بين رمزية الورد المتربع على عرش البهاء والجمال، ورمزية القرابين الممددة على مذبح الكرامة، اختار الشاعر سعيد عبيد عنوان ديوانه الجديد “كتاب الورد ويليه قرابين الكرامة” الصادر مؤخرا (مارس 2019) عن مطبعة الجسور بوجدة، في حلة أنيقة زينت غلافها لوحة الفنان ياسين مفتاح بأصيص ورد فاتن، خلفه إشارة النصر منتصبة رغم آثار الأسلاك الشائكة الحائلة بين المشهدين. جاء الديوان، كما هو واضح من العنوان، في جزأين، أولهما “كتاب الورد” الذي أهداه الشاعر: إلى الهُدهد الذي يرى تحت الثَّرى عيونَ الحق والجمال إذا استبدّ بالوَرى ظمأٌ إلى العيش الزُّلال. وتحت الإهداء العتبة الآتية: بمَ التعللُ لولا الوردُ نَنشقُهُ صارَ الأثيرُ بِشَوك الخَلق مُعتلَّا الطيِّبُونَ لِطِيبِ الكَونِ وَردُهمُ لولاهمُ صارَ هذا الكَونُ مُختلَّا أما الجزء الثاني “قرابين الكرامة” فجاء إهداؤه كالآتي: قالَ حكيمُ الأحوالِ لعُودِ الكِبريت احترقَا كمْ بِلهيبكَ وسّعتَ الحَدَقَا! أبشرْ يا صَاحْ ما أسْعدَ من يدفعُ في الظّلماءْ ثمنَ الإصباحْ! ضم الديوان خمسة وخمسين 55 نصا شعريا ما بين العمودي والتفعيلي، وما بين المطوَّلات ذات النفس السردي التي قد تستغرق صفحات، والإشارات القصيرة المكثفة في أسطر، جائلا بالقارئ في دروب الجمال الطبيعي والنفسي والكوني من جهة، والكرامة الإنسانية والوطنية من جهة أخرى، بين مواضيع شتى، من الشعر نفسه إلى الأمومة إلى الوفاء إلى المطلق، ثم إلى مأساتيْ بائع السمك وبائعة “البغرير” المؤلمتين، إلى أزمة التعليم في المغرب، إلى استغلال القطاع الخاص لحاملي الشهادات، إلى مشكلة الحدود بين الشعبين المغربي والجزائري، إلى كثير من القضايا الجمالية والإنسانية، في لغة شعرية عذبة مختارة بدقة وأناقة، وأسلوب متين النسج، كثير الماء والرونق، مما يعد إضافة جمالية متميزة إلى المشهد الشعري المغربي المعاصر.