انتصر الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لفريق نهضة بركان، في ما بات يعرق بأزمة القميص، في مواجهة السلطات الجزائرية، التي صادرت يوم الجمعة أمتعة الفريق البركاني، التي تضم القمصان، التي سيخوض بها مباراته أمام اتحاد العاصمة، برسم نصف نهائي كأس الكونفيدرالية الإفريقية لكرة القدم. واتخذ الاتحاد الإفريقي لكرة القدم قرارا حاسما، مساء أول أمس السبت، بإجبار اتحاد العاصمة على ربط الاتصال بالسلطات الجزائرية، قصد تمكين الفريق البركاني من أقمصته، وإلا فإنه سيعتبر منهزما في هذه المباراة، بعدما تأكدت لجنة مسابقات البطولة ومنظمي المباراة من أن قمصان نهضة بركان، التي تحمل خريطة، المغرب لا تخالف اللوائح. واشترطت سلطات مطار هواري بومدين، مقابل الإفراج عن الأمتعة، إخفاء خريطة المغرب، لكن مسؤولي الفريق البركاني رفضوا الأمر، ونقلوا القضية إلى الكاف.» وأحبط قرار الاتحاد الإفريقي لكرة القدم كل مخططات السلطات الجزائرية، التي تمادت في استفزازاتها لكل ما هو مغربي، بعدما سبق لها أن منعت، في يونيو من سنة 2022، الوفد الصحافي المغربي من دخول التراب الجزائري قصد تغطية دورة ألعاب البحر الأبيض المتوسط، كما رفضت رفع العلم المغربي في ملعب 05 جويلية بالعاصمة الجزائر خلال مباراة الوداد الرياضي وشبيبة القبائل في دور المجموعات بمسابقة دوري أبطال إفريقيا في فبراير من سنة 2023، ليضطر الكاف إلى اتخاذ قرار إنزال العلم الجزائري أيضا، وقبله صادرت معدات التصوير الخاصة بمصور الفريق الأحمر، كما رفضت الترخيص للمنتخب الوطني المحلي بدخول التراب الجزائري في مستهل سنة 2023 عبر رحلة مباشرة إلى مدينة قسنطينة للمشاركة في نهائيات أمم إفريقيا للمحليين، ما دفعه إلى الاعتذار عن المشاركة، وهي الواقعة التي كادت تتكرر مع المنتخب الوطني للفتيان أواخر شهر أبريل من السنة الماضية، لولا تدخل الفيفا التي أمنت طائرة أقلت المنتخب المغربي من الرباط إلى الجزائر. وفي وقت دأبت الأندية المغربية دأبت على المرور عبر تونس في رحلاتها لمواجهة الفرق الجزائرية، استند نهضة بركان على واقعة منتخب الفتيان، طالما أن حظر المرور عبر الأجواء الجزائرية يشمل فقط طائرات الخطوط الملكية المغربية، واستأجر طائرة دولية انتقل عبرها، صباح الجمعة، من مطار وجدة أنجاد إلى العاصمة الجزائر. ورغم أن السلطات الجزائرية حاولت جاهدة منع السفر المباشر لنهضة بركان، إلا أن ضغط الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم على الكاف مكن الفريق البرتقالي من السفر المباشر، وتفادى رحلة عبر تونس، مع ما يمكن أن يترتب عنها من تعب وعياء في صفوف اللاعبين، لأنها قد تستغرق يوما كاملا. ورغم محاولة التستر على درجة العداء والكره لكل ما هو مغربي من طرف سلطات البلد الجار، بعد استقبالهم من طرف مسؤولي اتحاد العاصمة بورود تخفي أشواك الضغينة، وجد الفريق البركاني، نفسه أمام وضع غير مسبوق، حيث قررت الجمارك الجزائرية مصادرة أمتعته الرياضية، وفي مقدمتها الأقمصة، التي تتوسطها خريطة المغرب بحدودها الكاملة. وأعاد أمن المطار الوفد البركاني إلى المطار، بعدما كان يتهيأ لصعود الحافلة، من أجل تفتيش دقيق، اعتبرته إدارة الفريق مبالغا فيه، وتدخلا سافرا في السيادة الوطنية، لأن مصالح الجمارك لا شأن لها بتدابير المباريات. ولم تكتف السلطات الجزائرية باستفزازاتها للمغاربة، بل تطاولت على سيادة الكاف وتدخلت في شؤونه، لأنه المعني الأول والأخير بتفاصيل المباريات التي تجرى تحت لوائه، خاصة وأنه صادق على أقمصة نهضة بركان، ورخص له بحملها في مبارياته خلال هذه المسابقة. إن تصرف السلطات الجزائرية هذا يعكس حجم الكره والغل اتجاه بلد جار، يفترض أن تتم معاملته وفق مبادئ حسن الجوار والاحترام المتبادل وكرم الضيافة، خاصة إذا كان الموضوع لقاء رياضيا. إن الرياضة وكما يعلم الجميع ساهمت في حل كثير من الأزمات الدولية، ولعل أبرزها الخلاف الصيني الأمريكي، الذي انتهى في سبعينات القرن الماضي عن طريق مباراة لكرة الطاولة، فكيف لهذا النظام الجار أن ينتهز كل الفرص لزرع بوادر الخلاف والشتات بين شعبين يجمعهما أكثر ما يفرقهما؟. لقد افتعل النظام الجزائري أزمة كان في غنى عنها، ووجد نفسه بتوالي الساعات والأحداث خاسرا فيها، لأن قوانين الكاف والفيفا ترفض تدخل السياسة في الرياضة، وتحرص على تفعيل مبادئ الروح الرياضية، والاحترام المتبادل، بعيدا عن أي تعصب أو كراهية أو عدوان. لقد حاول النظام الجزائري أن يؤسس لفعل غير مسبوق في المحافل الرياضية، من خلال التدخل في لوائح الهيئات الرياضية الدولية، وضرب قوانينها عرض الحائط، ولو نجح في ذلك لفسح المجال أمام انتهاك القيم الرياضية، وأعاد ممارسات أصبحت غابرة في الزمان، عندما كانت لغة السلاح تتكلم في المباريات الرياضية في أوائل القرن الماضي. لقد نجح نهضة بركان في الصمود في وجه كل الاستفزازات، ولاسيما الكلام الجارح، وعبارات الإهانة، من قبيل «أنتم غير مرغوب فيكم فوق التراب الجزائري»، وتمكن من الخروج منتصرا في هذه الأزمة، بفضل الحكمة المعهودة في المغاربة وقت الشدائد، وآمن بسلامة موقفه، فكان جزاؤه النصر في نهاية الأمر. وإلى حدود كتابة هذا الأسطر (زوال أمس الأحد) لم يتسلم الفريق البرتقالي أقصمته الرسمية. وأربك هذا السلوك الأرعن تحضيرات الفريق البركاني لمباراة الأمس، حيث برمج المعد البدني حصة لإزالة العياء ببهو المطار، في مشهد استنكره كل من عاينه. مشهد أدان النظام الجزائري، الذي كشف «قميص بركان» حجم عداءه للمغرب. وختاما نشير إلى أن كافة الأندية الوطنية أعلنت تضامنها المطلق واللامشروط مع نهضة بركان في هذه المحنة، معبرة عن استنكارها لهذا السلوك، الذي يعكس قصر نظر سلطات هذا البلد الجار.