انعقاد مجلس إدارة مؤسسة دار الصانع: قطاع الصناعة التقليدية يواصل ديناميته الإيجابية    الحسيمة.. انقطاع مياه الري بسبب سد واد غيس يفاقم معاناة الفلاحين ومربي الماشية    تبادل معطيات بين مكتب الصرف والضرائب يفضح شركات "العجز المزمن"    أكادير.. توقيف شخص للاشتباه في تورطه في المضاربة في تذاكر مباريات كأس إفريقيا    سوريا: 5 قتلى في انفجار داخل مسجد    قطاع الصحة على صفيح ساخن وتنسيق نقابي يعلن وقفات أسبوعية وإضرابا وطنيا شاملا    ضربة موجعة لشبكات التهريب وإحباط تهريب أزيد من 8 أطنان من الشيرا بميناء طنجة المتوسط        "كان المغرب".. أسود الأطلس في اختبار حقيقي أمام مالي ومواجهة نارية بين مصر وجنوب أفريقيا    الليلة بالرباط.. أسود الأطلس أمام اختبار مالي لحسم التأهل مبكرا    لا أخْلِط في الكُرة بين الشَّعْب والعُشْب !    النيابات العامة عالجت أزيد من 497 ألف شكاية السنة الماضية    "كاف" ينفي صحة أنباء توزيع تذاكر مجانية على الجماهير    توقيفات جديدة في فضيحة مراهنات داخل كرة القدم التركية    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    تَمَغْرِبِيتْ" وعاء سردي يحتضن جميع المغاربة    محكمة صفرو تدين مغني الراب "بوز فلو" بالحبس موقوف التنفيذ وغرامة مالية        زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية وطقس بارد إلى غاية يوم السبت    تريليون يوان..حصاد الابتكار الصناعي في الصين    إجراءات مالية وجامعية بفرنسا تثير مخاوف تمييزية بحق الطلبة الأجانب    التواصل ليس تناقل للمعلومات بل بناء للمعنى    «كتابة المحو» عند محمد بنيس ميتافيزيقيا النص وتجربة المحو: من السؤال إلى الشظيّة    الشاعر «محمد عنيبة الحمري»: ظل وقبس    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    السلطة القضائية تنضم إلى البوابة الوطنية للحق في الحصول على المعلومات    الأمطار ترفع مخزون السدود بالمغرب إلى 5.8مليار م3 والثلوج ترسم خريطة بيضاء بحجم كرواتيا    على هامش كأس إفريقيا.. معرض ثقافي إفريقي وأجواء احتفالية تجذب الجماهير في تغازوت    تبوريشة مغربية أصيلة    أخبار الساحة    «خاوة خاوة» تطبع أول مباراة للجزائر بالمغرب منذ القطيعة الدبلوماسية    عدد من أفرادها طلبوا التقاط صور مع العناصر الأمنية .. الأمن المغربي «يخطف» أبصار وإعجاب جماهير الكان    جمعية هيئات المحامين تطالب بسحب مشروع قانون المحاماة وتتهم الحكومة بالتنصل من التوافقات    إلى ساكنة الحوز في هذا الصقيع القاسي .. إلى ذلك الربع المنسي المكلوم من مغربنا    الحق في المعلومة حق في القدسية!    أمريكا تستهدف "داعش" في نيجيريا    روسيا تنمع استيراد جزء من الطماطم المغربية بعد رصد فيروسين نباتيين    كان 2025 .. المغرب يرسخ دولة الاستقرار ويفكك السرديات الجزائرية المضللة    أسعار الفضة تتجاوز 75 دولاراً للمرة الأولى    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    طقس ممطر وبارد في توقعات اليوم الجمعة بالمغرب    المنتخب يحمس مطاعم ومقاهي طنجة    لاعبو المغرب يؤكدون الجاهزية للفوز    مقاييس التساقطات الثلجية خلال ال 24 ساعة الماضية    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    نبأ الجميلي تناقش أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة تركيّة    حين تفتح سانت بطرسبورغ أبوابها ويخرج المغرب من الضوء    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    2025 عام دامٍ للصحافة: غزة تسجل أعلى حصيلة مع 43% من الصحفيين القتلى حول العالم    14 دولة تندد بإقرار إسرائيل إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة    الجزائر تُقرّ قانوناً يجرّم الاستعمار الفرنسي ويطالب باعتذار وتعويضات.. وباريس تندد وتصف الخطوة ب«العدائية»    إطلاق خط سككي جديد فائق السرعة يربط مدينتين تاريخيتين في الصين    الصين تكتشف حقلا نفطيا جديدا في بحر بوهاي    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التلوث : الدماغ في خطر

عدة ملوثات كيماوية مثل الرصاص و الزئبق و «البيسفينول » .. أو غيرها، تلحق ضررا كبيرا بتطور الدماغ و تقلص القدرات المعرفية، مما يهدد بتدني ذكاء الأجيال القادمة
من بين جميع الأمراض غير المعدية، تُعد وتيرة مرض التوحد الأكثر ارتفاعا لدرجة من الصعب تصديقها. ففي مارس المنصرم نشرت مراكز مراقبة الأمراض و الوقاية الأمريكية آخر التقديرات حول قابلية الفتيان و الفتيات البالغين 8 سنوات بالولايات المتحدة لمرض التوحد . و حسب هذه الأرقام، فإن طفلا من بين 68 يتعرض لواحد من الأمراض السلوكية العقلية القريبة من التوحد.
و المثير في الأمر ليس الرقم المرتفع في حد ذاته، بل هو سرعة تطور المرض: فهو أكثر بنسبة 30 بالمائة من الذي نُشر قبل سنتين فقط (واحد من 88 طفلا) من طرف نفس المؤسسة، كما أنه تضاعف خلال أقل من عشرية واحدة. فخلال العشرين سنة الماضية، أكدت المعطيات الأمريكية تسارعا كبيرا لمعدل هذه الاضطرابات، فهي أكثر 20 أو 30 مرة من تلك التي تم تشخيصها في السبعينات، و ذلك ، حسب تقرير مراكز مراقبة الأمراض و الوقاية الأمريكية المذكورة، و يمثل 40 بالمائة من هؤلاء الأطفال الذين تم تشخيص حالتهم بالولايات المتحدة معدل ذكاء أقل من 70 .
كما لوحظ ارتفاع قوي في بعض الاضطرابات السلوكية العقلية ، مثل النشاط المفرط أو خلل الانتباه خلال السنوات الماضية. فهذه الاضطرابات التي كانت تمس 7,8 بالمائة من الأطفال المتراوحة أعمارهم بين 4 و 17 سنة في 2003 ، قد ارتفع معدلها إلى 9,5 بالمائة سنة 2007 ثم إلى 11 بالمائة سنة 2011 . و أصبح طفل من كل ستة أطفال بالولايات المتحدة مُصابا بواحد من الاضطرابات التي تمس الدماغ.
في كتاب علمي صدر مؤخرا (ضياع العقول: كيف تؤثر البيئة و التلوث على الذكاء البشري و الصحة العقلية) للباحثة في المتحف القومي للتاريخ الطبيعي بأمريكا "باربرا ديمينيكس" ، تؤكد هذه الأخيرة أن الارتفاع السريع لوتيرة الاضطرابات السلوكية العقلية، يرجع في جزء كبير منه، إلى تعرض الساكنة عموما لبعض الملوثات الكيماوية الشائعة، و خصوصا النساء الحوامل و الأطفال الصغار.
و حسب هذه الباحثة، فإن هذا الوضع لا يمثل إلا الجزء الظاهر من مشكل أكثر اتساعا، و هو مشكل تآكل أو تراجع القدرات المعرفية للأجيال الجديدة بسبب تعرضها المتزايد للمعادن الثقيلة و لمواد كيماوية مركبة. و بذلك فقد أصبحت هذه الظاهرة موضع اهتمام كثير من المنشورات و الأبحاث العلمية. لدرجة أن البروفيسور "فيليب غرانجان" من جامعة هارفارد، تحدث عن "تسرب كيماوي من الدماغ" .
و في هذا السياق تقول الباحثة "باربرا ديمينيكس" إن "ارتفاع وتيرة الإصابة بالتوحد بلغ درجة لا يمكن تفسيرها بالجينات الوراثية وحدها دون إدخال العوامل البيئية." فكيف يمكن تفسير مثل هذا الوباء؟
بالنسبة للباحثة المذكورة، فإن أحد الأسباب الرئيسية لهذا المرض هو انتشار جزيئات كيماوية مركبة قادرة على التأثير في عمل الغدة الدرقية. «منذ عدة سنوات، يتمثل عملي في فهم كيف يمكن للشرغوف (فرخ الضفدع الشبيه بالسمكة) أن يتحول إلى ضفدعة. و تبين لي أن الجزيئات المفتاحية لهذا التحول هي الهورمونات الدرقية، التي تلعب دورا حاسما في التحولات المهمة في عملية التطور. و بسعيي لفهم الكيفية التي تعمل بها هذه الهورمونات في تحول الشرغوف، طرحت على نفسي نفس الطراز من الأسئلة حول دورها في تطور الدماغ البشري».
فالهورمونات الدرقية معروفة بدورها في تعديل تعبير الجينات التي تقود تشكيل البنيات الدماغية المعقدة مثل القشرة الدماغية (كورتيكس). و في هذا السياق يقول البروفيسور "طوماس زولر" من جامعة ماساشوستس و الخبير في الجهاز الدرقي : «نعلم يقينا بأن الهورمونات الدرقية تلعب دورا محوريا في تطور الدماغ» .
و في كتابها توضح "باربارا ديمينيكس" أن أغلب المواد المعروفة بتأثيرها على تطور الدماغ، تتداخل مع الجهاز الدرقي. هذه الجزيئات الكيماوية ليست جميعها مشتبها فيها في زيادة مخاطر مرض التوحد، لكنها كلها قادرة على التأثير على السلوك أو القدرات المعرفية للأطفال الذين تعرضوا لها أثناء تواجدهم في الرحم أو خلال طفولتهم المبكرة. فهذه الجزيئات الكيماوية و كذا بعض المعادن الثقيلة مثل الزئبق، قادرة على التشويش على وظيفة الجهاز الدرقي ..» .
فالبروم (مكون كيماوي يستخدم كمطهر) مثلا بإمكانه امتصاص اليود في الغدة الدرقية، و نتيجة لذلك يقل إنتاج هذه الأخيرة من الهورمونات، كما أن مكونات الكلور تؤثر على توزيع الهورمونات على الأنسجة، بينما يمكن للزئبق التأثير على الإنزيمات التي تساعد الهورمونات...فحينما تتعرض امرأة حامل لمثل هذه المواد، فإن الجنين يتعرض لها بدوره، و بالتالي فإن بناء و تكوين دماغه لن يتم بالشكل الكامل، و للحد من تأثيرات هذه المواد يؤكد الخبراء على ضرورة تقديم جرعات إضافية من اليود للمرأة الحامل لضمان عمل الجهاز الدرقي بشكل طبيعي.
بيد أن المشكل هو أن المواد المشتبه في تأثيرها السلبي على مسلسل النمو الدماغي كثيرة و كثيرة جدا ، فالكيماويون قد ركبوا عدة مواد كيماوية و منتشرة (في المواد الصناعية و المنزلية..) شبيهة بالهورمونات الدرقية. و الأصعب أن هذه المواد الشبيهة و المُقلدة للهورمونات من الصعب اكتشاف تأثيرها على تراجع الذكاء البشري و إذا تم اكتشافه فبعد مدة طويلة، فلو أن "التاليدوميد" (دواء تم سحبه من الأسواق في الستينات) تمثل تأثيره في خسارة عشر نقط من معدل الذكاء، عوض التشوهات البدنية الظاهرة لدى الأطفال (الذين تناولوه من خلال أمهاتهم)، لكان لايزال في الأسواق.
فتراجع معدل الذكاء و كذا الاضطرابات السلوكية العقلية مثل النشاط المفرط أو اضطراب الانتباه أو التوحد "هي نقطة ضعف نظام المراقبة كما يقول طوماس زولر إذ أنها اضطرابات مركبة و غير متجانسة، و بالتالي فهي تفتح الكثير من الجدل حول "حقيقة" مسبباتها.
و لا يمس هذا الأمر ذكاء الأجيال القادمة ، و لكنه يمس الصحة بمعناها الواسع. فقد لاحظ علماء الأوبئة منذ زمن أن الأشخاص ذوي معدلات الذكاء الأعلى يعمرون أكثر من ذوي المعدل الأقل، و بالتالي فعدم التعرض لمثل هذه الملوثات الكيماوية لا يضمن ذكاء أكثر، بل يضمن أيضا مقاومة أكبر للأمراض غير المعدية.
عن صحيفة «لوموند» الفرنسية
عدد 3 دجنبر 2014


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.