يتناول الفيلم الصربي «إبن لا أحد» للمخرج فوك رسوموفيتش، ، قصة مراوحة بين حالة التوحش وحالة الحضارة، وهو موضوع تطرقت له عدة أفلام ، إلا أن هذا العمل الفني تناولها بطريقة مختلفة ومتميزة. ينطلق هذا الفيلم، الذي عرض مساء أول أمس الأربعاء في إطار المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، بمشاهد وسط الغابة البوسنية في شتاء 1988، حيث يعثر مجموعة من القناصة على ‹›طفل متوحش›› ترعاه الذئاب، ويتم الإمساك به رغم مقاومته ومحاولاته الإفلات منهم. يدشن المشهد الأول مسلسل الإثارة بتصوير حالة الطفل المتأرجحة بين اليقظة والحلم، وهو يلقي نظرة مستسلمة على ذئب ممدد إلى جانبه في صندوق العربة بعد أن اصطاده القناصة. تنتقل المشاهد التالية إلى ملجأ للأيتام في بلغراد حيث ستستقبله سيدة تختار له خلال ملئها للاستمارة الخاصة به، إسم «حاريس». يبدأ «حاريس» حياة جديدة في الملجأ، حيث ستبدأ خطوات تهذيبه وتحسين سلوكه ومظهره بتعليمه طريقة الأكل وارتداء الملابس التي لم يعرفها من قبل، بسبب نشأته في غابة إلى جانب الحيوانات بعيدا عن عالم البشر. وفي الملجأ يسترجع هذا الطفل آدميته ويتقرب منه «زيكا» وهو طفل آخر في هذه المؤسسة سيحاول إخراجه من وحدته وعزلته. يستجيب «حاريس» الذي سيطلق عليه الأطفال في الملجأ إسم «بوتشيكا»، لمحاولات «زيكا» وصديقته «أليسا» لاكتشاف هذا العالم المجهول بالنسبة إليه، وسيتمكن بفضلهما من تحقيق تقدم كبير في الملجأ. لكن في سنة 1992، وبعد أن اندمج بشكل جيد في المجتمع، يتم إعادته قسرا من قبل السلطات المحلية إلى البوسنة التي تمزقها الحرب، لا لشيء إلا لأنه يحمل اسما مسلما «حاريس». تتبدل مجريات الأمور ويتطور ‹›حاريس›› في ردود أفعاله واستجابته للأحداث التي سيعيشها بعد انتحار ‹›زيكا›› ومغادرة ‹›أليسا « للملجأ، مصدري الثقة والأمان لديه، ويزج به إلى عالم ينقل فيه المخرج المشاهد إلى فترة الحرب الأهلية حيث تتلقفه يد أحد أطراف النزاع التي ستمنحه سلاحا ليشارك في القتال. وتنتهي أحداث الفيلم بنفس مشهد البداية، ‹›حاريس›› ملقى على أرض الغابة وذئب ينظر إليه، وهي نهاية مفتوحة يترك فيها المخرج للمشاهد حرية اختيار وتخيل مصير الطفل، بين مواصلة الطريق نحو استعادة الآدمية، أو النكوص نحو ما كان عليه في بادئ الأمر في حياة الغابة. يشار إلى أن فوك رسوموفيتش مخرج وكاتب سينمائي صربي، ولد عام 1975 في بلغراد. وهو خريج كلية الفنون الدرامية بالمدينة نفسها، كما درس علم النفس التحليلي. واشتغل لفترة في التلفزيون وكتب سيناريوهات مجموعة من الأفلام القصيرة والمسلسلات التلفزيونية. ومن بين الأفلام القصيرة التي كتب أو ساهم في كتابة سيناريوهاتها، ‹›فيروس›› (2001)، ‹›سقوط حر›› (2004)، و››في الليل›› (2013). كتب فوك رسوموفيتش سيناريوهات أفلام وثائقية ومسلسلات تلفزيونية وأفلاما قصيرة، فضلا عن مسرحيات عرضت بكبريات المسارح بصربيا. في 2007 ، أسس شركة لإنتاج الأفلام القصيرة والوثائقية. ويعد فيلم «إبن لا أحد» فيلمه الطويل الأول كمخرج. وقد قام بأداء الأدوار في هذا الفيلم كل من دونيس موريتش (هاريس) وبافلي سيميريكيتش (زيكا) وإيزيدورا يانكوفيتش (أليسا) وميلوس تيموتيجيفيتش (إيلك).