دعت رئيسة الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، بهية العمراني، أمس الاثنين بالرباط، إلى عقد مناظرة وطنية لبلورة تصورات بشأن نموذج اقتصادي جديد للصحافة، من أجل تأهيل المقاولة الصحفية ومساعدتها على مواجهة التحديات التي يشهدها القطاع. وقالت العمراني، التي حلت ضيفا على ملتقى وكالة المغرب العربي للأنباء، لمناقشة موضوع «معوقات تنظيم قطاع الصحافة بالمغرب: من التدبير المباشر إلى التنظيم الذاتي»، إن هناك وعيا بضرورة بلورة نموذج اقتصادي جديد، خاصة مع وجود إكراهات من قبيل انخفاض المبيعات ومداخيل الإشهار الذي لم يعد المورد الأساسي للمقاولة الصحفية. وبعد أن سجلت أن الدعم الموجه للقطاع لا يتعارض ولا يمس بمبدأ الاستقلالية، أشارت العمراني، خلال هذا الملتقى، الذي يندرج ضمن سلسلة لقاءات تنظمها وكالة المغرب العربي للأنباء لتخليد الذكرى الستين لتأسيسها، إلى أن هذا الدعم يظل «غير كاف» خاصة مع وجود العديد من الإكراهات التي يعرفها قطاع الصحافة، مبرزة أن هذا الدعم أضحى اليوم يمنح طبقا للقانون خلافا لما كان عليه الأمر سابقا. وأوضحت رئيسة الفيدرالية المغربية لناشري الصحف أن الاستفادة من الدعم راجع إلى كون إنتاج قطاع الصحافة ليس إنتاجا عاديا، نظرا لكون القطاع يقوم بمهام شبه خدمة عمومية، والتي تتجلى في تنوير المواطن وتعزيز حقه في الولوج إلى المعلومة. واعتبرت أن تنظيم قطاع الصحافة ليس بالأمر السهل نظرا لأنه تدخل فيه مفاهيم الحريات وحرية التعبير وحقوق الإنسان والديمقراطية وحرية الصحافة، مشددة على أن المغرب اختار منذ البداية المقاربة القانونية من أجل تنظيم الصحافة عبر قوانين تؤطر هذا الأمر من قبيل قانون الحريات العامة لسنة 1958. كما تطرقت بهية العمراني، خلال هذا اللقاء، للعوائق والتحولات الجديدة التي يشهدها المجال الإعلامي وخاصة تلك المتعلقة بانفجار الثورة الرقمية وما تطرحه من تحديات، مشيرة، في هذا السياق، إلى الخلط الحاصل بين الصحافة ومواقع التواصل الاجتماعي، وكذا إلى أن قانون الصحافة والنشر وضع، في هذا الصدد، شروطا يتعين الالتزام بها من قبيل احترام أخلاقيات المهنة. وبعد أن وصفت الصحافة ب»مهنة الكفاح من أجل المصداقية وخدمة المواطن»، شددت على أن التحدي الذي يرتسم أمام الصحافة الإلكترونية يرتبط بالالتزام بأخلاقيات المهنة، وكذا الرفع من مستوى الصحافيين وتكوينهم في هذا المجال. وأضافت أنه في إطار مواكبة التحولات التي يفرضها الإعلام الجديد، حرصت الصحافة الورقية على تطوير مواقع إلكترونية خاصة بها في التزام تام بمبادئ أخلاقيات المهنة وتعزيزا لمصداقيتها. كما استعرضت العمراني، بهذه المناسبة، مسار مراجعة قانون الصحافة منذ سنة 2003 إلى غاية 2016 تاريخ المصادقة على قانون الصحافة والنشر الجديد، وكذا مساهمة الفيدرالية المغربية لناشري الصحف، إلى جانب شركائها الآخرين، في هذا المسار، وكذا النقاش حول التنظيم الذاتي للقطاع. وأشارت إلى محطتين بارزتين في مسار تأهيل قطاع الصحافة والإصلاح القانوني للقطاع تتمثلان في الرسالة السامية لجلالة الملك محمد السادس الموجهة إلى أسرة الصحافة والإعلام يوم 15 نونبر 2002، وكذا دستور سنة 2011 الذي جاء ليعزز من مكانة الصحافة. وشكل هذا اللقاء فرصة لتسليط الضوء على الدور الذي تضطلع به الفيدرالية المغربية لناشري الصحف في مجال التنظيم الذاتي للقطاع والجهود الحثيثة التي بذلتها في هذا الصدد.