أكد الناقد المغربي سعيد يقطين أنه لا يمكن للنقد بمختلف أجناسه أن يتطور دون إرساء تقاليد الصحافة الثقافية في المغرب. وقال يقطين ، مساء أمس الأربعاء في برنامج "مشارف" الذي تبثه قناة (الأولى) ، إنه "لا يمكن للنقد الأدبي والفني والسينمائي والتشكيلي أيضا أن يتطور في غياب إرساء تقاليد الصحافة الثقافية في المغرب" معتبرا أن "عدم تعاقد اليوميات مع نقاد وتخصيص زوايا لهم في الصحافة المكتوبة ، لن يتسنى بدونه خلق تقاليد وعلاقات جديدة بين الإعلام والناقد الأدبي". وأبرز أن المصطلح يشكل عنصرا أساسيا في كل عمل نقدي، باعتبار أن الناقد عندما يشتغل من خلال تصور معين يرتقي بفهم النص الأدبي إلى مستوى أعلى وهو ما لا يتيحه النقد الانطباعي ، مؤكدا أن تميز النقد المغربي جاء من إنتاجه للعنصر العلمي في المصطلح النقدي وهو ما كان غائبا . وأضاف أن " تقديم لغة نقدية جديدة لمصطلحات جديدة قد تبدو فعلا صعبة ، ولكننا نجد أن العديد من المصطلحات النقدية صارت اليوم جزءا من اللغة اليومية". وأشار الناقد المغربي إلى أن أي قراءة كيفما كان نوعها هي محاولة للارتقاء بالنص إلى مستوى يمكن أن يعبر عنه بكيفية لا تظهر خلال القراءة العادية ، موضحا أن ذلك هو "الدور الحقيقي للنقد بمفهومه الجديد وهو الانتقال من الفهم على المستوى العادي إلى مستوى أعمق". واعتبر يقطين أن الناقد ، الذي لا ينجح في تفعيل الدور الحقيقي للنقد ، يظل لا يحسن التعامل والتعاطي مع الأعمال التي يسعى إلى إبداء رأيه فيها ونقدها ، " فكثير من النقاد تعوزهم المصطلحات والرؤية الدقيقة والواضحة وهو ما لا يتيح الحكم على التجربة النقدية ككل". وفي هذا السياق ، يرى الأستاذ يقطين أنه "لا يمكن الحكم على تجربة إبداعية ما من خلال نقد انطباعي ، أي من خلال السماع عنها أو قراءات انطباعية عادية عنها ، ولكن ينبغي التسلح بثقافة نقدية ترتكز على خلفيات معينة حتى يتسنى للنقاد القيام بدور الوسيط بين ما هو علمي وإعلامي وهو ما تفتقد إليه الساحة النقدية المغربية". وبخصوص العلاقة بين العمل الأكاديمي والنقد الإعلامي ، أكد الأستاذ سعيد يقطين على أهمية العمل الأكاديمي وضرورته بالنسبة لمجال اشتغال العلماء ، إلا أنه شدد على أنه ينبغي للناقد الصحفي الإعلامي فقط أن يكون على اطلاع على التجربة الأكاديمية ويسعى من خلالها لربط الجسور بين العلمي والإعلامي، كما هو الشأن بالنسبة لدور المربي المتمثل في نقل الثقافة العلمية الأكاديمية إلى المستوى الإعلامي والصحفي لكي يتأسس النقد الإعلامي والصحفي على أسس مغايرة للمستوى الأكاديمي. وعن علاقة المجال النقدي بما يعرفه العالم من طفرة تكنولوجية ، قال يقطين إن العالم يشهد حاليا تطورا على مستوى الوسائط ، حيث تم الانتقال من الشفوي إلى الكتابي إلى الطباعي ، مبرزا أنه في المرحلة الجديدة أصبح الوسيط والعنصر الأساسي في إنتاج المعلومات وتلقيها هو الحاسوب الموصول بالفضاء الشبكي ، من حيث أنه أوجد وسائل وتقنيات جديدة للإنتاج الأدبي". وأضاف أن النقد الأدبي "من خلال ذلك ، صار منفتحا أكثر على ما تقدمه هذه التكنولوجيا حيث أصبح يتعامل مع الصوت والصورة ، لذلك فصورة النقد في العصر الرقمي ستصبح مختلفة عن النقد التقليدي". والأستاذ سعيد يقطين من مواليد الدارالبيضاء سنة 1955، حاصل على دكتوراه دولة في الأدب من جامعة محمد الخامس بالرباط ، وعمل أستاذا بكلية الآداب بالرباط. ومن بين إصدارات يقطين "النص المترابط ومستقبل الثقافة العربية : نحو كتابة عربية رقمية" و"القراءة والتجربة" و"تحليل الخطاب الروائي .. الزمن ، السرد والتبئير" و"انفتاح النص الروائي .. النص-السياق" و"الرواية والتراث السردي"، و"ذخيرة العجائب العربية (سيف بن ذي يزن)" و"الكلام والخبر .. مقدمة للسرد العربي" و" قال الراوي : البنيات الحكائية في السيرة الشعبية".