عنق الرحم أو ما يعرف باللغة الفرنسية ب (le col de l'utérus)، هو الجزء الأسفل الضيق من الرحم الذي يربط هذا العضو الأخير من الجسم، وهو المكان الذي ينمو فيه الجنين خلال الحمل، بالمهبل. ويعد سرطان عنق الرحم هو ثاني أكثر السرطانات شيوعا عند النساء بعد سرطان الثدي، إذ يجري في مختلف أنحاء العالم تشخيص نحو نصف مليون إصابة بهذا المرض، ففي سنة 2008، على سبيل المثال لا الحصر، تم تسجيل 530 ألف حالة جديدة أدت إلى وفاة 275 ألف امرأة، في حين وعلى مستوى المغرب، فإنه تسجل سنويا حوالي 2000 حالة جديدة تظهر غالبا خلال الفترة العمرية ما بين 45 و55 سنة. مرض هو، وبكل أسف، ينتشر بين النساء المغربيات لكن غالبا ما يتم تشخيصه في مراحل متقدمة جدا، مما يسبب للمصابات به مجموعة من المشاكل التي لاتقف تأثيراتها عند حدود ما هو عضوي، وإنما تمتد تداعياتها لتشمل ما هو نفسي واجتماعي، وبمضاعفات جدّ معقدة قد تؤدي حتى إلى الوفاة، أخذا بعين الاعتبار أن فئة كبيرة من المصابات بسرطان عنق الرحم هن من النساء اللواتي لم يسبق لهن الاطلاع أو العلم بتفاصيل هذا المرض، سواء تعلق الأمر بمسبباته أو بكيفية الوقاية منه أو العلاج، لذلك يكون التشخيص متأخرا، والحال أن وسائل الوقاية والتشخيص المبكر هي متوفرة وموجودة وبتكلفة مادية غير مرتفعة. الأسباب يحدث سرطان عنق الرحم بسبب أنواع متعددة من الفيروسات تدعى باسم فيروس الورم الحليمي البشري ( Human Papilloma virus :HPV)، والتي تضم أكثر من 100نوع. و يعتبر النوعان 16و18 أكثر خطورة، إذ يتسببان لوحدهما في 70 في المئة من الاصابات، وغالبا ما تنتقل العدوى بهذه الفيروسات في مرحلة الشباب وذلك عن طريق العلاقات الجنسية. إلى جانب "HPV16" و "HPV18"، توجد سلالات أخرى تتسبب أيضا في سرطان عنق الرحم من قبيل (31.33.45.....) إضافة إلى أخرى قد تسبب التآليل (condylomes) التناسلية (HPV6,11)، في حين أن أخرى لا تسبب أية مشاكل على الإطلاق. ويتطور هذا السرطان عندما تبدأ خلايا عنق الرحم في النمو بكيفية خارجة عن السيطرة، والتي يمكنها بعد ذلك أن تغزو الأنسجة المجاورة أو الانتشار في جميع أنحاء الجسم. لكن عادة ما يتطور هذا السرطان ببطء شديد ويبدأ على شكل تغيرات ما قبل سرطانية في الخلايا تسمى "dysplasies cervicales( "Dysplasia)، وفي حال استمرار هذه التغيرات وعدم الكشف عنها وعلاجها، فإنها تتطور إلى سرطان عنق الرحم خلال بضع سنوات، تتراوح المدة ما بين ثلاث إلى عشر سنوات. وهذه التغيرات يمكن الكشف عنها باستخدام اختبار مسحة عنق الرحم (Frottis cervico vaginal) . عوامل الخطورة عوامل الخطورة هي العوامل التي تزيد من احتمالات الإصابة بهذا السرطان وهي وتشمل: 1) إصابة المرأة بفيروس HPV هو العامل الرئيسي، فحالات سرطان الرحم ترتبط كلها تقريبا بهذا الفيروس. 2) العلاقات الجنسية المحفوفة بالمخاطر: وتشمل العلاقات الجنسية المتعددة للمرأة أو الزوج على حدّ سواء، ممارسة الجنس في سن مبكر و عدم استعمال العازل الوقائي. 3) كثرة الولادات. 4) التدخين. 5) ضعف الجهاز المناعي (كما يحدث نتيجة الأمراض المزمنة غير المسيطر عليها مثل السكري، أو مرض نقص المناعة المكتسب "الإيدز"). 6) أن تكون المرأة فقيرة. الأعراض لا توجد أعراض واضحة للعدوى بفيروس الورم الحليمي البشري في وقت مبكر، لكن كلما تقدمت مراحل المرض تبدأ الأعراض بالظهور وتتمثل في: نزيف مهبلي غير طبيعي: في هذه الحالة بالذات يستوجب على المرأة أن تكون على بينة من النزيف بعد الجماع، من دم الحيض الذي ينزل بغزارة غير معتادة، ومن البقع الدموية ما بين دورات الحيض. لهذا يجب إبلاغ الطبيب على الفور بأي نزيف غير طبيعي. إفرازات مهبلية متواصلة وردية أو بنية اللون، و قد تكون ذات رائحة كريهة. - نزيف بعد بلوغ سن اليأس. و مع تقدم سرطان عنق الرحم قد ينتشر إلى المثانة البولية والأمعاء وحتى الرئة والكبد. وتشمل أعراض سرطان عنق الرحم في مراحله المتقدمة: ألم في الظهر تعب وإرهاق كسور في العظام خروج البول أو البراز من المهبل فقدان الوزن فقدان الشهية ألم في الحوض تضخم ساق واحدة لدى المصابة. (*) اختصاصي في أمراض النساء والولادة