ثمة لغة محنطة في تابوت، قيل هي مجرد رفات نسيها الأقدمون، بعد انتهاء معركة. وقيل: هي المعركة. (يروي التاريخ تلك الحكاية بتفاصيل صغيرة و كثيرة، تتغير حسب فصول السنة، و أمزجة المؤرخين و السلاطين .( يقول الراوي: لم تنهزم الجيوش و لم تنتصر، كانت فقط حطبا لنار أحرقت المدن و البشر، و تركت رماد التاريخ يعمي عيون الحكاية. و قال الرجل الوحيد : هربنا إلى الجبل، رأينا كيف ارتفعت النيران، و اختفت قمم المنازل، واحترقت طائرات الورق و الأطفال الذين أطلقوها في السماء، أملا في أن يتذكرهم الله من وراء سحب الدخان. قال الأطفال: لم ننه لعبتنا حين فاض النهر وأغرقنا الطمي وحملت الريح صوب المقابر ألعابنا، أمهاتنا، ومنازلنا ) فوق الهضبة يتأمل الرجل الوحيد بقايا قطيع من الخرفان نجا من المجزرة. فوق مياه النهر تطفو دمى شاحبة، جثث منتفخة، ووجوه أطفال لم يستطع الموت أن يخطف منها الابتسامة.( قال الرجل الوحيد: هي لغة الحرب و الشعر؛ تقتل دائما من يكتبها، فلا تصدقها.. لا تصدقها…. وارم بما تبقى من خيالك إلى قاع النهر أو أتون المحرقة.