فرنسا مقبلة على أسبوع حاسم من رهان القوة بين النقابات والحكومة على خلفية إصلاح نظام التقاعد. ووصلت الإضرابات إلى يومها الخامس. وهو رهان سيحسم مصير الإصلاح الذي سوف يقدمه رئيس الحكومة ايدوارد فيليب الأربعاء المقبل ، حيث مازالت التعبئة مستمرة، بعد 5 أيام من الإضرابات .وإن النقابات تريد الاستمرار إلى يوم الثلاثاء المقبل من أجل الضغط على الحكومة في فترة جد حرجة، وهي اقتراب نهاية أعياد السنة التي تشهد حركة تجارية وسياحية جد كبيرة. بعض النقابات يهدد بإضراب مفتوح. ونجاح أو فشل هذه التعبئة، سيحدد مصير هذا الإصلاح لنظام التقاعد والذي تريد تطبيقه ابتداءً من سنة 2025. وعرف إضراب الخميس الماضي نجاحا استثنائيا فاجأ النقابات نفسها، وذكر بالاحتجاجات الاجتماعية الكبرى التي شهدتها فرنسا سنوات 1995 و 2003و 2010 ، الذي كان وراء هذه التعبئة الاستثنائية، وهو قرار الحكومة توحيد نظام التقاعد بفرنسا بحلول سنة 2025 مكان 42 نظام تقاعد التي تعرفها فرنسا اليوم. وستشارك في هذه التظاهرات عدة قطاعات سواء قطاع النقل السككي أو مترو الأنفاق وقطاع الصحة والتعليم، ورجال الإطفاء ومختلف قطاعات المرافق العامة بفرنسا. وتأثر القطاع الخاص والتجارة بهذه الإضرابات نظرا للشلل الذي شهدته وسائل النقل، حيث توقف أغلب هذه المدن الكبرى، وتحدثت التقديرات عن نزول ما بين 800000 ومليون ونصف من المتظاهرين إلى الشوارع. وتهدد بعض النقابات بإضراب مفتوح وبشلل في فرنسا خلال فترة نهاية السنة من أجل الضغط على الحكومة وثنيها على التراجع، وإعادة المواجهة التي تمت سنة 1995 حيث دام الإضرابات ثلاثة أسابيع أجبرت حكومة ألان جيبي أنذاك على التراجع على الإصلاحات التي كانت تريد إنجازها. وفي ظل التعقيدات تتعرض لها الحكومة وهذه التعبئة الكبيرة على مستوى النقابات حتى قبل طرح مشروع قانون إصلاح التقاعد امام البرلمان، يتساءل الجميع : هل تدخل الحكومة في رهان قوة مع النقابات التي تتمتع حتى الآن بدعم الرأي العام الفرنسي، أم أنها ستتراجع؟ وهل سيستمر الرئيس الفرنسي في برنامجه الذي دعا من خلاله إلى ضرورة إصلاح شامل في فرنسا يمس عددا من القطاعات؟ بل إنه جعل من الإصلاحات سمة عهدته الرئاسية. وسيكون يوم الأربعاء 11 ديسمبر وهو يوم تقديم مشروع قانون إصلاح نظام التقاعد. ووعد رئيس وزراء أنه سيقدم “الإصلاح كاملا” وقالت الكونفدرالية العامة للعمل، وهي إحدى أكبر النقابات بفرنسا، “هدف الحكومة هو تكسير نظامنا التقاعدي الصلب لاستبداله بنظام فردي سيكون في ظله كل عامل خاسرا.” واستمر الإضراب الاثنين 9 ديسمبر ، الذي شهد إضطرابات كبيرة بباريس وضواحيها على الخصوص، كما أن القطارات السريعة بين المدن الكبرى توقف أغلبها عن العمل. وفيما يخص التشاور حول إصلاح نظام التقاعد بفرنسا، فإن الحكومة بدأته منذ 2017 مع مختلف القطاعات، وسيكون يوم الأربعاء 11 ديسمبر حاسما، إذ سيتم تقديم مشروع إصلاح نظام التقاعد بعد سنتين من التشاور، وهو إصلاح جعل منه ايمانييل ماكرون حجر أساس الإصلاحات التي يقترحها في عهدته الرئاسية.ولحساسية الموضوع، فإن المشاورات بقصر رئيس الحكومة لم تتوقف أثناء عطلة نهاية الأسبوع وكذلك بقصر الإليزيه من أجل إيجاد الطريقة المناسبة لإقناع الفرنسيين بهذا الإصلاح، خاصة أن الاستطلاعات بينت الدعم الكبير للرأي العام لهذا الإضراب، حيث وصلت نسبتهم حسب استطلاع ايفوب إلى 53 في المئة، و عبروا عن دعمهم لهذا الإضراب. لهذا فإن مقترح الحكومة حول نظام التقاعد سيأخذ بعين الاعتبار دعم الرأي العام للاحتجاجات النقابية.