سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في الجلسة الشفوية أمام حجم كارثة فيضانات جنوب المغرب : حكومة الغالب الله تفتش في أوراق الحكومات السابقة لإيجاد عذر غيابها في الملفات الأساسية للمواطنين
جاء عزيز الرباح أول أمس إلى البرلمان متأخرا، وأعلنت رئاسة الجلسة الشفوية التي خصصت حيزا هاما لأسئلة النواب حول الفيضانات التي شهدتها بلادنا، أن الوزير في رحلة تفقدية إلى المناطق المتضررة. لم تكن أسئلة النواب بردا وسلاما على الرباح رغم كل التضامن الذي أبداه فريق العدالة والتنمية مع وزيره في النقل والتجهيز، ورغم التخفيف اللفظي الذي نهجه الشركاء في الأغلبية، إلا أن استهلال مسلسل تحميل الحكومة المسؤولية في تدبير ملف الفيضانات بسؤال للفريق الاشتراكي تقدم به النائب البرلماني الحسين ودمين، فتح مسلسل التدخلات الإضافية التي أربكت الوزير عزيز الرباح، الذي تاه بين أرقامه وأوراقه التي حملها على عجلة من أمره، ولسانه يردد في أكثر من تنقل بين جملة وجملة: «الغالب الله». وإن تساءل الحسين ودمين عن هشاشة البنيات التحتية التي كشفتها الفيضانات الأخيرة، وعن مسؤولية الحكومة في تحديد باقي المسؤوليات، سواء تعلق الأمر بالسلطات المحلية أو الإدارية المركزية، فإن النائبة حسناء أبو زيد طالبت الرباح بقول الحقيقة للمغاربة كون حكومة بنكيران لا تملك الاستراتيجية في إدارة كافة الأزمات والكوارث ببلادنا، علما بأن الحكومة تعرف هشاشة قناطر وممرات الموت التي تهدد المواطنين. ورغم أن الموضوع تطلب إلقاء السؤال موحدا بين الفرق النيابية كلها، معارضة وأغلبية، فإن الرباح لم يستجمع قواه وفقد في رده، ما عهدناه فيه من قدرته على الترافع، والدفاع عن مهام وزارته، التي ظل يعدنا فيها بأزهار الربيع الفواحة بلغة « سنعمل وسنفعل، وسنواصل فتح ملفات الفساد بلوائح دون أرقام ولا أسماء، بل فقط هي لوائح للاستئناس في رقصة « الدبكة» التي تفنن الوزير فيها سيرا على نهج شيوخه في تعليم مريديهم ممارسة لغة الدفاع عن الذات بأسلوب: «نحن وبعدنا الطوفان»، وهي اللغة التي جعلت - من منطلق الرفض لهذا الاسلوب في الإجابة عن أسئلة نواب الشعب-ابن منطقة سيدي إفني النائب محمد بلفقيه ينتزع تدخلا إضافيا من رئيس الجلسة الذي حاول ثني النائب الاشتراكي عن ذلك، بتوظيف في غير محله للقانون الداخلي للبرلمان، في مشهد يبدو فيه الرئيس الآتي من الأغلبية البرلمانية منتصرا لحليفه في الحكومة، من أجل طمس حقائق مؤلمة نقلها بلفقيه، مسجلا في ذلك عدم معرفة الوزير بالحقائق في المنطقة المحاصرة بالمياه في أيت بعمران وإيمجاط و أيت الرخا ولخصاص وكافة الجماعات القروية البالغ عددها سبع عشرة جماعة، والتي أصبحت غالبية المنازل فيها في خبر كان، ناهيك عن وجود ساكنتها في العراء بدون مأوى ولا أكل ولا شرب . وهي الحقائق التي أكدتها مصادرنا من جماعة سيدي حسين اوعلي وجماعة لاربعة ايت عبد الله، والتي أكدت لنا أن سيدي افني أصبحت منطقة منكوبة بعدما هدمت كل القناطر المؤدية الى وسطها وتوزعت الى أربع مناطق يصعب التواصل في ما بينها، في غياب تام لكافة الوسائل من أجل العيش فقط . فعلا ذهب الرباح الى اليابسة المطلة على المناطق المنكوبة بجوار سيدي إفني حيث قدمت لوزير التجهيز والنقل واللوجستيك،- كما ذكرت المواقع الاخبارية الرسمية خلال هذا اللقاء الذي حضره عامل الاقليم صالح داحا وممثلو السلطات العسكرية والمدنية والأمنية، معطيات مرقمة حول الخسائر والاضرار البشرية والمادية المؤقتة الناتجة عن الفيضانات، والإجراءات الآنية المتخذة على مستوى فك العزلة عن الاقليم وفتح المحاور الرئيسية، وايواء ومساعدة المتضررين وتسريع وتيرة تشغيل مختلف المصالح الحيوية ومواكبة وتتبع الوضعيات المستعجلة والاستثنائية، وتوزيع الإعانات والمساعدات الغذائية على الأسر المتضررة، وهو اللقاء -حسب نفس المواقع الاخبارية- الذي استعرضت فيه الاجراءات المستقبلية المتعلقة، بإعداد مخططات ومشاريع للوقاية من الفيضانات والمخاطر وعدم إدراج الاماكن والمناطق المهددة بالفيضانات ضمن المشاريع العمرانية ،وإعداد برامج لبناء السدود للحد من آثار الفيضانات ومخطط إقليمي لبناء المنشآت الفنية. لكن زيارة الوزير للمنطقة والتي لم تدم إلا ساعة ونصف لم تجعل الوزير يقف عن قرب عند تفاصيل الفاجعة ونتائجها التي تحتاج الى فعل استعجالي آني لإنقاذ الأرواح المهددة بالإزهاق، نتيجة الوضع الكارثي في التغذية والصحة والسكن، لقد نسى الوزير وهو في خضم «الخواء» الذي أنتجته التجربة الحكومية المتميزة «بالتبوريدة بالبارود الخاوي» أن الوقت ليس مناسبا لتذكير المغاربة بأرقامه الورقية وببرنامجه المكحلة عيونه بالمداد الأسود، أو تذكيرهم بلون قميصه ولمعان حذائه وقيمة ثوب سرواله وسترته التي أغاظت البعض من شعبنا المقهور، كما أن الوقت ليس مناسبا للتباهي بعدد جولات حزبه الانتخابية قبل أوانها في المناطق والجهات ، بل كان على الوزير المسؤول أن يعي أن الوقت هو وقت تشمير على السواعد من أجل إنقاذ هؤلاء العالقين وسط الطوفان، من أجل الحد من مزيد من ضحايا كارثة طبيعية عجزت الحكومة عن تدبيرها وارتكنت إلى لغة البحث في دفاتر من سبقوها لعلها تجد عذرا لهذا العجز، وتلك هي اللغة التي عبر عنها الحبيب الشوباني في الدقائق المتبقية من زمن الحكومة في الردود على الأسئلة الشفوية، بالقول إن « ما حدث في فاجعة فيضانات الجنوب المغربي تتحمله الحكومات السابقة»، لكن حكومة بنكيران وجدت عبرة في كون كارثة 2009- 2010 في الفيضانات التي شهدها المغرب دبرت بكثير من المسؤولية في تحمل حجم خسائرها كما ذكرنا بذلك النائب الاشتراكي رشيد حموني عن دائرة بولمان الذي قال وسط نقاش امتد الى ممرات البرلمان «أن على الحكومة أن تستفيد من سابقاتها في تدبير مثل هذه الكوارث الطبيعية، وأن تقف عند حجم المساعدات التي قدمت لميسور في عز الأزمة الناتجة عن كوارث طبيعية». وفي قطاع العدل وجه عضو الفريق الاشتراكي سعيد بعزيز سؤالا حول الإجراءات التي اتخذتها الحكومة في ظل تزايد المطالبة الشعبية بعدم الإفلات من العقاب ومكافحة ومحاربة الفساد. والذي أوضح فيه المصطفى الرميد ، بكلام عام، أن وزارته تعمل على إحالة كافة الشكايات المحالة عليه على النيابة العامة طبقا للفصل 51 من قانون المسطرة الجنائية، وأنه قام هذه السنة بإحالة 21 تقريرا يخص الجماعات المحلية والمؤسسات العمومية، ويحيل تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وشكايات هيئة محاربة الرشوة، وشكايات المجتمع المدني، وأن الحكومة تتوفر على استراتيجية وطنية لمحاربة الفساد وهي مهتمة بالموضوع، وأن السؤال المطروح هو تعاون الحكومة والمواطنين والبرلمانيين. وعقب سعيد بعزيز على الإجراءات التي قام بها وزير العدل والحريات في ما يخص بعض الاتهامات التي وردت داخل هذه الجلسة أثناء مناقشة قانون المالية، وتحمل اتهامات لبرلمانيين بتلقي رشاوي. وتساءل عن الإجراءات والتدابير المتخذة بشأن محاربة الرشوة في الصفقات العمومية وازدواجية السلطة والمال، إذ أنه وفق ما تم التطرق إليه في اليوم الدراسي الذي نظمه الفريق الاشتراكي تحت شعار « الصحة خدمة عمومية» ، يوجد في الحكومة من عمدوا إلى اقتناء مصحات خاصة والقانون لم يخرج بعد لحيز التنفيذ، في وقت يطمئنون فيه المواطنين بأن القانون سيخرج ، وهذا ملف من ملفات الفساد، علما بأن الحكومة هي التي أطلقت المساهمة الإبرائية من أجل استرجاع الأموال المنهوبة، ولم ترجع شيئا إطلاقا، وهي الحكومة الوحيدة التي حملت شعار « عفا الله عما سلف» ولم ترجع ولو فلسا واحدا لهذه البلاد، في غياب أية إجراءات في هذا الصدد. وفي سؤال موجه الى وزير الأوقاف حول الاستعانة بخطباء من خارج الحقل الديني، أثار النائب البرلماني الاشتراكي موضوعا ظل هامشيا ومسكوتا عنه في تدابير الأوقاف التي يشكل الاستعانة بالخطباء والموظفين في قطاعات أخرى بمبالغ هامة، بوابة حقيقية للمزيد من البطالة في صفوف حفظة القرآن الذين يستحقون بالفعل هذه المناصب الدائرة في تخصصهم، هؤلاء الذين يعيشون تحت عتبة الفقر، في الوقت الذي لم تخرج فيه توضيحات أحمد التوفيق عن دائرة قناعاتها بأن هؤلاء الخطباء تمت الاستعانة بهم لتوسيع دائرة المعرفة بالشأن الديني، وأن المحظوظين لهم كفاءات ربما لا يمتلكها حفظة القرآن ممن توجهوا إلى تخصصاتهم من أجل اعتلاء منابر الخطب في المساجد التي أصبحت -ضمن هذه القناعة الحكومية- بعيدة المنال.