الطّائرُ الذي هوى منْ علٍ واسْتبدلَ ريشَهُ بساقيْن صغيرتيْنِ مشى بينَ العميانِ كمنْ يُدحْرجُ بعضُه بعضاً في منْحدرٍ وعرٍ فرِحا بِخشْخشةِ العُشبِ اليابسِ تحت قدميهِ الطّائرُ الذي هوى من علٍ وصار دليلَ ركبانٍ، ومنْشدينَ كان فكرةَ راعٍ قديمٍ عن المحو! الراعي القديمُ كانَ أيضاً جبلاً كثيرَ الشّكوَى من طيشِ الرّياحِ وغرْبتهِ فساقَ إليهِ الربّ قُطعانا من الماعزِ، والسّباعِ تقضمُ أطرافهُ ويحْرسُها! أنتِ أيضاً كنتِ فكْرةَ شاعرٍ أعمى عن تَعاقبِ الليلِ والنهارِ وكنتُ دليلَكِ إلى مخابئِ العاصفةِ تلك الْعاصفةُ كانت شهْقةً محبوسةً في جوفِ خائفٍ وكان الكهفُ فمَهُ المفتوحَ على الْعدمِ! الطّائرُ الذي كلّما حكّ بضحكتِهِ خاصرةَ السّماءِ تداعى العميانَ إلى بيْتهِ راقصينَ ومبْتهجينَ بارتدادِ الضّوءِ إلى أصابعِهمْ الطّائرُ الذي حجبَ الجبالَ بساقيهِ النّحيفتيْنِ كما لوكانتْ حَصَياتٍ صغيرةً وما نامَ بين الجدرانِ، وألسنةِ الرّواةِ الطّائرُ الذي نجا من طلقةٍ غامضةٍ واستبدلَ ساقيهِ المكسورتيْنِ بغابتيْنِ كثيفتيْنِ من النخلِ، والبخارِ كانَ فكرةَ جَدّ بعيدٍ عنِ القيامةٍ! كأنّما يدٌ خرجتْ من الجدارِ وانْحنتْ على ظلٍ مهملٍ في أقصى الجدارِ بلّلتْ حواشيهِ بالنّدى والرذاذِ وأرْضعتْهُ طويلاً حتى إذا بلغَ السّيلَ وانْفتحتْ بينَ ناظريهِ أحْداقُ الغرْقى، وبقايا أذرعِهمْ تعالى إلى أمّه، ولهاثِها فرحاً بما رأى في محاجرِهمْ من شجرٍ، ومساكنَ آهلةٍ بالنّجومِ اليدُ التي خرجتْ من الجدارِ وصارتْ سقيفةً وسلالةً كثيرةَ الأعشابِ كانتْ فكرةَ جَدّ بعيدٍ عن الأملِ!