قال تقرير حديث أنجزه صندوق النقد العربي إن الأضرار التي ألحقتها جائحة كوفيد 19 بالاقتصاد المغربي كانت جسيمة وغير مسبوقة من حيث الحجم، واعتبر التقرير الصادر هذا الأسبوع، أن الانعكاسات الحادة لهذه الجائحة على الاقتصاد المغربي، بالإضافة إلى عدم اليقين الشديد والمستمر بشأن مدتها وحدتها، جعل هذه الأزمة المنقطعة النظير تفرض تغييرا جذريا للمشهد الاقتصادي المغربي، ودورا مختلفا وتحدياتٍ جديدة للسياسات الاقتصادية. وأوضح التقرير أن التغيرات في أنماط الانفاق والتغيير في سلوك الفاعلين الاقتصاديين المترتب عن هذه الأزمة، وكذا الآثار على الثقة تعد من التحديات الكبيرة التي ستواجه صناع السياسات. أما على صعيد السياسة المالية، فإن المخاطر الرئيسية لأزمة فيروس كوفيد 19 تتمحور حول الضغوط التي تواجه الموازنة العامة. وعدد التقرير العوامل الرئيسة التي من المتوقع أن تؤثر بشكل كبير على مستويات النمو الاقتصادي في المغرب، والتي تتجلى في تقلص الطلب الخارجي، والإغلاق الكلي أو الجزئي لنشاط العديد من القطاعات المحلية الموجهة نحو التصدير عقب تداعيات فيروس كورونا المستجد. كما يعتبر تطور الناتج الزراعي، الذي يبقى رهينا بالظروف المناخية، من العوامل التي من المتوقع أن تؤثر على النمو الاقتصادي. وقال صندوق النقد العربي إنه في ظل التأثير المشترك لانتشار وباء فيروس كوفيد -19 وتدابير الحد من انتشاره، بالإضافة إلى الظروف المناخية غيرالمواتية، من المرتقب أن يشهد الاقتصاد المغربي انكماشا بنسبة 5.2 في المائة سنة 2020. كما ينتظر أن تنخفض القيمة المضافة الزراعية بنسبة 4.6 في المائة والإنتاج غير الزراعي بنسبة 5.3 في المائة، فقد أدى تراجع النشاط الاقتصادي الناجم عن التدابير المتعلقة بالحجر الصحي إلى تراجع الموارد الضريبية، خصوصا إيرادات الضريبة على القيمة المضافة، وضرائب الدخل والاستهلاك.. وبناء عليه، من المتوقع أن يرتفع عجز الميزانية ليبلغ 7.6 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي بدلا من 3.7في المائة المُقدرة في قانون المالية. كما تتمثل هذه المخاطر في تأخير الإصلاحات الهيكلية الرئيسة، بما في ذلك الإصلاحات المهمة للنظام الضريبي. وأضاف ذات التقرير أنه من المتوقع في سنة 2021، أن يعود الاقتصاد المغربي إلى النمو بمعدل 2.4 في المائة، انعكاسا للتحسن المتوقع بنسبة4.12 في المائة في ناتج القطاع الزراعي، بناء على فرضية تحقيق موسم فلاحي عادي، والارتفاع المتوقع بنسبة 1.3 في المائة للناتج في القطاع غير الزراعي . وفي إطار الجهود الاستباقية التي تقوم بها الحكومة لمواجهة الانعكاسات الاقتصادية المباشرة وغير المباشرة لوباء كوروناعلى الاقتصاد الوطني، تم إنشاء لجنة اليقظة الاقتصادية برئاسة وزير الاقتصاد بغرض تقييم تأثير تفشي فيروس كورونا على الاقتصاد، واعتماد إجراءات تخفيف لدعم قطاعات الاقتصاد المتضررة، في هذا الصدد أُعطيت الأولوية لاتخاذ الإجراءات على المستوى الاجتماعي لفائدة العمال الذين توقفوا عن العمل، ومن جهة أخرى، لاتخاذ تدابير لفائدة الشركات الأكثر تضررا من الأزمة، وأخيرا تحديد حزمة تدابير على المستوى الضريبي. كما دعت السلطات العمومية جميع الإدارات والمقاولات والمؤسسات العمومية إلى ترشيد النفقات، باستثناء قطاعات الصحة، التعليم والأمن الوطني. وتحت تأثير أزمة فيروس كوفيد -19، توقع التقرير أن يتضررالقطاع الخارجي نتيجة التراجع الحاد المتوقع للصادرات في عام 2020، مما سيؤثر على جميع القطاعات. على وجه الخصوص، يفترض أن تعاني صادرات صناعة السيارات من توقف الإنتاج الذي قررته مصانع رونو وصوماكا اعتبارا من 19 مارس، مع افتراض حدوث انتعاش تدريجي ابتداء من الربع الثالث من عام 2020 . وفي ما يتعلق بصادرات الفوسفاط ومشتقاته، يتوقع أن تشهد شبه استقرار نتيجة انخفاض الأسعار الدولية، والزيادة في الكميات المشحونة. أما في ما يخص مبيعات قطاع النسيج والجلود، فانخفاضها راجع إلى تعطل سلاسل توريد المواد الخام والمدخلات، وإلى انخفاض الطلب الخارجي الموجه إلى المغرب، وبشكل رئيس من أوروبا. أما بخصوص الواردات، فيتوقع التقرير أن تنخفض بشكل رئيس بسبب الانخفاض في فاتورة الطاقة، بعد انخفاض الأسعار الدولية، وانخفاض في اقتناء سلع التجهيز. كما يتوقع أن تنخفض إيرادات السفر، بعد إغلاق الحدود منذ نهاية مارس وتراجع المداخيل العالمية. أما بالنسبة لتحويلات المغاربة القاطنين بالخارج، فيفترض أن تنخفض بشكل أساسي بسبب انخفاض النشاط الاقتصادي وزيادة البطالة في الدول المضيفة.وإجمالا،يتوقع تقرير صندوق النقد العربي أن يرتفع عجز الحساب الجاري إلى 10.3 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2020 بعد أن سجل 4.1 في المائة في عام 2019.