرعة على الابدية. ما الذي لم تقله هذه الورقة لغاية الان، بصرف النظر عن النسيان، غير انخراطه في التدريس بجامعة الحسن الثاني الانتربولوجيا الثقافية ومتزوج دون اطفال، الاغاني تسعفه من منظور اعتباره مندورا لرعاية التاريخ - ما تؤشر عليه هذه الورقة، بالاحمر المبين، هو مد جسور بيننا وحنينا الذائب في صنوف اشراقات ابداع قوم لساننا . وارتقى بأذواقنا وعلمنا الغناء واقعية السياسة من منطلق مجرى دمئ في الاغاني. والخطاب هناك والآن موجه إلى العزيزة وزيرة الثقافة فلها الاشارة -من موقع الوزارة - ولنا هذا الانتظار الجميل. سعيد الآن يتهئ لملمحة زمن الخيبة وكل عام وانتم بمنآى عن الخيبات.