كعادته في كل لقاء، كان عبد الفتاح كيليطو عشية الجمعة 15 فبراير، بقاعة «فضاء المتوسط»، عميقا في حديثه الى جمهور المعرض الدولي للكتاب في نسختة الخامسة والعشرين.. الجمهور الذي تعود الانصات الى كتابات صاحب «لن تتكلم لغتي» و»العين والإبرة»، باحثا عن أدب حقيقي يصنعه الكتاب المتواضعون والمجددون، كانت له فرصة التعرف على آخر كتابات كيليطو الموسوم ب «من نبحث عنه بعيدا يقطن قربنا» في نسخته العربية التي ترجمها الشاعر إسماعيل الزيات. الأكاديمي والناشر عبد الجليل ناظم، في تسييره للقاء اعتبر أن كيليطو « يدهشنا دوما بأسلوبه الحذر، هو الذي ينفلت من الثنائيات القاتلة.» ، فيما قدم الباحث محسن العتيقي ورقة حول الكاتب والكتاب، تطرقت الى إسهامات كيليطو في مقاربة النصوص التراثية في الثقافتين العربية والغربية بمنهجية بحثية تزاوج بين القديم والمحدث.. ولم ينكر صاحب «الأدب والغرابة» وهو يتحدث عن كتابه الاخير، استعارة عنوانه من يوميات فرانز كافكا، قبل أن يشير الى كتاب آخر له يحمل نفس المعنى أي كتابه «أتكلم جميع اللغات لكن بالعربية». وفي سياق حديثه عن الترجمة ودورها في الانفتاح على أدب الآخر البعيد ، والتقريب بين الثقافات، اعتبر صاحب «أنبئوني بالرؤيا» أن «الترجمة هي اللغة العالمية بامتياز حيث تجعل كل الأعمال الأدبية متاحة وفي المتناول» حسب تعبيره، بالرغم من قصورها في بعض الحالات عن الاحتفاظ لبعض الكلمات أو العناوين، خاصة في الكتابات التراثية، بنفس المعاني كالعناوين التي تعتمد السجع، لافتا الى أن بعض العناوين تحمل مفاجأة للقارئ وللمؤلف قبله. وساق كيليطو للتدليل على قصور الترجمة عن التعبير عن المعنى الحقيقي للعناوين بكتابه «حبر خفي» الذي يضع القارئ، بدءا من عتبة العنوان، أمام كتابين ما يجعل الترجمة والحفاظ على ازدواجية المعنى الكامنة فيه أمرا صعبا بل مستحيلا في بعض الاحيان لأن اللغة حسب كيليطو» واعية بشكل دائم، وهي تقف بالمرصاد باستمرار، وتنتظر فقط الوقت المناسب للتعبير عن المعنى المستتر». كيليطو عرج بجمهور الحاضرين الى عوالم الحكاية التي أسعفته في إيجاد عناصر وصفته السحرية التي تجعل القارئ مشدودا الى كتاباته ، تلك الوصفة التي تتكئ على الحكاية سندا هو الذي اكتشف ولعه بعوالمها بعد أن تربت مخيلته منذ الصغر على ما تمنحه من دهشة، لذا مازالت تتسلل الى أي بحث أو دراسة يشتغل عليها، مسرا للحضور بكونه كان يحلم بأن يكون منظرا للأدب قبلأن يفشل في ذلك.