يكفي أن تلج تلك المقهى الشهيرة الواقعة وسط عين حرودة، وتأخذ لك مكانا منعزلا، لتمر أمام عينيك صور عجائبية لشريط غريب أبطاله «سماسرة» الانتخابات، ومخرجوه ومؤلفوه مسؤولون جماعيون وبرلمانيون! وأنت تتفرج، تكتشف مشاهد من صميم واقع تئن تحته بلدية عين حرودة، وسكانها، وتقتنع بتلك الإجابات عن كل الأسئلة المطروحة حول تخلف المنطقة وتردي مرافقها، وحول حجم مشاكلها وعدم قدرتها على النهوض بأوضاعها إسوة ببعض المناطق الأخرى! في وسط المقهى، التي نجح صاحبها في توسيعها عبر «الاستحواذ» على جزء من محيط الحديقة العمومية المجاورة، بدعم من بعض مسؤولي الجماعة وترخيص منهم، كراسي مصطفة جنبا لجنب، يجلس عليها بعض المواطنين البسطاء، ينتظرون «زعماء السياسة» الذين ما يلبثوا أن يظهروا محاطين بمجموعة من «الفيدورات».. ويبدأ الشريط.. تنطلق الحملة الانتخابية من هناك في تلك المقهى، خارج كل القوانين، وباستعمال كل الوسائل من إغراءات مالية أو منفعية أو مصلحية، أو عبر إرسال إشارات التهديد والوعيد، وفي خضم ذلك، توضع وسائل تابعة للجماعة رهن الإشارة، وتستغل آلياتها ووقودها وأموالها، فوق طاولات هذا الأسلوب! من هناك، وسط تلك المقهى، التي يسميها البعض مازحا «البيت الأبيض» لعين حرودة، توزع المهام والمأموريات، ومن هناك، تنطلق «جيوش» «الزعماء السياسيين» لتنشر رعبها وجبروتها وسط دواوير المنطقة بين بسطاء السكان الذين لايزالوا يحملون أملا في تحقيق التغيير، ويحلمون بعين حرودة جديدة نقية تدار شؤونها ديمقراطيا.. يسقط العديد من الضحايا، ويصاب الكثيرون بالجروح، ويعرض السكان للخطر في كل لحظة وحين.. ويحدث كل ذلك باستمرار ويوميا.. أمام أنظار السلطات المحلية! وفي وسط تلك المقهى، يجلس «أصحاب الانتخابات» وغير بعيد عنهم يجلس بعض رجال السلطة! يوم الأربعاء الماضي، تم الاعتداء على أحد المواطنين بالسلاح الأبيض.. تلقى المواطن ضربات موجعة، وجرحا عميقا على مستوى خذه الأيمن.. بعض الأخبار أكدت أن الدرك الملكي بالمنطقة رفض فتح تحقيق في الموضوع! يبدو أن قوة «البيت الأبيض» لعين حرودة تجاوزت كل الحدود!