الدكتور سعيد يقطين في ضيافة بيت المبدع بخريبكة احتضنت الخزانة الوسائطية بخريبكة مساء يوم الاربعاء 23 يناير 2019، لقاءأدبيا وثقافيا مميزا، نظمه بيت المبدع فرع خريبكة بالمغرب، استضاف فيه الدكتور سعيد يقطين هرم السرد، وصاحب بناء مشروع ثقافي نقدي مترابط ورؤية متكاملة إلى التراث العربي الإسلامي.. قبل أن يبدع ويمتع بمداخلته القيمة حول السيرة الشعبية «الكائن و الممكن»، سافر بالحضور إلى محطات ذاكرته الطفولية، وخصوصا وهو في سن مبكرة؛ اهتم بحضور حلْقة الراوي «عمر العيار» وهو يحكي سيرة سيف بن ذي يزن، وكيف تطوّر حبّ هذه السير الشعبية من الفرجة الى محبة اقتناء كتب السيرة الشعبية المتواجدة ب «الجوطية». وما بلغ سن الخامسة عشر حتى كان قد أتم قراءة جميع السير الشعبية العربية القديمة…من هنا تفتّق ولعه بحبّ البحث والنبش في أغوار العديد من المواضيع الادبية ؛ منها على سبيل المثال لا الحصر: الشعر المغربي في الستينات،التراث السردي العربي القديم، البحث في السير الشعبية القديمة وغيرها من العناوين التي تمخضت عنها فكرة البحث عن نظرية تشكل خصوصية التمثيل السردي وموقعه من النظرية الادبية والنقد الثقافي. يقطين أبدى اهتمامه بالثقافة الرقمية والأدب الرقمي، مؤكدا أن ثقافتنا العربية قرينة بالزمن الواحد الذي نعيشه، المتصل بالزمن القديم وبالمستقبل من خلال الرقمي، معتبرا أن الرواية كشكل سردي تستوعب كل الأنواع والأجناس القديمة والحديثة، إلا أنه يرى أن السيرة الشعبية أغنى من الرواية؛ خصوصا في جانب بنية الإطناب وهو عنصر مركزي في تشكيل السيرة الشعبية ومن ثمة يقول « لا بد من إعادة النظر في الأجناس الأدبية «، مضيفا أن الخبر والحديث والشعر يفرض وجوده، وقد يكون جزءا من الحديث أو الخبر كما هو الشأن في السيرة الشعبية» تغريبة بني هلال « التي كانت تروى شعرا .. وقد أشار الدكتور سعيد يقطين إلى الصعوبات والعقبات التي كابد معاناتها في مشوار بحثه في مخطوطات السير الشعبية العربية، وتنقله بين البلدان العربية والأوروبية للتدقيق والتمحيص في أصولها؛ مثل سير سيف التيجان، عنترة بن شداد، سيف بن ذي يزن، والأميرة ذات الهمة…وغيرها من السير التي جمعت كنصوص نهائية في القرن السابع والثامن، والتي يعدّها نصوصا سردية تقدم التاريخ الشعبي الذي انتقى أبطالا من شخصياتها كانوا إما ملوكا أو عبيدا أو مماليك ؛ كشخصية عنترة بن شداد الفارس في ساحة الحرب وساحة الشعر، حيث تبنى هذه السير غالبا على بطلين، ثنائية الانتصار ومواجهة الهزائم، وبالتالي فهي تقدم تاريخا مخالفا لما تقدمه كتب التاريخ الرسمية… وقد زكى الدكتور سعيد يقطين مداخلته الغنية بتواضعه الكبير، وختم اللقاء بتأكيد حماسه وشغفه بالسيرة الشعبية لكونها موسوعة حكائية حاولت أن تستجمع كل ما تفرق من أخبار وقصص وحكايات في الابداع العربي، ولأنها وليدة تراكم تاريخي ساهمت فيه. والراوي الشعبي مثقف لم ينل ابدا الحضوة في البلاط والذاكرة العربية الاسلامية بقدر ما اهتمت به أقلام الثقافات الاجنبية. وهذا ما يستوجب الاشتغال على السيرة الشعبية من كل الزوايا الأدبية النقدية، الجمالية الأخلاقية والفنية واستنطاق مخزونها التراثي بعوالمه العجائبية والخالدة في الذاكرة الشعبية للإنسان العربي، لأنها من أهم كلاسيكيات الأدب العربي. وقد ركزت التدخلات على سرّ الاهتمام بالسيرة الشعبية باعتبارها تاريخا يرمز للحياة الواقعية من محطات شعبية رحاها « الحلقة «التي لم تنل حقّها من الاهتمام ودورها الفعال في التثقيف والتربية الاخلاقية والجمالية من قبل الفاعلين والدارسين . وفي الأخير،تسلم المبدع والباحث سعيد يقطين درع السيرة الشعبية من بيت المبدع وهو من إنجاز الفنان التشكيلي إدريس امامي .