خلت عالمي رحبا، وعلى حين غزة طفق يضيق. وحسبت الأشياء مرتجة، أو على الأقل، هكذا تبدت لي، فكانت ساكنة، مستقرة، بشكل عميق. فقد جفت عين المياه، وفي لجة الغيهبان، على قلبي جثمت غيمة كآبة. وظلال من الوجد والأحزان. فما عدت أسمع ديك فجر الصباح، أسمع لا غير ثغاء الشياه، ومن بعيد نباحا، وصدى بعض الصياح. وعبر زجاج الشرفة، أتقفى سربا من أطيار اللقالق، يتموج وقيثارة الرياح؛ ثم أناجي نفسي قائلا: أمسخ من حولي القوم أم احتجب أوار الكفاح؟ متى ستسكب غيمتي غيثا وقد أفل الخريف؟ هل سيزايلني جزعي لينتظم نبض قلبي أم صرعى، يا ترى، سنهوى من هذا النزيف ؟