بجيجو: بفضل الرؤية المتبصرة لجلالة الملك، باشر المغرب إصلاحاً طموحاً لاستباق الأزمات الصحية وتعزيز حكامة المنظومة الصحية    أطباء القطاع الحر يحتجون على الوضعية غير القانونية لهيأتهم الوطنية ويطالبون بانتخابات عاجلة    ارتفاع طفيف في أسعار الإنتاج بالصناعات التحويلية    أمرابط يقود الوداد لانتصار مهم على عزام التنزاني في كأس "الكاف"    تأجيل محاكمة إلياس المالكي بالجديدة    انخفاض ينهي تداولات بورصة البيضاء    المكتب الوطني للسكك الحديدية يتوقع أن يتجاوز رقم معاملاته الإجمالي 5 ملايير درهم سنة 2025    الجمعية المغربية لحقوق الإنسان تكشف في تقريرها السنوي استمرار تضييق الحريات وتدهور الحقوق الاقتصادية والاجتماعية خلال 2024    جددت المملكة المغربية وجمهورية الصومال الفيدرالية، اليوم الجمعة، التأكيد على إرادتهما المشتركة لتعزيز شراكتهما القائمة على التضامن الفاعل بين البلدين    الأطلس في قلب القفطان : رموز الطبيعة تلهم تصاميم أسبوع القفطان 2026    عن ترجمتها لرواية «حكاية جدار» للفلسطيني ناصر أبو سرور: الفرنسية ستيفاني دوجول تفوز ب «جائزة ابن خلدون – سنغور للترجمة»    ندوة وطنية بالصويرة تستقصي «ذاكرة الشاعر محمد السعيدي الرجراجي    الدورة 21 للمهرجان الدولي السينما والهجرة بأكادير تركز على قضايا الهجرة وتكرم رواد الصناعة السينمائية    هل كانت ترجمة قرار مجلس الأمن 2797 حيادية أو موجهة سياسيا؟    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    ترحيل جثامين أفراد الأسرة المغربية الأربعة ضحايا حادث اختناق في مالقة    النيابة العامة تلغي أزيد من 70 ألف برقية بحث طالها التقادم        الدار البيضاء .. التساقطات المطرية الأخيرة تنعش آمال الفلاحين    مولودية وجدة يستقبل الجريح رجاء بني ملال لتأكيد الصدارة    "أوروبا ليغ".. ليون إلى الصدارة وأستون فيلا يواصل عروضه القوية    كوريا واليابان تدرسان تقديم ملف مشترك لاستضافة كأس آسيا لكرة القدم 2035    طنجة.. توقيف شخصين ظهرا في فيديو وهما يقودان سيارتين بطريقة خطيرة ويعرّضان حياة المارة للخطر    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    منظمة الصحة العالمية تدعو لتوفير علاج العقم بتكلفة معقولة ضمن أنظمة الصحة الوطنية    جلالة الملك يهنئ رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية بالعيد الوطني لبلاده    حموشي يجدد دماء إدارته بتعيينات جديدة في خمس مدن    المغرب وإسبانيا يعقدان الدورة ال13 للاجتماع رفيع المستوى في مدريد خلال دجنبر المقبل            "فيفا" يكشف تفاصيل إجراء قرعة مونديال 2026 والوعاء الذي يضم المغرب    الوداد وأولمبيك آسفي يسعيان لمواصلة البداية القوية في كأس "الكاف"    إيران تقاطع قرعة كأس العالم 2026    أحكام نهائية ثقيلة في قضية "التآمر على أمن الدولة" بتونس    ترامب يفعلها من جديد... إعلان مفاجئ يربك العالم.    أكثر من 1.1 مليار شخص قاموا برحلات دولية خلال الأشهر التسعة الأولى من 2025    منظمة الصحة العالمية تنشر للمرة الأولى توجيهات لمكافحة العقم    انطلاق عملية تصدير أولى توربينات الرياح من معمل "أيون" بالدريوش نحو ألمانيا    مخرج فيلم "كوميديا إلهية " علي أصغري يقدّم مقاربة مبسطة للواقع في مهرجان الدوحة السينمائي    13 قتيلاً في قصف على ريف دمشق    128 قتيلا حصيلة حريق بهونغ كونغ    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    "العلم" تتوج بجائزة الحسن الثاني للبيئة في دورتها الخامسة عشرة        حجز 200 كلغ من اللحوم الحمراء الفاسدة بأحد المحلات بحي الديزة بمرتيل    مجلس النواب يصادق على قانون الانتخابات ويمرّر شرطاً تعجيزياً يُقصي الشباب من اللوائح المستقلة    وفاة داني سيجرين .. أول من جسّد شخصية سبايدر مان على التلفزيون    سريلانكا: ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات إلى 40 قتيلا على الأقل    المغرب .. 400 وفاة و990 إصابة جديدة بالسيدا سنويا    لبؤات الفوتسال إلى ربع نهائي المونديال بعد تخطي بولندا    فلسطين.. هل سيقوم المغرب بدور مباشر في عملية السلام إلى جانب الولايات المتحدة؟    الأوقاف تكشف عن آجال التسجيل الإلكتروني لموسم الحج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    الأمير مولاي رشيد: المهرجان الدولي للفيلم بمراكش يرسخ الحوار والاكتشاف    بعد ‬تفشيها ‬في ‬إثيوبيا.. ‬حمى ‬ماربورغ ‬تثير ‬مخاوف ‬المغاربة..‬    علماء يكتشفون طريقة وقائية لإبطاء فقدان البصر المرتبط بالعمر    إصدار جديد من سلسلة تراث فجيج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



القدسي والدنيوي في السرد العربي

عن دار «أبي رقراق» للنشر، صدر للباحث والناقد مصطفى النحال كتاب بعنوان «القدسي والدنيوي في السرد العربي»، وهو عبارة عن دراسة في خطابات المتخيل التي تندرجُ في سياقِ رصْد آليات الخطاب الرّحْلي في الثقافة العربية الكلاسيكية، سواء أتعلّق الأمْر برحْلة مُتخَيَّلة أمْ حقيقيّة. وقد آثر الباحث أنْ يقفَ عند شكليْن من أشكالِ هذا الخطابِ، ومن خلال تجربتيْن فريدتيْن في تراثنا العربي الإسلامي: تجربة متصوّف من القرن الثالث الهجري هو الحارث بن أسد المحاسبي البغدادي الذي كتب نّصّاً رحليّا مُتخّيلا في اتجاه الجنة، رحلة عمودية نحو الفضاء القدسي، وتجربة رحالة وجغرافيّ من القرن السادس الهجري هو أبو حامد الغرناطي الأندلسي، الذي كتب رحلة دنيوية تصف الأمْصار الوسيطية من خلال المكونات المختلفة لأدب الرحلات.
ومن ثمّ، يسعى هذا الكتاب إلى إبراز الخيط الرابط بين أشكال رحلية ووصفية وسردية تتباعد ظاهريا من بعضها البعض، غير أنّ التحليل المتأني والمقارِن يبيّن أننا أمام بنية سردية ووصفية متماثلة تكشف عن تنازُع خفيّ وشفيف بين الرغبة والقانون. وليس هناك ما يبرز هذه الوشائج غير مفهوم المتخيّل في جميع تجلياته.
لذلك انطلقَ هذا الكتاب من افتراض أنّ المتخيَّل الأخروي والدنيوي يخلق جغرافيته من خلال تفاعل المخيلة، باعتبارها مولّدة وطاقة منتجة، والمتخيل، بوصفه بنيةً - مُلتقى. وبذلك، فإنّ هذه الجغرافية الأخروية والدنيوية تستقي مواردها من الفردي والجماعي، من الوعي واللاّوعي، من الواقعي واللاواقعي، من المرئي والمحلوم به . فمن خلال هذا التفاعل، إذنْ، تتولد الخطاطات والمسارات.
في الباب الأول من هذا الكتاب، تناول الباحث بالتحليل والتأويل «كتاب التوهّمّ، باعتباره نصا أصيلا، من حيث ارتباطه الحميمي بكاتبه، سواء على مستوى اللغة الشفافة، أو المعجم، أو على مستوى الوظيفة التعبيرية لهذه اللغة. إنها لغة الذات والكينونة الروحية الكاشفة عن خصوصية المؤلف، والمُعبّرة عن منطق الرّغبة والحاجة. ومعنى ذلك أنّ المحاسبي ينطق باسم رغبة إنسانية عميقة، باسم صور وتمثلات واستيهامات في حاجة إلى من يشخصها عبر الكلام واللغة ويبرز خصوصيتها. وعلاوة على هذا، يقوم الخطابُ في «التوهّم» على الرؤيا الصوفية، النّاحتة لمستوى آخر من التراكيب اللغوية، والمُواضعات الدلالية لبنية الكلمة، وطرائق الوصف. تقوم هذه التراكيب على الكتابة الشذرية باعتبارها انزياحا عن الأشكال الخطابية المميزة للثقافة العربية الكلاسيكية، وتعبيرا جديدا له فرادته وخصوصيته. وعليه، فإنّ التعامل مع هذا النص يستند إلى كونه كتابة تروم الرؤيا والتخييل، ومن ثم تتجذر في تجربة الباطن والداخل بوصفها في تجربة روحية قائمة على الذوق والتأمل والترميز. وسيبلغ هذا الخط أوْجَه مع ابن عربيّ في معراجه. كما تطرق، في هذا الباب الثاني، لضرْبٍ آخر من المتخيّل، هو «المتخيل الدنيوي»، المتعلق بالرحلة التي تحمل القليل أو الكثير من الخطاب التاريخي والجغرافي وعلم الأطوال والعروض، كما أنها، من ناحية أخرى، قد تحمل القليل أو الكثير، من الخطاب السردي عبر مروياته الحكائية أوالأوتوبيوغرافية أو الخطابات الشعرية والنثرية. والسفر، كذلك « يسمح بالتصنيف، وهو في الوقت ذاته، يمكّننا من تلمّس خصائص الكتابة، ما دامت الرحلة نوعا أدبيا يقلص من دور المصادفة، ويقدم لنا، بقدر كبير، قواعد إنتاج النص وقواعد تلقيه معا».
لا يقتصر السفر، إذن، على فعل الارتحال ماديا، في الفضاء، بل إنه يعاد إنتاجه على مستوى الكتابة. فالآلاف من الناس يرتحلون دون أن يكونوا رحالة خلّفوا آثاراُ. السفر ارتحال من خلال النص، الذي يصبح رحلة جديدة تضيء الرحلة الفعلية السابقة. وبفضل السفر، في الكتابة، يصبح بإمكاننا أن نتحدث عن خصائص نوعية ميزت الرحلة عن غيرها مثل طغيان الوصف النابع من رحم السرد.
الرّحلة ليست فقط مشاهدة وملاحظة وسرد، وإنما هي، كذلك، استماع وإنصات لقصص وروايات ومشاهدات لأشخاص آخرين يلتقي معهم الرحالة، عن طريق الصدفة، أو بعد عودته من السفر. وإذا كانت الرحلة تميل إلى العجائبي، فلأن الذهاب في اتجاه المجهول يعتبر لحظة أساسية في اتجاه المغامرة الإنسانية. ومن ثم تقدم الرحلات، في الوقت ذاته، عدداً معيناً من المعطيات الواقعية، ونسبة لايستهان بها من الأخبار العجيبة والغريبة وهكذا، فإن بنية السفر، في الرحلة، هنا، تقوم أساسا على القصدية، التي تعني، من بين ما تعنيه، تحديد تواريخ الذهاب والإياب، والانتقال والمشاهدة والتدوين. إن هيمنة بنية السفر. هي التي تجعل الباحث يميل إلى التمييز بين ما يعتبر رحلة وبين ما ليس كذلك.
والرحلة، كذلك، تجربة ذاتية، ومعاناة خاصّة لتحقيق هدف معين كالذهاب إلى أداء مناسك الحجّ مثلا، كما هو الشأن بالنسبة لابن بطوطة، أو الذهاب لملاقاة شيوخ العلم، أو الخروج في مهمّة رسمية، كما هو حال ابن فضلان، أو لإرضاء فضول شخصيّ. ومع ذلك، فإن الرحلة ذاتها تعتبر جنسا أدبيا مفتوحا على مكونات وعلى أشكال تعبيرية متعددة،. إنها « بطبيعتها متعايشة ومشاركة للتاريخ والميثولوجيا والأدب فضلا عن الإثنوغرافيا».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.