الأمم المتحدة تدعو إلى الاستعداد لموجات حر أكثر شدة رجح كبير علماء المناخ في وكالة ناسا الأميركية الخميس أن شهر يوليوز الجاري سيكون على الأرجح الأكثر سخونة في العالم منذ «مئات، إن لم يكن آلاف السنين». وسبق أن شهد هذا الشهر تحطيم أرقام قياسية يومية وفق مراصد يديرها الاتحاد الأوروبي وجامعة ماين، وتعتمد على توليد تقديرات أولية بالاستناد إلى نماذج تجمع بين بيانات أرضية وأخرى عبر الأقمار الصناعية. واعتبر العالم غافين شميدت في لقاء نظمته وكالة ناسا مع الصحافيين، أنه على الرغم من اختلاف نتائج هذه المراصد قليلا عن بعضها البعض إلا أن الارتفاع الشديد في درجات الحرارة واضح بشكل جلي وسينعكس على الأرجح في التقارير الشهرية الأكثر دقة التي تصدر عن الوكالات الأميركية في وقت لاحق. وقال «نحن نشهد تغييرات غير مسبوقة في جميع أنحاء العالم (…) موجات الحر في الولاياتالمتحدة وفي أوروبا والصين تحطم الأرقام القياسية، يسارا ويمينا ووسطا».وأشار إلى أن هذه التأثيرات لا يمكن أن تعزى فقط إلى ظاهرة النينو. واعتبر شميدت أنه على الرغم من الدور الصغير الذي تلعبه ظاهرة النينو، «ما نراه هو سخونة شاملة، في كل مكان على الأغلب، لا سيما في المحيطات. منذ عدة أشهر شهدنا درجات حرارة لسطح البحر حطمت الأرقام القياسية، حتى خارج المناطق الاستوائية». وأضاف «نتوقع أن يستمر ذلك، السبب الذي يجعلنا نعتقد أن هذا سيستمر هو أننا نواصل ضخ انبعاثات الغازات الدفيئة في الغلاف الجوي». ووفق حسابات شميدت هناك احتمال من 50 إلى 50 في المائة أن يكون عام 2023 الأكثر سخونة على الإطلاق، ورغم ذلك أشار إلى أن علماء آخرين يعطون ذلك نسبة 80 في المائة. وتابع «لكننا نتوقع أن يكون عام 2024 أكثر سخونة، لأننا سنبدأ مع ظاهرة النينو التي تتنامى الآن، وستبلغ ذروتها في نهاية هذا العام». وتأتي تحذيرات شميدت بينما يستمر الحر الشديد في الهيمنة على أجزاء كبيرة من العالم حيث تسببت درجات الحرارة القصوى جدا بحرائق غابات عنيفة في الأيام الأخيرة. وكانت الأممالمتحدة دعت العالم إلى أن «يستعد لموجات حر أكثر شدة»، في تحذير يتزامن مع موجة حر شديد يعاني منها سكان النصف الشمالي من الكرة الأرضية. وفي تصريح للصحافيين في جنيف قال جون نيرن، المستشار الرفيع المستوى لشؤون الحرارة الشديدة في المنظمة العالمية للأرصاد الجوية، إن «شدة هذه الظواهر ستستمر في الازدياد، وعلى العالم أن يستعد لموجات حر أكثر شدة». وأضاف أن «ظاهرة إل نينيو التي أ علن عنها مؤخرا لن تؤدي إلا إلى زيادة وتيرة موجات الحر الشديد هذه وشدتها». وفي أميركا الشمالية وآسيا وشمال إفريقيا وحوض البحر الأبيض المتوسط، يتوقع أن تتجاوز الحرارة 40 درجة مئوية. وأشار نيرن إلى أن «إحدى الظواهر التي لاحظناها هي أن عدد موجات الحر المتزامنة في نصف الكرة الشمالي زاد ستة أضعاف منذ الثمانينيات، وليس هناك أي مؤشر على أن هذا المنحى سيتراجع». وأضاف «لذلك أخشى أننا لم نصل إلى نهاية مشاكلنا وأن هذه الموجات سيكون لها تأثير خطر على صحة الإنسان وسبل عيشه» مشيرا إلى أنه «تقع على عاتق الجميع مسؤولية تبني خطط لمكافحة الحرارة الشديدة». ويعزو الخبراء تغير المناخ إلى غازات الاحتباس الحراري التي تحجز الحرارة. وتؤدي الغازات مثل ثاني أكسيد الكربون والميثان وأكسيد النيتروز دورا مهما في منع انعكاس بعض أشعة الشمس إلى الفضاء. هذه الدورة عندما تكون متوازنة، تجعل درجة الحرارة مناسبة للعيش على الأرض. لكن الزيادة غير المقبولة في كمية غازات الدفيئة في الغلاف الجوي تعني احتجاز مزيد من الحرارة فيه، مما يؤدي ليس إلى ارتفاع درجة حرارة الأرض فحسب بل إلى ظواهر مناخية غير مألوفة أخرى أيضا. بالنسبة لموجات الحرارة، فإن تغير المناخ يزيد من مدتها وشدتها ومن مدى انتشارها الجغرافي كذلك، بحسب العلماء. ولدى سؤاله عما يمكن للأفراد القيام به شخصيا لمحاولة معالجة تغير المناخ، دعا نيرن إلى محاربة الوقود الأحفوري. وقال «أعتقد أن أسهل شيء هو كهربة كل شيء. إنها رسالة بسيطة. إن الأمر يتعلق بالتوقف عن استخدام الوقود الكربوني». ومع تسجيل درجات حرارة قياسية أو قريبة منها، تدعو المنظمة العالمية للأرصاد الجوية المجتمع الدولي إلى عدم تركيز اهتمامه على درجات الحرارة القصوى فقط. وأوضح نيرن «إن درجة الحرارة أثناء الليل هي التي تشكل أكبر المخاطر الصحية، لا سيما على الفئات الضعيفة من السكان». وأوضح أن في العديد من الأماكن التي سجلت فيها 40 درجة مئوية أو تم تجاوزها، تبقى الحرارة قريبة من هذه المستويات عند منتصف الليل. وشدد الخبير على أن «ارتفاع درجات الحرارة بشكل متكرر ليلا يشكل خطورة خاصة على صحة الإنسان، لأن الجسم لا يتمكن من التعافي… وهذا يؤدي إلى زيادة الإصابة بالنوبات القلبية والوفيات». ولا يوجد تعريف عالمي لموجات الحرارة التي يتم تحديدها وفقا لمتوسط درجات الحرارة لكل منطقة في العالم، والتي تختلف طبيعتها بشكل كبير. لكن المنظمة العالمية للأرصاد الجوية تعمل على استحداث «مصطلحات وتعريفات موحدة» للحرارة القصوى. وأشارت إلى أن «تصنيف شدة موجات الحر سيساعد على توحيد التنبؤات حول تأثيرها والتنبيهات الصادرة بشأنها في جميع أنحاء العالم».