اجتماع مكة المكرمة.. مجلس التعاون والمغرب: تعزيز الشراكة الاستراتيجية نحو تكامل أوسع    أخنوش :انتقاء مستثمري الهيدروجين الأخضر يبشر بدينامية "واعدة" تنسجم مع رؤية جلالة الملك    الحكومة المغربية توقف فوضى جمع التبرعات بقانون جديد    حملة مراقبة تغلق محلَّات تجارية في شفشاون وتحجز حجز مواد غذائية غير صالحة للاستهلاك    وكالة بيت مال القدس تواصل توزيع حصص الدعم الغذائي على أهالي القدس بمناسبة شهر رمضان    المغرب يستضيف دوري دولي في "الفوتسال" بمشاركة أربع منتخبات    أمن طنجة يحبط تهريب حوالي 6 اطنان من الحشيش    امطار غزيرة تغرق شوارع بمدينة بني بوعياش (فيديو+ صور)    المغرب يشهد تساقطات مطرية مهمة في بعض مناطقه    مونديال 2030 .. هذا ما تم رصده لتعزيز الربط الطرقي للمركب الرياضي بفاس    انطلاق حملة الإفطار المغربية الإماراتية تحت رعاية قائدي البلدين    سلسلة 'صلاح وفاتي' تتصدر المشهد على القناة الأولى وتحقق رقما قياسيا في نسبة المشاهدة    المجلس الوطني لحقوق الإنسان يتابع وضعية الطفلة المعتقلة ويدعو لعدم نشر صورتها    ممثل البنك الأوروبي للاستثمار يشيد بالتقدم الملحوظ للمغرب تحت قيادة جلالة الملك    بايتاس: 12 ألف منصب شغل مرتقب في منطقة التسريع الصناعي ببن جرير    مجلس الحكومة يصادق على مقترحات تعيين في مناصب عليا    الفنان ابراهيم الأبيض يطل علينا باغنية "أسعد الأيام" في رمضان    مرصد: مؤسسات الإيواء السياحي المصنفة بالمملكة تسجل 2,04 مليون ليلة مبيت    بايتاس يطمئن المغاربة بشأن مراقبة المواد الأساسية ويؤكد على الوفرة في المنتجات    على عتبة التسعين.. رحلة مع الشيخ عبد الرحمن الملحوني في دروب الحياة والثقافة والفن -06-    السلطات تمنع تنقل جماهير اتحاد طنجة نحو فاس لمؤازرة فريقها أمام "الماص"    مانشستر يونايتد يدخل التنافس على خدمات نايف أكرد    "الفيفا" يدرس توسيع كأس العالم لكرة القدم لتضم 64 منتخبا    قمة الدول العربية الطارئة: ريادة مغربية واندحار جزائري    جون ماري لوكليزيو.. في دواعي اللقاء المفترض بين الأدب والأنثربولوجيا    فصل تلاوة القرآن الكريم في شهر رمضان    الأداء السلبي ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    توقعات نشاط قطاع البناء بالمغرب    إيرلندا تدعم جهود المبعوث الأممي    تساقطات ثلجية وزخات مطرية قوية مرتقبة اليوم الخميس بعدد من مناطق المملكة    ارتفاع عدد ضحايا حادثة السير المروعة على الطريق الساحلي باتروكوت    أخبار الساحة    الكاف: إبراهيم دياز السلاح الفتاك لأسود الأطلس وريال مدريد!    الملك يهنئ رئيس غانا بالعيد الوطني    شركة لإيلون ماسك تفاوض المغرب لتوفير الإنترنت عبر الأقمار الصناعية في الصحراء المغربية    قصص رمضانية...قصة الصبر على البلاء (فيديو)    سكينة درابيل: يجذبني عشق المسرح    الدريوش.. المحكمة الإدارية تقضي بتجريد 9 أعضاء بجماعة بن الطيب ورئيس وأعضاء بجماعة أزلاف    السمنة تهدد صحة المغاربة .. أرقام مقلقة ودعوات إلى إجراءات عاجلة    "مرجع ثقافي يصعب تعويضه".. وفاة ابن تطوان الأستاذ مالك بنونة    الفاتنة شريفة وابن السرّاج    السعودية تدعم مغربية الصحراء وتعتبر مبادرة الحكم الذاتي حلا وحيدا لهذا النزاع الإقليمي    كأس العرب قطر 2025 في فاتح ديسمبر    خبير يدعو إلى ضرورة أخذ الفئات المستهدفة للتلقيح تجنبا لعودة "بوحمرون"    بريظ: تسليم مروحيات أباتشي يشكل نقلة نوعية في مسار تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين المغرب والولايات المتحدة    تقارير تنفي اعتزال اللاعب المغربي زياش دوليا    تقارير استخباراتية: واشنطن تقترب من تصنيف جبهة البوليساريو كمنظمة إرهابية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    قمة أوروبية طارئة بمشاركة زيلينسكي على ضوء تغير الموقف الأمريكي بشأن أوكرانيا    اليابان.. قتيل وجريحان في انفجار بمصنع لقطع غيار السيارات    الأمم المتحدة تحذر من قمع منهجي لنشطاء حقوق الإنسان في الجزائر    وزارة الصحة : تسجيل انخفاض متواصل في حالات الإصابة ببوحمرون    عمرو خالد: 3 أمراض قلبية تمنع الهداية.. و3 صفات لرفقة النبي بالجنة    مسؤول يفسر أسباب انخفاض حالات الإصابة بفيروس الحصبة    مكملات غذائية تسبب أضرارًا صحية خطيرة: تحذير من الغرسنية الصمغية    عمرو خالد يكشف "ثلاثية الحماية" من خداع النفس لبلوغ الطمأنينة الروحية    في حضرة سيدنا رمضان.. هل يجوز صيام المسلم بنية التوبة عن ذنب اقترفه؟ (فيديو)    عمرو خالد: هذه أضلاع "المثلث الذهبي" لسعة الأرزاق ورحابة الآفاق    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دراسات قرآنية 5 : ابن سينا وتفسير القرآن

قال إبراهيم الخطابي ( 319ه-388ه) في «بيان إعجاز القرآن» إن الناس انقسموا إلى طائفتين إذ زعمت طائفة «أن إعجازه إنما هو فيما يتضمنه من الإخبار عن الكوائن في مستقبل الزمان كما زعم آخرون أن إعجازه من جهة البلاغة وهم الأكثرون من علماء أهل النظر، وفي كيفيتها يعرض لهم الإشكال، ويصعب عليهم منه الانفصال، ووجدت عامّة أهل هذه المقالة قد جروا في تسليم هذه الصفة للقرآن على نوع من التقليد وضرب من غلبة الظن دون التحقيق له وإحاطة العلم به»..
واضح من كلام الرجل أن الإعجاز القرآني، يأتي من مستوى الاشتغال الدلالي اللغويّ، أي إنّه نصّ له معنى، وهذا المعنى لا يتحقّق إلا انطلاقا من الأداة اللغوية الموظفة في النص. والحال أن المستويين معا يحضران بقوة في النص القرآنيّ. وقد زادت سلطة المقدس من تعميقهما، مما جعل الاعتناء بهما حاضرا طوال مراحل إنتاج الفكر الديني الإسلامي. غير أنّ المرحلة الأولى من حياة النصّ القرآنيّ، تميزت بهيمنة البحث في المستوى اللغويّ، أي بالنّسق اللغويّ الّذي يتأسّس عليه. في حين كان الاهتمام بالمستوى الدلاليّ وما يحمله من تطلّع إلى الغيب والمستقبل حديثا، بعد أن استنفدت الدراسات البلاغية واللغوية كل معينها، وتراجعت بعض الحقائق التي اعتبرت مطلقة فيما يخص اللغة، أمام التطور المهول والمفاجئ للعلوم في سائر نواحي الحياة.


تفسير المعوذة الثانية
يستخدم ابن سينا مصطلحات يصعب إدراكها بسهولة ولذلك قمت بشرح النفس عند ابن سينا لتكون مدخلاً لتفسيره لسورة (الناس) والتي تناولها في الرسالة الرابعة .
قال تعالى : «قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1) مَلِكِ النَّاسِ (2) إِلَٰهِ النَّاسِ (3)» الناس: 1- 3. يقول ابن سينا «إن الربوبية عبارة عن التربية والتربية عبارة عن تسوية المزاج فان الانسان لا يوجد ما لم يستعد البدن له» حيث أن هذا الاستعداد- حسب راي ابن سينا- يتم اذا كانت هنالك تربية لطيفة وهو المقصود بقوله تعالى: " فَإِذَا سَوَّيْتُهُ". الحجر: 29. فالله يخلق الإنسان ويسوي مزاجه وبعدها تتم التربية بالغلبة والقهر، وذلك عندما يفيض الله على الإنسان بالنفس الناطقة.
ابن سينا يذهب الى أن كل الحواس والقوى النباتية والحيوانية وكل ما يصدر من هذه النفوس "تحت تدبير النفس الناطقة الروحانية الشريفة الكاملة" .
إذن، النفس عند ابن سينا هبطت من الخالق على الجسد بعد أن سوي المزاج وصارت تحت إمرة وقهر النفس ومن بعدها تصير النفس مشتاقة للاتصال بتلك المبادئ التي جاءت منها وذلك " الشوق الثابت في جبلة الانسان الحاصل في غريزته يحمله في الطلب والبحث " .
ولتحقيق هذا التواصل والاتصال ولتظل الروح مشتاقة لابد لها من أن تعي فضل الله وتكون "دائمة التضرع الى المبادئ التي تفيض عليها شيئا من تلك الجلايا المقدسة". التجليات ونزول الفيض على النفس تتم بواسطة "حركات عقلية انتقالية"، وتأخذ هذه الحركة أشكالاً مختلفة ويقصد بها العبادات وبذلك تصير النفس في هذه الدرجة " متعبدة" وتلك المبادئ "معبودة ".
ويعني ابن سينا أن النفس التي تكون مستعدة لقبول الفيض تكون في حالة عبادة وسمى تلك المبادئ حسب الوقت، الاسم الأول: بحسب تكون المزاج هو الرب، والاسم الثاني: بحسب فيض النفس هو الملك، والاسم الثالث: بحسب شوق النفس هو الاله. وتبين كيفية ان يستعيذ الانسان بالمبدئ الأول وهو "مبدأ الانفلاق أي المبدئ للوجود " .
أما في تفسير "مِنْ شَرِّ الْوَسْوَاسِ الْخَنَّاسِ" الناس:4، فيقول ابن سينا إن القوة التي تقوم بالوسوسة هي "القوة المتخيلة"، ويقصد بها تلك القوة التي تركب بعض ما في الخيال من بعض وتفصل بعضه عن بعض بحسب الاختيار . ويسمي هذه القوة مفكرة بالنسبة للنفوس الانسانية. والقوة المتخيلة تقوم بتركيب الصور من الخيال حسب ما تم اختياره للحدث من صورة. وحركة هذه النفس تكون عكس اشتياق النفس للمبادئ والتي حددها بالرب والملك والإله. والنفس تسعى الى الخير والفعل الايجابي المرتبط بمكان هبوطها، فهي فاضت من الله وكل ما يفيض من الله هو الخير، فالشر لا يأتي من الله مطلقاً. وما تقوم به القوة المتخيلة هو جذب النفس وتغيير مسارها وحركتها، ولذلك يعتقد ابن سينا أنها تخنس بمعنى تتحرك بالعكس .
قوله تعالى "الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ". الناس : 5، فيقول ابن سينا الخناس هو القوة المتخيلة وهي توسوس في الصدور" التي هي المطية الأولى للنفس لما قد ثبت أن المتعلق الأول للنفس الانسانية هو القلب". فالوسوسة تبدأ بالقلب والذي يقوم ببث هذه القوى الى بقية أعضاء الجسم .
ثم قال عز وجل " مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ " الناس: 6، ويصف ابن سينا الجن بأنه مستتر وغير ظاهر والانس هو المستئنس. فالمستتر هو المتعلق بالحواس الباطنة والمستأنسة هي الحواس الظاهرة .
ما قام به ابن سينا من" تفسير" لسورة الناس هو إرضاء لميوله الفلسفية حيث أنه اسقط تقسيمات الفلاسفة للنفوس على التفسير. فالنفس وجوه متعددة وتتدرج من النباتية للحيوانية للناطقة والأخيرة هي التي تأتي في المقام الأعلى لأنها تمثل قمة الرقي العقلي، وهي أكثر ارتباطاً بمبادئ الخير. والنفس في نظر ابن سينا صورة للجسد ولا يمكنها أن توجد بدونه، فالصورة تحتاج إلى مادة، ويصل بذلك إلى أن النفس لا تبقى بعد فناء الجسد وتفارقه ولكنها لا تفنى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.