تربط فؤاد عالي الهمة , الذي احتفى في السادس من شهر دجنبر الجاري بعيد ميلاده الثاني والخمسين، صداقة قوية بالملك محمد السادس، منذ أن كانا طفلين، وهي الصداقة التي جعلت الأبواب مشرعة في وجه هذا الطفل الذي ينتمي إلى أسرة مغربية عادية بمسقط الرأس والهوى ابن جرير. الصداقة هاته التي جمعت ابن الشعب بملك البلاد، انطلقت منذ أن كانا تلميذين بالمعهد المولوي، وهي الصداقة التي لم يخفها أي طرف من الطرفين، بل هي معروفة ليس لدى المغاربة فقط، بل حتى الصحافة الدولية أشارت إلى الأمر أكثر من مرة، ويكفي أن الملك محمد السادس في جولاته الخاصة، كثيراً ما يقود سيارته وبجانبه ملك المغرب. هذه الصداقة ساهمت في أن يكون ابن الرحامنة أقرب المساهمين في صنع القرار، حيث شغل منصب وزير منتدب في الداخلية من 9 نونبر 1999 إلى 7 غشت 2007، قبل أن يقدم استقالته، ويدخل العمل السياسي الحزبي في الاستحقاقات التشريعية سنة 2007 بترشيحه مستقلا بدائرة ابن جرير. وقد ترأس مجلس النواب لجنة الخارجية، كما أسس حركة لكل الديمقراطيين، مع مجموعة من الأسماء، إلا أن هذه الحركة كانت مقدمة لبروز حزب جديد أسسه صديق الملك، وعرف آنذاك بالوافد الجديد، والذي أثار ردود فعل قوية من طرف النخب السياسية الأخرى، التي رأت في هذا الحزب، أنه مقرب للدولة، واستعمل أدوات الادارة للهيمنة، إلا أن فؤاد عالي الهمة، سرعان ما غادر هذا الحزب، بعد تعيينه من طرف الملك محمد السادس مستشاراً له. بالعودة إلى ابن جماعة المحرة جنوب الرحامنة قيادة لوطا بدائرة سيدي عثمان، نجد أن جده رحال عالي الهمة كان قاضياً ووالده الحاج أحمد كان يمارس مهنة التربية والتعليم. الذكاء والهدوء اللذان يطبعان شخصيته، جعلاه ينضم إلى المدرسة المولوية سنة 1977، بعد أن وقع الاختيار عليه لمتابعة دراسته مع ولي العهد آنذاك. الخصال التي يتمتع بها ابن منطقة ابن جرير جعلته يكون صديقاً مقرباً من ولي العهد حينها, وساهمت تربيته التي تلقاها من طرف والده أحمد عالي الهمة أيضاً في تثبيت هذه العلاقة التي اتكأ عليها في حياته الجديدة داخل المدرسة المولوية، وهذا ليس بغريب عن والده الذي كان معلماً، كما سبق للأستاذ إدريس أبو الفضل، عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي سابقاً أن أشار إلى ذلك في شهادته لجريدة »الاتحاد الاشتراكي«، يقول أبو الفضل، إنه سنة 1977 كنا نريد من يمثل النقابة الوطنية للتعليم ببن جرير ويقوم بالإشعاع لها، ويوزع بطائق الانخراط فيها، فأرشدنا إليه الأخ العصامي صالح، وهو مناضل اتحادي قديم. عندها كان أحمد الهمة رحمه الله معلماً بمدرسة للبنات، وبالفعل رافقت العصامي إلى بنجرير في موسم 1972/1971، وجدته رجلا طيباً، أعجبني فيه تحمسه للنقابة والمساهمة في تمثيلها ودفع الآخرين للانخراط فيها وبشكل شجاع قل نظيره، خصوصاً في تلك الفترة الدقيقة والعصيبة من تاريخ البلاد. ومنذ انخراطه في النقابة، ظل مرتبطاً بي، فكلما كان عنده أي شيء أو توصل بأي شكاية في الشأن التعليمي أو في وضعية رجل تعليم، إلا ويأتيني بها. في سنة 1976، يضيف الأستاذ أبو الفضل، قدمت استقالتي من التعليم والتحقت بالمحاماة، بعدها بسنة، سينجح ابنه فؤاد ويلتحق بثانوية مولاي اسماعيل بقلعة السراغنة، والده المنخرط في النقابة الوطنية للتعليم والمكلف بتوزيع بطائقها والمنتمي للتضامن الاجتماعي، هذه الأشياء كلها معناها أن سي أحمد الهمة ليس فقط في النقابة، بل ضمنياً في الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، وبالتالي بقي لديه ارتباط بي، رغم أنني غادرت التعليم. الصداقة التي جمعت فؤاد عالي الهمة في عهد الحسن الثاني بولي العهد آنذاك استمرت، بل توطدت أكثر حينما تولى محمد السادس الحكم، وهي الصداقة التي يرى فيها الكثيرون. إنها أهلته ليكون همزة وصل بين ملك البلاد ومصادر القرار السياسي. وحتى حينما كان يجلس على الكرسي الثاني بوزارة الداخلية، فإنه في الحقيقة كان هو الماسك الفعلي بكل خيوطها، وهذا ما كان ليتأتى بهذه السهولة، لو لم تكن هذه الصداقة المتينة التي جمعته بملك البلاد. فإذا كان معروفاً أن محمد السادس نسج صداقات قوية مع زملائه بالمدرسة المولوية، وهذا ما أهلهم للقيام بالعديد من المهام، بالإضافة إلى الكفاءات التي حازوا عليها في المدرسة المولوية التي أنشئت سنة 1942 لتقوم بمهمات تعليمية وتربوية لولي العهد وباقي الأمراء والأميرات، وتنتج النخب لتسيير البلاد، فإن العرف أيضاً جعل القيمين على تربية ولي العهد لكي يختاروا المتفوقين من أبناء الشعب، وهو ما جعل فؤاد عالي الهمة وغيره من الأسماء الأخرى تحجز مقاعدها في هذه المدرسة، لتسلط الأضواء عليهم بعد ذلك، خاصة حينما آل الحكم على الملك محمد السادس. إلا أن فؤاد عالي الهمة المستشار الحالي يبقى مقارنة مع الباقين، من أقرب المقربين، وبذلك استحق لقب وكيل لائحة أصدقاء محمد السادس.