تعيش الدارالبيضاء، المدينة الذكية، وعاصمة المال والأعمال، على إيقاع التيه الذي يوحّد بين شوارعها وأحيائها وأزقتها، ومن بين المظاهر التي تدلّ على حالة الفوضى المستمرة في التدبير اليومي للمدينة، نجد مجال التشوير الطرقي، وتحديدا عددا من اللوحات والأعمدة المتعلقة بتسمية الأزقة، التي وإن كنا في زمن «وحدة المدينة» والمقاطعات، إلا أنها تصر على أن تظل حاضرة أو ربما «شاهدة» على زمن «الجماعات المحلية». وضعية مثيرة للاستغراب بشكل كبير، لأن هذه اللوحات المعدنية التي تحمل أسماء انتهى عهدها بتغيير «هويّات» الأزقة، والتي تم تغييرها بوضع لوحات أخرى بأسماء جديدة، سواء في إطار «التعريب» أو «المغربة» تصّر على أن تكون جنبا إلى جنب معها، مساهمة في تشويه بصري مسيء للناظرين، بسبب وضعيتها الصدئة التي تزيد من مستوى «التشوّه» المجالي، الذي تعاني منه مدينة الدارالبيضاء، التي باتت بعيدة كل البعد عن كل ما هو جمالي في الكثير من الأحياء البيضاوية؟ ويتساءل عدد كبير من المواطنين والمتتبعين للشأن العام عن سبب استمرار حضور هذه اللوحات لعشرات السنوات، علما بأنه إما تم تغييرها مع الاستمرار في الاحتفاظ بنفس التسمية القديمة، أو تم اختيار أسماء جديدة، لكن البيضاويين وغيرهم أصبحوا على علم بها وبمكان تواجدها بحكم عدد السنين التي مرت؟ وكذا عن سبب عدم قيام الجهات المختصة بإزالتها وبطلاء الجدران وإعادة بعض الرونق المفقود إليها؟ واعتبر عدد من المواطنين في تصريحات للجريدة أن هذه الوضعية تعبر بشكل أو بآخر عن كيفية تعامل المجالس المنتخبة ومعها السلطات المحلية مع يوميات الدارالبيضاء ونظرتهم لقضايا، التي يتم تدبير عدد من مشاكلها بكثير من الإهمال والتراخي، وهو ما يبيّنه عدد حاويات الأزبال المهترئة والمتلاشية، وأعداد السيارات المهملة، والحفر التي تنتشر كالفطر متسببة للمواطنين في حوادث مختلفة، راجلين وسائقين، على سبيل المثال لا الحصر، مؤكدين على ضرورة أن تتحمل كل جهة مسؤوليتها لإعادة تنظيم مدينة من المفترض أن تكون أحسن حالا ووضعا مما هي عليه اليوم. ويدعو البيضاويون في مناسبات عديدة إلى الحفاظ على هوية مدينتهم والارتقاء بها، وإعادة الرونق المفتقد إليها، بالحرص على تشجير الشوارع عوض التنخيل، وإحداث الفضاءات الخضراء، والحرص على النظافة، وإعادة الرونق إلى واجهات البنايات التي أضحت مشوّهة، سواء منها التي تعود إلى زمن ما قبل الاستقلال أو تلك الحديثة منها والتي تدهور شكلها بشكل سريع، مؤكدين على أن تدبير الشأن العام يجب أن يلامس سكان المدينة وزوارها آثاره ووقعه على معيشهم اليومي، وهو الأمر الذي وبكل أسف لا يتحقق على أكثر من صعيد؟